ليبيا تحت مجهر الأمم المتحدة بعد تقارير تعذيب وسوء معاملة اللاجئين

جنيف – نبض السودان

في جلسة مراجعة دورية عقدت أمس الثلاثاء بمقر الأمم المتحدة في جنيف، طالبت عدة دول ليبيا بإغلاق مراكز احتجاز المهاجرين، على خلفية تقارير حقوقية تشير إلى تعرض آلاف المهاجرين واللاجئين لانتهاكات جسيمة، تشمل التعذيب وسوء المعاملة، بل والقتل في بعض الحالات.

وشاركت في هذه المطالبات دول من بينها بريطانيا، إسبانيا، النرويج، وسيراليون، معربة عن قلقها العميق إزاء أوضاع المهاجرين في ليبيا، التي تُعد نقطة عبور رئيسية للأفارقة الفارين من الحروب والفقر نحو أوروبا. وأشارت دعوى منظورة أمام محكمة هولندية إلى أن بعض المهربين يحتجزون المهاجرين في مستودعات، حيث يتعرضون للعنف والابتزاز.

ودعا سفير النرويج، تورمود إندريسن، إلى وضع حد للاحتجاز التعسفي وحماية المهاجرين المعرضين للخطر، فيما طالبت سفيرة بريطانيا لحقوق الإنسان، إليانور ساندرز، بالسماح للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالوصول إلى المقابر الجماعية دون قيود.

وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين المسجلين في ليبيا تجاوز 100 ألف حتى أكتوبر الماضي، بينهم نحو 84 ألف سوداني، ما يجعلهم الفئة الأكبر، يليهم الإريتريون بـ8.9 آلاف، ثم الإثيوبيون ولاجئو جنوب السودان والسوريون. وتوقعت المفوضية أن يتجاوز عدد اللاجئين السودانيين 650 ألفًا بحلول نهاية العام، في ظل استمرار الحرب الأهلية في السودان منذ عام 2023.

في المقابل، كشف تقرير صادر عن الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب عن انتهاكات مروعة يتعرض لها اللاجئون السودانيون في ليبيا، تشمل الاعتقال التعسفي، الاتجار بالبشر، العنف الجنسي، والتمييز العرقي، رغم أن القانون الدولي يكفل الحماية للفارين من النزاعات المسلحة.

كما أفادت وكالة تابعة للأمم المتحدة أن بعض الجثث التي عُثر عليها في مقابر جماعية كانت تحمل آثار طلقات نارية، ما يعزز المخاوف من وجود انتهاكات ممنهجة ضد المهاجرين.

وفي رسالة مفتوحة إلى السلطات الليبية، دعت منظمات حقوقية إلى إصلاحات عاجلة، مشيرة إلى أن الفصائل المسلحة تفلت من العقاب وتعرقل عمل القضاء، وترتكب انتهاكات واسعة النطاق.

من جانبه، أقر الطاهر سالم الباعور، القائم بأعمال وزير الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، بأن المهاجرين يشكلون عبئًا ثقيلًا على الدولة، مؤكدًا أن ليبيا لا تدّعي المثالية في ملف حقوق الإنسان، لكنها تبذل جهودًا حثيثة لضمان احترام هذه الحقوق رغم التحديات.

وأشار الباعور إلى قبول ليبيا بولاية المحكمة الجنائية الدولية، وإنشاء لجنة مشتركة للتعامل مع مراكز الاحتجاز، في خطوة تهدف إلى تحسين الأوضاع تدريجيًا.

وتأتي هذه المراجعة ضمن آلية دورية تخضع لها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعددها 193 دولة، لتقييم سجلها الحقوقي وتقديم توصيات بالإصلاح. وقد أثارت تجاهل الولايات المتحدة لمراجعتها الخاصة الأسبوع الماضي جدلًا واسعًا، باعتبارها خطوة نادرة في هذا السياق.