اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
أعادني اللقاء الإذاعي عبر أثير صوت العرب الذي استضاف الأستاذة منى محمود أبو العزايم لذكريات جميلة أيام الصبا الباكر عايشتها في بيت الأسرة الكبير ببورتسودان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت سهرتنا يومياً مع إذاعة صوت العرب من القاهرة وكان جدي الريس آدم هدل محمد هيّس رحمه الله يستمع لصوت العرب مساء ويترك المذياع مفتوحاً طوال الليل وهو نائم بغرفته المشيدة من ألواح الخشب البوسنايت 'الصندقة' الذي يحجب الرؤية ولا يحجب الصوت كما تفعل الجدران الاسمنتية اليوم ولقد أمتعتنا برامج إذاعة صوت العرب ومنها برنامج 'تلفون آخر الليل' الذي يبث الواحدة والربع بتوقيت قاهرة المعز كل يوم خميس وكان يقدمه الأعلامي الكبير الراحل عاطف عبدالعزيز بالاتصال بشكل عشوائي على تلفون أي منزل أو مؤسسة وعبر الأثير مباشرة يتبادل مع متلقي المكالمة أطراف الحديث في شتى الموضوعات العامة.
وكانت الإذاعة المصرية تقدم فقرة لركن السودان التي تحولت أيام التكامل بين مصر والسودان لإذاعة وادي النيل وتبث أخباراً وحوارات وأغنيات سودانية.
وكان ارتباط جيل جدي الرئيس آدم هدل ذلك المراكبي البسيط وصياد السمك الخبير بمراسي وخلجان ساحل البحر الأحمر كان وثيقاً بالإذاعات العربية لذا تأثروا بموجة المد القومي العربي وأحداث الصراع العربي الاسرائيلي وخاصة حروب أعوام ٤٨ و٥٦ و٦٧ و٧٣ من القرن العشرين.
ومن خلال إذاعة صوت العرب تعرفتُ على الثقافة المصرية ونجوم الفن والدراما والسينماء وأصوات كبار المطربين أمثال كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية وعفاف راضي والقائمة تطول لمن ساهمت إذاعة صوت العرب في شهرتهم والترويج لإبداعهم بمختلف مجالات الفنون.
أرجعني حوار الأستاذة منى أبو العزائم الاذاعي عبر اثير صوت العرب لذلك الزمن الجميل خاصة عندما سردت جزءاً من تاريخ أسرة الأستاذ محمود أبو العزائم واسهامها الكبير في العمل الصحافي والإعلامي حيث تولى والدها عدة مناصب صحافية واعلامية ومنها نائب رئيس تحرير مجلة وادي النيل التي كان يترأس تحريرها الأستاذ أنيس منصور رحم الله جيل عمالقة الصحافة واسكنهم فسيح جناته.
وبعد تطواف على العادات السودانية وطقوس الزواج تطرقت الاستاذة منى لدور المرأة السودانية في النضال الوطني وخاصة جيل رائدات الحركة النسوية والاتحاد النسائي السوداني في التنوير والتعليم وبث الوعي بالمجتمع مؤكدة على وقوف الرجل السوداني مع المرأة لنيل كامل حقوقها بخلاف ما يروج له من البعض عن السلطة الذكورية والمجتمع الأبوي، فما حصلت عليه المرأة السودانية ما كان ليتحقق لولا وجود رجل عظيم يساند المرأة ويشجعها للقيام بدورها وواجبها الوطني في اقتحام كافة مجالات الحياة العامة.
وتطرق اللقاء للكتب التي ألفها قلم الأستاذة منى أبو العزائم في مجال العدالة الانتقالية ومعالجة قضاياها في وطن مزقته الحروب الاهلية والنزاعات.
وكانت اللفتة البارعة من الاستاذة منى أبو العزائم هي مقترحها بتحويل صوت العرب لقناة فضائية تجمع العرب وتوحدهم كما كان شأنها في السابق يتحلق حولها اهل الجزائر واليمن ومصر والسودان وسوريا والعراق وجميع العرب من المحيط إلى الخليج.
✍️ إبراهيم عيسى هدل