اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ١٢ أب ٢٠٢٥
▪️كما كانت لينينغراد في وجه حصارها، وستالينغراد في مواجهة أهوال الحرب العالمية، هاهي فاشر السلطان تُسطّر أسطورة صمودٍ لا تُقهر
▪️في صباح الحادي عشر من أغسطس،ظنّ المعتدون أن الفاشر ستكون لقمة سائغة. جاءوا بثلاثة محاور، محمّلين بـ 543 عربة قتالية، تقاطروا من معسكراً زمزم ، وقواعدهم في جنوب و شمال المدينة، ظانين أنهم سيكسرون صدّ المدينة كما تُكسر الأمواج الصخر.
▪️الفاشر، كما عصت على الغزاة، عصت على التعبير أيضاً. إن معجزتها ليست مجرد صمود عسكري، بل هي ملحمة إنسانية لم تستطع أدوات التحليل أن تفيها حقها، ولا الكلمات أن تواكب حجمها. صمود المدينة المحاصرة لأكثر من عام، في ظل انقطاع شبه تام للإمدادات، وضع أصعب الحسابات العسكرية أمام حقيقة واحدة: الإرادة هنا انتصرت على الإمكانات، والإيمان حطم ما خطط له المال والسلاح.
▪️227 هجومًا شنّتها المليشيا على فاشر السلطان، وكل هجوم أضاف فصلًا جديدًا في رواية عشق متجددة بين المدينة ووطنها السودان؛ حبرها الفداء، ومهرها الدم، والاستشهاد الذي لا يرضى أن يُؤتى السودان من خلالها.
▪️في الفاشر، لا يُقاس النصر بعدد القتلى أو العتاد، بل بصدى زئير الأبطال الذين تحوّلوا إلى أسود ضارية، زئيرهم يزلزل الأرض ويخترق صمت الحصار القاتل. ذلك الصوت العميق، المفعم بالعزم والإيمان، أرعب الصامتين على حافة الموت… أولئك الذين ظنوا أن صمتهم وسكونهم سيقهر المدينة ويكسر إرادتها.
▪️لكن الفاشر لم تخضع، ولم تنحني، بل ردّت على كل محاولة بهجوم أشرس وأقوى، وأثبتت أن صوتها أعلى من كل مدافع، وأن عزيمتها لا تعرف الاستسلام. كل هجوم جديد كان كالزئير الذي يضيف قوةً، وكل دم سُفك هو قصة حب تُروى لمدينة ضد الذل.
▪️تجمّدت كل أدوات التعبير والتحليل أمام صلابة الرجال، الذين كبدوا المعتدين أكثر من 254 قتيلاً، ودمروا 16 عربة، و استولوا على 34 أخرى بكامل عتادها ،بينهم مصفحات و'صرصر' مجهزة، فيما فرّ من تبقى منهم محمّلين بالخيبة والهزيم
▪️هذه ليست مجرد أرقام، بل هي مشاهد نُسجت بدماء الشهداء، وزُرعت بصبر الأمهات،وتحرّكت بعزيمة الأطفال الذين تربوا على نغمة القتال من أجل الوطن.
▪️الفاشر ليست مدينة محاصرة فقط، بل هي روح السودان الذي لا يقبل إلا النصر، حائط الصد الذي تحطمت عليه أمواج الظلام المدعومة من خارج الحدود. إنها قصة وحدة الصف بين القوات المسلحة والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية، في مشهد من التناغم والتضحية لا يقبل القسمة على اثنين.
▪️وإنها رسالة لكل مدن السودان: استلهموا من الفاشر صمودها، واقرؤوا في تاريخها كيف تكتب القلوب التي لا تعرف الانكسار مجدها في وجه أعتى العواصف. فكما كتب أهلها بدمائهم: 'هنا وقفنا… وهنا انتصرنا'، هكذا يمكن لكل سوداني أن يرى في صمودها نبراساً يضيء له طريق الحرية والكرامة.
▪️227 هجومًا، كل منها لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل فصل جديد في رواية عشق لا تنتهي بين فاشر السلطان ووطنها السودان. رواية حبرها الفداء ومهرها الدم، قصة لا تقبل إلا بأن تبقى الأرض حرة لا يُؤتى منها، وشعبٌ لا ينكسر مهما اشتدت العواصف.
▪️هذه الرواية ترويها الشوارع والأزقة، يكتبها صمود الأمهات وأصوات الأطفال، وتحكيها دماء الشهداء التي تساقطت لتبقى الفاشر عنوانًا لا يموت للصمود والإباء.
▪️ومن يظن أن الفاشر ستنكسر، فقد أخطأ الحساب… فالمدينة التي كتبت تاريخ البطولة بدمائها، ستبقى صخرةً شامخة في وجه كل عاتٍ ومعتدٍ، وستظل النبض الصادق لوطن لا يساوم على كرامته.