اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في مشهد أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية، ظهر رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس وهو يتجول في شوارع العاصمة الإريترية أسمرا برفقة الرئيس أسياس أفورقي، وذلك خلال زيارة رسمية تستغرق يومين. الفيديو الذي نشرته وكالة السودان للأنباء وعدد من الناشطين وثّق لحظة هتاف إدريس علناً قائلاً: “عاش الرئيس أسياس”، وهو ما اعتبره مراقبون سابقة غير مألوفة في الأعراف الدبلوماسية، حيث لم يُسجل من قبل أن يهتف رئيس وزراء دولة باسم رئيس دولة أخرى في سياق شعبي. هذا التصرف أثار موجة من الانتقادات والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة أنه تضمن أيضاً هتافاً باسم رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ما زاد من حدة التفاعل حول المشهد.
زيارة إدريس إلى أسمرا تأتي ضمن سلسلة من الجولات الخارجية التي بدأها منذ توليه منصبه في 19 مايو الماضي، بموجب تكليف من رئيس مجلس السيادة الانتقالي. وقد شملت هذه الجولات مصر والمملكة العربية السعودية، إلى جانب مشاركته في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وتُعد زيارة إريتريا ذات أهمية سياسية خاصة، بالنظر إلى موقفها الداعم للحكومة السودانية في صراعها العسكري مع قوات الدعم السريع. هذا الدعم الإقليمي يضفي على الزيارة طابعاً حساساً، ويجعل من أي تصرف علني أو رمزي خلال الزيارة محل تدقيق واسع من قبل الرأي العام والمراقبين.
الانتقادات التي طالت إدريس لم تقتصر على المعارضين، بل شملت أيضاً مؤيدين لحكومته، الذين رأوا في الهتاف العلني خروجاً عن البروتوكول الدبلوماسي وتناقضاً مع مبدأ الندية والاستقلال الوطني الذي يجب أن يحكم العلاقات بين الدول. في المقابل، دافع البعض عن الموقف باعتباره مجاملة بروتوكولية لا تحمل دلالات سياسية، خاصة أنه جاء في سياق شعبي تجاوباً مع الحشود الإريترية التي خرجت لتحية الضيف السوداني. هذا الانقسام في التقييم يعكس حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد، ويبرز التحديات التي تواجه القيادة السودانية في إدارة علاقاتها الخارجية وسط ظروف داخلية مضطربة.
خلال زيارته، أجرى إدريس جولة ميدانية برفقة الرئيس أفورقي شملت شارع كمشتاتو وعدداً من المواقع الحيوية في العاصمة الإريترية، وسط ترحيب شعبي ومظاهر احتفاء رسمية من الجانب المضيف. هذه الجولة، التي وثّقها الإعلام المحلي، أظهرت تفاعلاً مباشراً بين إدريس والمواطنين الإريتريين، لكنها أيضاً كانت محور الانتقادات التي طالت سلوك رئيس الوزراء، خاصة في ما يتعلق بالهتاف العلني الذي اعتبره البعض تجاوزاً للحدود البروتوكولية المتعارف عليها في الزيارات الرسمية.
الناشط السياسي والصحفي حسام حيدر وصف تصرف إدريس بأنه “كسر للمنطق الدبلوماسي”، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء يُفترض أن يُستقبل بالهتاف لا أن يهتف بنفسه. وأضاف أن المشهد بدا وكأنه خروج عن هيبة المنصب، حيث ظهر إدريس بمظهر لا يليق برجل دولة في زيارة رسمية، بل أقرب إلى مشجع في مدرجات رياضية. حيدر اعتبر أن ما حدث لا يُمكن تفسيره على أنه تواضع، بل هو ابتذال للبروتوكول وخصم من رصيد السيادة الوطنية، مؤكداً أن السودان بحاجة إلى قيادة تُحترم لا إلى رموز تهتف في الشوارع.
الناشط السياسي علي عثمان أشار إلى أن التصرفات التي تصدر عن رئيس الوزراء كامل إدريس باتت تتكرر بشكل لافت في الفترة الأخيرة، دون أن تُقابل بتفسير رسمي أو مراجعة داخلية. واعتبر أن هذه السلوكيات لا تتسق مع طبيعة المنصب الذي يتولاه، ما يستدعي وقفة تقييمية من صانع القرار لتفادي تكرار مثل هذه المواقف في المستقبل. وأضاف أن المرحلة الراهنة تتطلب ضبطاً دقيقاً للسلوك الرسمي، خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تواجه السودان داخلياً وخارجياً.