اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٢٧ أب ٢٠٢٥
في تطور قضائي هو الأول من نوعه منذ أكثر من خمس سنوات، أفاد مصدر حكومي أن مجلس السيادة الانتقالي في السودان قرر اختيار أحد القضاة لتولي منصب رئيس المحكمة الدستورية، وذلك من بين ثلاثة مرشحين خضعوا لتقييم دقيق شمل معايير الكفاءة والاستقلالية والمهنية. ويأتي هذا القرار بعد فترة طويلة من الجمود المؤسسي، إذ ظلت المحكمة الدستورية معطلة منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، نتيجة الخلافات المتواصلة بين المكونات العسكرية والمدنية داخل السلطة الانتقالية.
وبحسب التصريحات المتداولة في عدد من الصحف المحلية، فإن هذه الخطوة تمثل بداية لإعادة تفعيل واحدة من أهم المؤسسات القضائية في البلاد، في وقت يُتوقع فيه أن يصدر رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قراراً رسمياً بتعيين رئيس المحكمة خلال الأيام القليلة المقبلة. وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الملف، أن هذا التعيين يأتي في إطار ترتيبات تهدف إلى إعادة هيكلة النظام العدلي في السودان، بما يتماشى مع التوجهات الرامية إلى تعزيز التقارب مع المجتمع الدولي خلال المرحلة المقبلة.
وتنص الوثيقة الدستورية المعمول بها منذ تشكيل الحكومة الانتقالية على أن تعيين قضاة المحكمة الدستورية يتم من قبل مجلس السيادة، بعد تسلم قوائم الترشيح من التحالف المدني الحاكم. إلا أن هذه الإجراءات توقفت عقب الانقلاب، لتصبح صلاحية التعيين من اختصاص مجلس السيادة بشكل مباشر، دون الرجوع إلى الجهات المدنية.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة عن صدور قرار بتعيين الدكتور وهبي أحمد مختار رئيساً للمحكمة الدستورية، في خطوة اعتُبرت مؤشراً واضحاً على توجه السلطات نحو ترسيخ العدالة في أعلى مستوياتها القضائية. ويأتي هذا التعيين عقب توصية رسمية رفعتها المفوضية القومية للخدمة القضائية إلى مجلس السيادة، إثر اجتماع طارئ عقدته المفوضية في مقر الجهاز القضائي بمدينة بورتسودان، ناقش سبل إعادة المحكمة إلى العمل بعد سنوات من التوقف، وخلص إلى ضرورة تعيين قيادة جديدة تتولى إدارة المؤسسة وفقاً لما تنص عليه الوثيقة الدستورية.
ويُعد الدكتور وهبي من أبرز الشخصيات القضائية في السودان، حيث سبق له أن شغل منصب رئيس المحكمة الدستورية في عهد الرئيس السابق عمر البشير، بعد تعيينه في عام 2014 خلفاً للدكتور عبد الله أحمد عبد الله، الذي استقال في أعقاب تطورات متعلقة بقضية الأقطان، وهي القضية التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الرسمية والشعبية آنذاك. وقد بدأ وهبي مسيرته المهنية في السلطة القضائية وتدرج في عدد من المناصب إلى أن وصل إلى المحكمة العليا، ثم تولى رئاسة المحكمة الدستورية، قبل أن تنتهي فترته عقب اندلاع الحرب في نهاية عام 2023.
ويُنظر إلى عودته إلى هذا المنصب باعتبارها خطوة مهمة في مسار إعادة بناء المؤسسات العدلية في السودان، في وقت يرى فيه مراقبون أن تعيين رئيس جديد للمحكمة الدستورية يُعد من أبرز الأحداث القضائية منذ عام 2019، نظراً لما تمثله هذه المؤسسة من أهمية بالغة في معالجة القضايا الكبرى التي ظلت معلقة منذ اندلاع الثورة، والتي تتطلب حسمًا قانونيًا ودستوريًا ضمن إطار مؤسسي واضح.
وتُعد المحكمة الدستورية الهيئة القضائية العليا في السودان، والمسؤولة عن حماية الدستور وضمان سيادته، كما تتولى النظر في مدى دستورية القوانين واللوائح، والبت في النزاعات ذات الطابع الدستوري، إلى جانب دورها المحوري في حماية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، ما يجعل من إعادة تفعيلها خطوة حاسمة في مسار العدالة الانتقالية وإرساء دولة القانون.