اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في ظل استمرار الحرب السودانية لأكثر من 27 شهرًا، يواصل تحالف القوى المدنية الديمقراطية 'صمود'، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تحركاته السياسية والدبلوماسية، واضعًا رهانه الأكبر على الدور الدولي، رغم شواهد الفشل المتكررة لمثل هذه الرهانات في التجربة السودانية.
حماس 'صمود' لاجتماع الرباعية.. غياب تام للواقع
بينما تتحضر واشنطن لاستضافة اجتماع الرباعية الدولية في 29 يوليو الجاري، الذي لن يُشارك فيه أي طرف سوداني، ظهر تحالف صمود أكثر الأطراف السياسية ابتهاجًا، مقدمًا الاجتماع كمنقذ سحري للأزمة السودانية، في تماهٍ غير مسبوق مع الأجندة الدولية، ومغفلًا حقيقة غيابه هو نفسه عن طاولة النقاش.
إشادة غير مبررة.. وتجاهل للموقف الوطني
منذ الإعلان عن الاجتماع، سارع 'صمود' للترحيب الواسع به، وامتدح الولايات المتحدة واصفًا اللقاء بأنه 'خطوة مهمة نحو إنهاء معاناة الشعب'، بينما قابلت قوى سياسية عديدة الأمر بتحفظ عقلاني، مؤكدين أن مرجعية الحل يجب أن تكون إعلان جدة، باعتباره إطارًا متوافقًا مع القانون الدولي الإنساني، ويضمن احترام سيادة السودان.
قوى وطنية ترفض.. لا للوصاية ولا لدمج المليشيات
أصدرت أطراف وطنية بارزة، منها تنسيقية العودة لمنصة التأسيس، وحزب المؤتمر الشعبي، والحراك الوطني، بيانات ترفض التدخلات الأجنبية، وتدعو لحوار داخلي سوداني، مع رفض أي تسوية سياسية تساوي بين الجيش والمليشيات، محذرين من 'صفقات مشبوهة' تهدف لشرعنة الدم والعنف تحت غطاء السلام الزائف.
تحالف صمود.. تطبيل متواصل لاجتماع غامض
رغم غموض الأجندة الحقيقية لاجتماع الرباعية، ذهب تحالف صمود بعيدًا في تمجيده، حتى أن خالد عمر يوسف وصفه بـ'الفرصة التاريخية'، فيما اعتبره الصادق المقلي 'الطلقة الأخيرة' لإنهاء الحرب، مطالبًا الجاليات السودانية في أمريكا بالتظاهر وتقديم عرائض للكونغرس، في مشهد أقرب إلى التهريج السياسي.
واقع مختلف تمامًا.. لا دعوة للسودانيين ولا حلول نهائية
على النقيض من رواية 'صمود'، تشير المصادر إلى أن الاجتماع سيكون استكشافيًا فقط، بغرض تبادل الأفكار بين واشنطن وشركائها في الرباعية (السعودية، مصر، الإمارات)، ولا يهدف إلى صياغة اتفاقات ملزمة، ما يعني أن كل التصريحات الحماسية التي أطلقها 'صمود' لا تعدو كونها أوهامًا سياسية.
الرباعية.. تناقض الرؤى يؤجل التفاهم
كان من المقرر عقد الاجتماع في 20 يوليو، إلا أنه تأجل إلى 29 منه بسبب غياب التوافق بين أعضاء الرباعية أنفسهم، وهو ما يضعف قدرة الاجتماع على اتخاذ قرارات مصيرية. وترجح التحليلات أن الإدارة الأمريكية تسعى لدمج مساري جدة والرباعية عبر صيغة توفيقية مدعومة من معهد واشنطن، دون وجود دور حقيقي لأي طرف سوداني.
صمود.. شريك خارجي لا يمثل الداخل
ينطلق تحالف 'صمود' في نشاطه من الخارج، معتمدًا على العلاقات الدولية واللقاءات الدبلوماسية، وهو ما يعكس انقطاعه عن الداخل السوداني. فبعد تجربة الحكم السيئة التي قادها، وتورطه السياسي مع مليشيا الدعم السريع، لم يعد يحظى بأي دعم شعبي يُذكر، وأصبح يُنظر إليه كمجرد واجهة سياسية للوصاية الإماراتية.
الرهان على الخارج.. استراتيجية عقيمة
يعكس تحرك صمود الإصرار على تكرار الأخطاء، فالتحالف لم يجنِ من رهانه على الخارج سوى العزلة الشعبية والانكشاف السياسي، إذ فشلت كل محاولاته السابقة في حصد أي نتائج ملموسة على الأرض، وأصبح نشاطه أقرب إلى استثمار استراتيجي في المشهد الخارجي، منه إلى حل حقيقي يعالج جوهر الأزمة.
تجربة مؤلمة لا يستفيد منها صناعها
بعد سنوات من التجريب، ما زال قادة 'صمود' يظنون أن مفتاح الحل يكمن في الخارج، متناسين أن كل التسويات المفروضة من العواصم الدولية سقطت سريعًا في السودان، وأن الإرادة الشعبية والقرار الوطني هما وحدهما القادران على إيقاف نزيف الدم. فهل يتعظ صناع الفشل أم يواصلون السير نحو هاوية جديدة؟.