اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
اقترب نادي الهلال السوداني من إنهاء واحد من أفضل مواسمه على الإطلاق، متحديًا كافة الظروف والتحديات التي صاحبت مسيرته خلال العام، ليحقق نجاحات لافتة محليًا وقاريًا، ويسجل حضوره المتميز في المشهد الرياضي الأفريقي، وسط إشادة كبيرة من جماهيره ومتابعيه.
وقد نجح الهلال في بلوغ ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وتصدر الدوري المحلي في موريتانيا التي يحتضن فيها الفريق منافساته مؤقتًا، في سابقة هي الأولى من نوعها. كما توج بدرع شرفي في إحدى البطولات الاستثنائية، وأضحى المرشح الأول لنيل لقب الدوري السوداني رغم الأزمات التي عصفت بالسودان.
هذا النجاح الباهر لم يأتِ مصادفة، بل كان نتاجًا لثلاثة عوامل رئيسية شكلت مفاتيح التفوق والنهضة الزرقاء، ودفعت الفريق نحو طريق البطولات.
استقرار إداري غير مسبوق بلا معارضين
الركيزة الأولى لنجاح الهلال في هذا الموسم تكمن في حالة الاستقرار الإداري النادر، التي انعكست مباشرة على الأداء الفني والنتائج الميدانية. فقد تميز النادي عن بقية الأندية السودانية بعدم وجود معارضة داخلية، ما منح الإدارة برئاسة هشام السوباط ونائبه محمد إبراهيم العليقي المساحة الكافية للعمل بهدوء واحترافية.
وتجلت ثمار هذا الاستقرار في تشكيل فريق من العدم خلال فترة قصيرة، إذ كان الهلال حتى عام 2022 يعيش مرحلة انهيار على كافة المستويات، وتلقى خسائر مؤلمة في البطولات التي شارك بها. إلا أن الإدارة صبرت، ووضعت خططًا طويلة الأمد، واستثمرت بسخاء في اللاعبين المحليين والأجانب، لتعيد بناء الفريق على أسس حديثة، بعيدًا عن ضغوطات الإعلام والصراعات الإدارية التي كثيرًا ما عرقلت مشوار الأندية السودانية.
صبر فني وشراكة ناجحة مع إيبينغي
العامل الثاني المؤثر هو الاستقرار الفني، بعد سنوات من التقلبات التي شهدت تغيير المدربين بصورة غير منطقية. فقد أدرك مجلس الإدارة أهمية منح الجهاز الفني الثقة الكاملة، واختار المدرب الكونغولي فلوران إيبينغي لقيادة المشروع، ومنحه كل الصلاحيات والدعم، ليتحول إلى واحد من أنجح المدربين في تاريخ النادي الحديث.
وشهد الفريق تحت قيادته ثورة كروية حقيقية، سواء على صعيد الأداء الجماعي أو النتائج، واستفاد من الوقت والدعم الفني لتطوير منظومة الهلال، رغم بعض التحفظات التي أبدتها الجماهير في البداية على أداء المدرب. إلا أن النتائج النهائية أثبتت صواب القرار، وأعادت الثقة لجماهير 'الموج الأزرق' بأن الفريق يسير في الطريق الصحيح.
تطور فردي لافت للاعبين المحليين
أما العامل الثالث فيكمن في التطور الفردي اللافت لعدد من نجوم الفريق المحليين، الذين استطاعوا تقديم مستويات مبهرة هذا الموسم. فقد خطف الأضواء كل من والي الدين خضر، الطيب عبد الرازق، ومحمد أرنق، الذين تحولوا من مجرد عناصر مكملة إلى ركائز أساسية، ونجوم مؤثرين في الانتصارات المتتالية للفريق.
وانضموا بذلك إلى القائد محمد عبد الرحمن، الذي كان سابقًا يحمل العبء وحده، ليصبح الفريق أكثر تكاملًا وثراءً على المستوى البشري. كما تميزت إدارة الهلال في استقدام لاعبين أجانب بجودة عالية، ساعدوا على خلق روح تنافسية داخل الفريق، ما انعكس على الأداء والنتائج.
الهلال.. صمود رغم الحرب والشتات
ومن أبرز ما يُحسب للهلال في هذا الموسم، صموده اللافت في وجه التحديات الجسيمة التي فرضتها الحرب في السودان، والتي اضطرته لخوض كل مبارياته خارج أرضه، وحرمت لاعبيه من اللعب في ديارهم لأكثر من 25 شهرًا، بعيدًا عن أسرهم وجماهيرهم.
ورغم هذه الظروف الصعبة، فقد ظهر الفريق بروح قتالية عالية، وأكد لاعبوه أنهم على قدر التحدي، واستطاعوا تحقيق مكاسب كروية رغم الغربة والمآسي الوطنية، في انتظار تحسن الأوضاع وعودة النشاط الرياضي للسودان.
الهلال يقترب من المجد
اليوم، يبدو الهلال السوداني قريبًا من التتويج بلقب الدوري السوداني، ويضع نصب عينيه الذهاب بعيدًا في دوري أبطال أفريقيا خلال المواسم القادمة، مستفيدًا من التجربة الحالية والانسجام الذي بات سمة للفريق. كما أن الترتيبات الجارية لضم لاعبين أجانب مميزين في الموسم المقبل، قد تجعل من الهلال مرشحًا حقيقيًا للمنافسة القارية.
ولا شك أن تجربة الهلال هذا الموسم ستكون مرجعًا فنيًا وإداريًا في كيفية البناء المتدرج في ظل الأزمات، وتحقيق النجاح بروح الفريق والانضباط الإداري والفني.