اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
شهدت مدينة بورتسودان، خروج مظاهرات شعبية غاضبة احتجاجًا على التدخلات الأجنبية في الحرب الدائرة في السودان. توافد الآلاف من المواطنين إلى الشوارع رافعين لافتات تُندد بالتدخلات العسكرية والاقتصادية الخارجية في شؤون البلاد، مطالبين المجتمع الدولي بالكف عن تأجيج الصراع وتوفير الدعم الإنساني بدلاً من الزج بالأطراف الأجنبية في النزاع الداخلي.
فيما اعتبر المتظاهرون أن الحرب الأهلية التي دامت لعدة شهور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد تحولت إلى 'حرب بالوكالة'، حيث أصبحت الأراضي السودانية ساحة لتصفية الحسابات الدولية وتحقيق المصالح الغربية، على حساب أرواح المدنيين السودانيين الذين يعانون من أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ البلاد.
الإمارات والفرنسيون في صلب الاتهامات
وجه السودان أصابع الاتهام إلى دولة الإمارات بشأن دورها في تأجيج الصراع، وذلك عبر استقدام وتمويل المرتزقة الكولومبيين الذين يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع. الحكومة السودانية كشفت في وقت سابق عن وثائق رسمية تثبت تورط الإمارات في تمويل هذه المجموعات، موضحة أنها كانت تُرسل مرتزقة كولومبيين ذوي خبرة قتالية في النزاعات الدولية، للمشاركة في المعركة ضد الجيش السوداني في إقليم دارفور.
وذكرت وزارة الخارجية السودانية في بيانها أن الإمارات قد تكون جندت هؤلاء المرتزقة في سياقات سابقة، من بينها اليمن حيث قاتلوا ضد الحوثيين، وكذلك في السودان. وقد أفادت تقارير أممية ودبلوماسية، أن هذه المشاركة تأتي ضمن استراتيجية إماراتية لتوسيع نفوذها في المنطقة على حساب استقرار الدول.
فرنسا تدعم صفوف قوات الدعم السريع
التدخل الفرنسي في النزاع السوداني لم يقتصر على الدعم اللوجستي أو الاستخباراتي، بل يتعداه إلى الدعم العسكري. حيث كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير لها عن وجود معدات فرنسية في ناقلات الجنود المدرعة التي تستخدمها قوات الدعم السريع. هذه المركبات، التي يتم تصنيعها في الإمارات، مزودة بأنظمة حماية ذاتية من إنتاج شركات فرنسية، مثل نظام غاليكس الذي تم استخدامه في مناطق الحرب السودانية، في وقت يعتبر فيه حظر الأسلحة مفروضًا من قبل الأمم المتحدة على البلاد.
ولكن لم تواجه فرنسا ضغوطًا دولية كبيرة، على الرغم من أن التقارير الأممية تشير إلى انتهاك واضح للحظر الأممي المفروض منذ عام 2004.
المرتزقة الأوكرانيون متورطون في العمليات العسكرية
إلى جانب الإمارات وفرنسا، تم أيضاً رصد وجود مرتزقة أوكرانيين في صفوف قوات الدعم السريع. بحسب الجيش السوداني، فإن المرتزقة الأوكرانيين، بما فيهم مهندسون مختصون بالطائرات المسيّرة، قد قُتلوا في كمين محكم في مدينة الفاشر، خلال محاولاتهم لتنفيذ عمليات قتالية ضد القوات الحكومية. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء المرتزقة كانوا مكلفين بتنسيق عمليات القصف المدفعي وتشغيل الطائرات المسيّرة بأنواعها، الانتحارية والاستطلاعية.
وهكذا، تتزايد الأدلة التي تشير إلى تورط مرتزقة أوكرانيين في هذا النزاع، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول دور أوكرانيا في دعم قوات الدعم السريع، في وقت تعتبر فيه روسيا نفسها حليفًا للسلطة الشرعية في السودان في نزاعه الداخلي، مما يضيف تعقيدًا آخر إلى الشبكة الواسعة من التدخلات الدولية في الحرب السودانية.
الوضع الإنساني في السودان: الضحايا يدفعون الثمن
في الوقت الذي تستمر فيه الدول الأجنبية في تأجيج الصراع في السودان، يعاني المدنيون من أوضاع إنسانية كارثية. تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 11 مليون سوداني نزحوا عن ديارهم جراء القتال المستمر بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع. كما تشير التقارير إلى أن أكثر من 61 ألف شخص قتلوا في ولاية الخرطوم وحدها في الأشهر الأولى من الحرب، بينما تشير التقديرات إلى أن الرقم الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
وحتى في مدينة الفاشر، التي ما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، يعاني السكان من حصار خانق وغياب المساعدات الإنسانية، مما يعمق الأزمة الإنسانية.
تزايد القلق الدولي
مع استمرار التدخلات الأجنبية في الحرب السودانية، يزداد القلق الدولي حيال مستقبل الاستقرار في السودان. ويطالب المحتجون في بورتسودان المجتمع الدولي بالتحرك بشكل أكثر فاعلية، ليس فقط من خلال الدبلوماسية بل أيضًا عبر فرض عقوبات على الأطراف الخارجية التي تُساهم في تأجيج الصراع. كما أكد المحتجون على ضرورة إيلاء الأمم المتحدة المزيد من الاهتمام لوضع اللاجئين السودانيين وتوفير المساعدات الإنسانية دون تأخير.
في النهاية، يبدو أن السودان يُصارع ليس فقط من أجل استعادة السلام الداخلي، بل أيضًا من أجل استعادة سيادته أمام تدخلات إقليمية ودولية، في وقت يعاني فيه شعبه من أسوأ موجات العنف والدمار في تاريخه الحديث.