اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
يرى عدد من الأخصائيين أن الطرق الشائعة لعلاج هشاشة العظام والوقاية منها لا تتوافق تمامًا مع الأدلة العلمية الحديثة، إذ غالبًا ما يُنظر إلى تيبّس الركبتين وآلام الوركين والمفاصل المزمنة باعتبارها جزءًا لا مفر منه من التقدم في العمر، غير أن العلم الحديث يكشف أن الحركة المنتظمة والتمارين الرياضية هي العلاج الحقيقي والوقاية الفعالة، وليس الأدوية أو العمليات الجراحية.
التمارين الرياضية.. الدواء الحقيقي للمفاصل
أوضحت كلوداغ تومي، أخصائية العلاج الطبيعي وأستاذة في كلية الصحة المساعدة بجامعة ليمريك، في تقرير نُشر عبر موقع “Science Alert”، أن أفضل علاج لهشاشة العظام لا يوجد في علب الدواء بل في الحركة، مؤكدة أن التمارين الرياضية هي الوسيلة الوحيدة المثبتة علميًا لتخفيف آلام المفاصل وحمايتها. وأضافت أن نسبة ضئيلة فقط من المرضى حول العالم يُحالون إلى هذا النوع من العلاج رغم فعاليته الكبيرة في تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة.
خلل في النظام الطبي العالمي
تشير الأبحاث في أنظمة الرعاية الصحية في دول مثل أيرلندا والمملكة المتحدة والنرويج والولايات المتحدة إلى أن أقل من نصف المصابين بهشاشة العظام يُحالون إلى العلاج الطبيعي أو التمارين الرياضية. وفي المقابل، يتلقى أكثر من 60% من المرضى علاجات دوائية لا توصي بها الإرشادات الطبية، فيما يُحال نحو 40% منهم إلى جراحين قبل تجربة الحلول غير الجراحية، وهو ما يثير قلق الأخصائيين بشأن طريقة التعامل مع المرض في الأنظمة الطبية الحديثة.
أرقام تنذر بالخطر
يُعدّ الفصال العظمي الشكل الأكثر شيوعًا من التهابات المفاصل، ويؤثر حاليًا على أكثر من 595 مليون شخص حول العالم، بحسب دراسة حديثة نُشرت في مجلة “The Lancet”، التي توقعت أن يقترب العدد من مليار حالة بحلول عام 2050، نتيجة لعوامل تشمل ارتفاع متوسط العمر، وأنماط الحياة الخاملة، والزيادة في معدلات السمنة.
الغضروف.. الإسفنجة التي تحتاج للحركة
الغضروف الذي يغطي أطراف العظام هو طبقة واقية وصلبة لا تمتلك إمدادًا دمويًا مباشرًا، وتعتمد في تغذيتها وتجددها على الحركة. فعند المشي أو الضغط على المفصل، ينضغط الغضروف ويحتبس السوائل، ثم يستعيد العناصر الغذائية عند تخفيف الضغط، تمامًا كالإسفنجة. لذا فإن الحركة المنتظمة تسمح للمغذيات والمواد المزّلقة بالدوران داخل المفصل، ما يحافظ على صحته على المدى الطويل.
تصحيح المفهوم الخاطئ عن هشاشة العظام
يرى الأطباء أن الاعتقاد السائد بأن هشاشة العظام مجرد “تآكل وتلف” بمرور الزمن هو تصور خاطئ، لأن المفصل ليس مثل إطار السيارة الذي يُستهلك تدريجيًا. بل هو نسيج حيّ يخضع لعمليات متكررة من التآكل والإصلاح، وتُعد الحركة المنتظمة عنصرًا جوهريًا في هذه العملية، إذ تساعد على تحفيز إصلاح الغضروف وتحسين الدورة الدموية داخل المفصل.
مرض يصيب المفصل بأكمله
لا تقتصر هشاشة العظام على الغضروف فحسب، بل تمتد لتشمل العظام والأربطة والعضلات والأعصاب المحيطة بالمفصل، مما يجعلها حالة معقدة تؤثر على وظائف الحركة بالكامل. ولذلك فإن العلاج الفعال يجب أن يكون شاملاً ويستهدف جميع هذه المكونات، وهو ما توفره التمارين العلاجية المصممة خصيصًا للمصابين.
التمارين العلاجية.. وسيلة استعادة القوة والتوازن
تُظهر الدراسات أن ضعف العضلات هو من العلامات الأولى لهشاشة العظام، ويمكن تصحيحه عبر تمارين المقاومة المنتظمة. كما تُسهم برامج التمارين العصبية العضلية في استعادة التحكم في حركة المفصل وتحسين التوازن والقوة، مما يعيد للمريض الثقة في قدرته على الحركة اليومية دون ألم أو خوف من الإصابة.
التمارين.. دواء شامل للجسم
تؤكد الأبحاث أن التمارين الرياضية ليست مفيدة للمفاصل فقط، بل تُعد دواءً طبيعيًا للجسم بأكمله، إذ تساهم في الوقاية من أكثر من 26 مرضًا مزمنًا. وفي حالة هشاشة العظام، تساعد التمارين على تقوية العضلات والغضاريف وتحسين الدورة الدموية، إضافة إلى الحد من الالتهابات وتنظيم الهرمونات والعمليات الأيضية التي تسهم في تطور المرض.
السمنة.. العدو الخفي للمفاصل
تُعد السمنة من أخطر عوامل الخطر للإصابة بهشاشة العظام، بسبب الضغط الميكانيكي الزائد على المفاصل. كما أن تراكم الجزيئات الالتهابية في الدم وأنسجة المفاصل يؤدي إلى تدهور الغضاريف وتسريع تطور المرض. وتشير الدراسات إلى أن النشاط البدني المنتظم يُمكنه عكس هذه التأثيرات، من خلال خفض الالتهاب وإصلاح الخلايا وحتى التأثير الإيجابي على التعبير الجيني المرتبط بالمفاصل.
لا دواء يُغيّر مسار المرض.. والرياضة أولًا
حتى الآن، لا توجد أدوية قادرة على إيقاف تطور الفصال العظمي أو عكس مساره. أما جراحات استبدال المفاصل فهي حل أخير وقد لا تُناسب جميع المرضى. لذلك، ينصح الأطباء بتجربة التمارين الرياضية أولًا والاستمرار فيها في جميع مراحل المرض، لأنها تقدم فوائد متعددة بأقل آثار جانبية ممكنة.
نمط حياة متكامل للحفاظ على المفاصل
يؤكد الخبراء أن الفصال العظمي لا يُعدّ مشكلة ميكانيكية فحسب، بل هو نتيجة تفاعل معقد بين ضعف العضلات، والالتهابات، والتمثيل الغذائي، والعادات اليومية. لذا فإن العلاج الحقيقي يكمن في اتباع أسلوب حياة نشط ومتوازن يجمع بين التمارين المنتظمة، والتغذية الصحية، والتحكم في الوزن، للحفاظ على قوة المفاصل وصحتها على المدى الطويل.


























