اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
بعد أسابيع من التعثر السياسي والمساومات المعقدة، أعلن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس عن تشكيل حكومي جديد احتفظ فيه بعدد من الوزراء المنتمين إلى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، في خطوة اعتُبرت تراجعًا عن تعهده السابق بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة، وأبرزت طبيعة التحالفات التي يرتكز عليها الجيش السوداني في ظل الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
وشملت التعيينات الجديدة الإبقاء على جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، وزيرًا للمالية، وتعيين محمد كرتكيلا، القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان، وزيرًا للحكم الاتحادي، إلى جانب عبد الله محمد درف وزيرًا للعدل، ومحاسن علي يعقوب وزيرة للتجارة والصناعة، وهارون عبد الكريم عبد الله، القيادي في حركة جيش تحرير السودان، وزيرًا للشؤون الدينية والأوقاف.
وكان إدريس قد أعلن عقب أدائه اليمين الدستورية في مايو الماضي عزمه تشكيل حكومة من 22 وزارة تحت مسمى “حكومة الأمل”، تتألف من كفاءات مستقلة غير حزبية، بهدف تقليل الاستقطاب السياسي الحاد. إلا أن الضغوط التي مارستها الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء “القوة المشتركة” أجبرته على التراجع عن هذه الرؤية، خاصة بعد تهديدات ضمنية بسحب الدعم العسكري وتقليص التنسيق الميداني مع الجيش.
وبدأت ملامح التشكيل الحكومي بالظهور تدريجيًا منذ 24 يونيو، حيث تم تعيين وزيري الدفاع والداخلية بترشيح من قيادة الجيش، ثم تبع ذلك تعيين وزراء للصحة والزراعة والتعليم العالي، قبل أن تتسارع وتيرة التعيينات تحت ضغط الحركات المسلحة، التي تمسكت بحقها في 6 وزارات بموجب اتفاق جوبا، بعد أن كانت حصتها 5 وزارات حين كان عدد الوزارات أقل.
وفي سياق متصل، أثار تعيين عبد الله محمد درف وزيرًا للعدل جدلًا واسعًا، نظرًا لانتمائه السابق إلى حزب المؤتمر الوطني الذي كان يقوده الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث اعتبره معارضون مؤشرًا على عودة التيار الإسلامي إلى المشهد السياسي، مستغلًا ظروف الحرب والانقسام الداخلي.
من جهة أخرى، لم يصدر أي تعليق رسمي من تحالف صمود المدني الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي لا يعترف بشرعية الحكومة الحالية منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021.
وفي المقابل، يتحرك تحالف “تأسيس” الذي يضم قوات الدعم السريع وحلفاءها نحو تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرته، حيث تم الإعلان عن محمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيسًا للتحالف، وعبد العزيز الحلو نائبًا له، في خطوة تعكس الانقسام السياسي العميق في البلاد.
وبينما تستمر الحرب في تمزيق السودان، تواجه حكومة إدريس تحديات متزايدة، ليس فقط من جبهات القتال، بل من داخل تحالفاتها السياسية، في وقت لا تزال فيه 12 وزارة شاغرة بانتظار التعيين، وسط مخاوف من انهيار التوازن الهش الذي يحكم المشهد الانتقالي.