اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
في مشهد نادر يُجسّد الإصرار ويستحق أن يُروى، جلس طالب سوداني واحد من جنوب السودان، يُدعى بوليس يوانج، لأداء امتحان مادة “التربية الأسرية” ضمن امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة لعام 2024م، وذلك من مركز مدرسة الأحلام العالمية بجوبا – المعروفة سابقاً بـ”مدرسة الصداقة”.
ما حدث يوم الأحد 6 يوليو لم يكن مجرد امتحان، بل كان لحظة استثنائية تجتمع فيها رمزية الفرد وإرادة المؤسسات. فقد حشدت الدولة والجهات المعنية كل طاقاتها لخدمة طالب واحد، بعد انسحاب جميع زملائه من المادة، ولم يتبقَ سواه. ومع ذلك، لم يُلغَ الامتحان، بل انعقد بكامل طقوسه الرسمية والمهنية.
تكوّن الفريق المشرف على هذه الجلسة من 36 مراقباً ومساعداً، و12 مشرفاً، وكبير مراقبين من وزارة التربية والتعليم السودانية، إضافة إلى 7 من العاملين بالمدرسة وعدد من أفراد الأجهزة الأمنية لتأمين المركز، إلى جانب حضور مناديب من السفارة السودانية بجوبا، في مركز صُمم ليستوعب 800 طالب، بينما لم يضم في هذه القاعة إلا طالباً واحداً فقط.
جلس بوليس على مقعده منفرداً، يتسلّم ورقة الامتحان في موعدها، ويقضي ثلاث ساعات كاملة في صمت تام، لا يسمع فيه إلا نبض قلبه، ولا يشاركه أحد النظرات أو الهمسات، في امتحانٍ لم يكن عادياً، بل لحظة خالدة من العزيمة والانفراد.
الصحفي عادل فارس، مدير قناة “جنوبنا”، علّق على الحدث قائلاً: “قالوا جيشٌ جرار تحرك من أجل طالب واحد، كأن الدنيا قامت ولم تقعد! فقلنا: بل إنها قامت لتكرّم من صمد وحده، حين انسحب الجميع. وحده كتب اسمه في ورقة الامتحان، وفي سجل الطرافة والخلود”.
وفي ختام المشهد، خاطب فارس الطالب قائلاً: “يا بوليس الرابع عشر، تيمناً بالذكرى الرابعة عشرة لاستقلال جنوب السودان، افخر بهذا المشهد الذي سيصبح حديث القاعة، والمنصات، والسوشيال ميديا. يا لها من لحظة: حين تكون وحدك، وتخدمك أمة كاملة”.