عاصفة جديدة حول تيران وصنافير.. "القاعدة الأمريكية" تثير الجدل في مصر

متابعات- نبض السودان

عاد الجدل مجددًا في مصر حول جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة، بعدما انتشر تقرير مثير للجدل زعم اقتراحًا سعوديًا بإقامة قاعدة عسكرية أمريكية على الجزيرتين، وهو ما أثار ردود فعل واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تذكير بالتاريخ الطويل الذي صاحب تسليم السيادة عليهما من مصر إلى السعودية.

مزاعم بقاعدة أمريكية في قلب البحر الأحمر

أشعل التقرير الحديث من جديد، إذ أشار إلى وجود اقتراح من السعودية للولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على الجزيرتين، في إطار الحملة الأمريكية على الحوثيين في اليمن، ولتأمين الملاحة في البحر الأحمر، حسبما نقلت بعض الوسائل الإعلامية دون مصادر رسمية واضحة.

الإدارة المصرية ما زالت حاضرة.. والسعودية ملتزمة بالتفاهمات

في المقابل، ذكّر العديد من المتابعين والمحللين بأن الجزيرتين لا تزالان فعليًا تحت الإدارة المصرية رغم توقيع اتفاقية نقل السيادة، وأشار تقرير حكومي مصري سابق صدر عام 2017 إلى أن السعودية 'تفهمت ضرورة بقاء الإدارة المصرية على الجزيرتين لحمايتهما، وإقرارها بذلك في الاتفاقية'، وهو ما يعني أن الحديث عن قواعد عسكرية أجنبية لا يمكن أن يتم دون توافق رسمي مصري سعودي، وهو ما لم يحدث.

ضغط أمريكي؟

يتزامن انتشار هذه المزاعم مع تقارير تتحدث عن ضغوط أمريكية متزايدة على مصر، شملت طلبات مباشرة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، منها استقبال فلسطينيين من غزة في سيناء، وإعفاء السفن الأمريكية من رسوم عبور قناة السويس، ومشاركة عسكرية مصرية في اليمن، وهي جميعها قوبلت بالرفض المصري، ما دفع بعض المراقبين إلى اعتبار قصة 'القاعدة العسكرية' محاولة جديدة للضغط السياسي على القاهرة.

اتفاقية السلام تمنع الوجود العسكري

يُشار إلى أن الجزيرتين تقعان ضمن المنطقة 'ج' المحددة في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979، وهي منطقة لا يُسمح بوجود قوات عسكرية بها، إلا بإشراف قوات حفظ السلام الدولية. وبالتالي، فإن أي محاولة لإنشاء قاعدة عسكرية هناك ستكون مخالفة للاتفاقات الدولية.

مواقع التواصل تشتعل بين التأييد والنفي

تفاعل الكثيرون من المصريين والسعوديين مع هذه المزاعم، حيث كتب الناشط المصري وائل عباس على صفحته: 'استعدوا وسيبكم من كل الترندات دلوقت، اللي جاي ده خطير جدًا، فيه كلام في السعودية عن إعطاء تيران وصنافير لأمريكا لإقامة قواعد عسكرية'. وأضاف: 'الكلام ده بيتردد من 2017 لكنه اتجدد تاني اليومين دول، وفيه زيارات أمريكية للمنطقة ولازم نبقى صاحيين'.

في المقابل، رد المدون 'أحمد فهمي' مستنكرًا: 'وهي السعودية كانت استلمت أصلا تيران وصنافير من مصر علشان تسلمهم لأمريكا؟! أنتم بتجيبوا الكلام ده منين؟'.

تأكيد سعودي على الطابع المدني للجزيرتين

في خطاب سابق من الأمير محمد بن سلمان حينما كان وزيرًا للدفاع ووليًا لولي العهد في 2016، وجهه إلى رئيس الوزراء المصري حينها شريف إسماعيل، شددت السعودية على ضمانات واضحة، منها أن 'الجزيرتين لن تُستخدمان في أي أعمال عسكرية'، وأن الوجود الأمني سيقتصر على الأجهزة الأمنية غير العسكرية فقط، بما فيها حرس الحدود.

سعوديون يردون: 'الجزيرتان سعوديتان ولا قواعد أجنبية'

لم يتأخر الرد من الجانب السعودي، حيث كتب المدون عبدالله الخريف مؤكدًا: 'جزيرة تيران وصنافير سعودية 100% وخبر إقامة قواعد عسكرية أمريكية أمر عارٍ عن الصحة تمامًا ولا أساس له'.

الخلفية: من الجدل القانوني إلى السيادي

الجدل حول الجزيرتين ليس جديدًا، فقد بدأ منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في أبريل 2016، والتي قضت بنقل تبعية الجزيرتين إلى المملكة، الأمر الذي أثار وقتها موجة كبيرة من الاعتراضات السياسية والقانونية في مصر، لكن المحكمة الدستورية العليا أنهت النزاع لاحقًا بتأييد الاتفاقية.

مراقبون: القصة أوسع من مجرد شائعات

يرى مراقبون أن هذا الجدل المتجدد يعكس حساسية الجغرافيا السياسية في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية، والسعي الأمريكي لتأمين ممرات الملاحة العالمية من البحر الأحمر وحتى المحيط الهندي، ما يجعل كل شائعة قابلة للاشتعال، خصوصًا إذا مست قضية وطنية مثل تيران وصنافير.