اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣١ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
أصبح نظام الصيام المتقطع خلال السنوات الأخيرة من أبرز الأنظمة الغذائية التي اجتذبت ملايين الأشخاص حول العالم، حيث يقوم على تقليص ساعات تناول الطعام إلى فترة زمنية محدودة تتراوح غالبًا بين 8 ساعات يوميًا، تليها 16 ساعة من الصيام. وقد اعتبره البعض وسيلة فعالة لإنقاص الوزن وتحسين الصحة العامة دون الحاجة إلى حساب دقيق للسعرات الحرارية أو تقليل الكربوهيدرات.
الاعتقاد السائد بفوائد الصيام المتقطع
الدراسات السابقة كانت قد دعمت الصيام المتقطع باعتباره نظامًا يساعد في تحسين عملية الأيض، وتعزيز إصلاح الخلايا، وربما المساهمة في إطالة العمر. كما أظهرت بعض الأبحاث فوائده في خفض ضغط الدم، وتحسين حساسية الإنسولين، وضبط مستويات الدهون في الجسم، إضافة إلى دوره المحتمل في تقليل الالتهابات وتنظيم مستوى السكر في الدم. هذه النتائج جعلت منه حلاً جذابًا للكثيرين خاصةً ممن يرغبون في إنقاص الوزن دون قيود غذائية صارمة.
الدراسة الجديدة تقلب الموازين
لكن، في تحول صادم، جاءت دراسة حديثة واسعة النطاق لتلقي الضوء على جانب مقلق من هذا النظام الغذائي. فقد حلل الباحثون بيانات أكثر من 19 ألف شخص بالغ في الولايات المتحدة على مدى 8 سنوات، ليكتشفوا أن الأشخاص الذين حصروا تناول الطعام في أقل من 8 ساعات يوميًا ارتفع لديهم خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 135% مقارنة بمن توزع تناولهم للطعام على فترة تمتد بين 12 و14 ساعة يوميًا.
خطر أعلى على فئات معينة
وأشارت الدراسة إلى أن خطر الإصابة والوفاة بأمراض القلب كان أكثر حدة بين المدخنين ومرضى السكري والمصابين بأمراض القلب مسبقًا. وهذا يعني أن هذه الفئات يجب أن تكون أكثر حذرًا عند التفكير في تبني نظام الصيام المتقطع على المدى الطويل، إذ قد يؤدي إلى تفاقم المخاطر الصحية لديهم.
ضعف الرابط مع أسباب الوفاة الأخرى
وبينما وجدت الدراسة رابطًا ضعيفًا وغير متسق بين الصيام المتقطع والوفيات لأسباب عامة أخرى، ظل خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية قويًا ومستمرًا عبر مختلف الفئات العمرية والجنس ونمط الحياة. أي أن تأثير النظام لم يكن محصورًا على مجموعة معينة فقط، بل ظهر بصورة متكررة وملحوظة.
نتائج تتعارض مع أبحاث سابقة
هذا الاكتشاف يضع الصيام المتقطع في موضع تساؤل، خاصة أنه يتعارض مع نتائج العديد من الدراسات قصيرة الأمد التي استمرت بضعة أشهر وحتى عام، والتي كانت قد أشارت إلى أن تقييد فترة الأكل يساعد على تحسين صحة القلب والأيض. ويبدو أن الدراسات القصيرة لم تكن كافية للكشف عن المخاطر طويلة الأجل التي ظهرت في الدراسة الجديدة.
الأبعاد الإيجابية لم تُلغ بالكامل
ورغم التحذير الصارخ الذي تحمله نتائج الدراسة، إلا أنها لم تُلغِ الفوائد الأخرى المرتبطة بالصيام المتقطع مثل فقدان الوزن، وتحسين حساسية الإنسولين، وخفض ضغط الدم، وتنظيم الدهون، بل أكدت أن هذه النتائج ما زالت قائمة لكنها لا تكفي لمعادلة المخاطر المرتفعة المتعلقة بالقلب والشرايين.
الحاجة إلى نهج متوازن
تفتح هذه النتائج الباب أمام النقاش مجددًا حول أهمية التوازن الغذائي وعدم الاعتماد على أنظمة صارمة لفترات طويلة دون متابعة طبية دقيقة. فبينما قد يحقق الصيام المتقطع فوائد قصيرة الأجل، فإن نتائجه على المدى الطويل قد تحمل مخاطر تتجاوز الفوائد، خاصة فيما يتعلق بصحة القلب.
توصيات للباحثين والممارسين
يدعو الخبراء الآن إلى إجراء المزيد من الأبحاث طويلة الأمد للتأكد من هذه النتائج وتحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر. كما ينصح الأطباء بضرورة أن يخضع الأشخاص الذين يتبعون هذا النظام لمتابعة صحية دقيقة، خصوصًا من يعانون من أمراض مزمنة أو عوامل خطورة مرتبطة بالقلب.
الدراسة الأخيرة لا تعني بالضرورة إلغاء الصيام المتقطع كليًا، لكنها تسلط الضوء على أهمية توخي الحذر، ومراجعة الطبيب قبل الشروع في أي نظام غذائي صارم، خاصة إذا كان مرتبطًا بشكل مباشر بزيادة مخاطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية.