اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في زمن تتسع فيه فضاءات الجريمة الإلكترونية في الإنترنت عبر الحدود وتتعاظم أدوات التمويه، يؤكد خبراء الأمن السيبراني أن الأدلة الرقمية تمثل السلاح الأقوى لكشف هوية مرتكبي الهجمات، رغم اعتمادهم على تقنيات تشفير متطورة وأدوات لإخفاء الهوية، مثل شبكات 'الدارك ويب' وبرامج توجيه الحركة عبر مسارات متعددة (TOR).
ثلاث أدوات يعتمد عليها المهاجمون مجرمي الإنترنت
يوضح الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات، أن مرتكبي الجرائم الإلكترونية عبر الإنترنت يعتمدون حاليًا على ثلاث أدوات رئيسية: التشفير القوي الذي يحمي البيانات من التتبع، أدوات الإخفاء التي تضفي حالة من اللامرئية على هويتهم، والهجمات العابرة للحدود التي تعقّد ملاحقتهم القانونية، حيث يُطلق المجرم هجومه من دولة لتصيب ضحايا في أخرى.
ما هي الأدلة التي لا تُمحى؟
يشدد رمضان على أن المحققين يعتمدون على عناصر تُعد أدلة جانبية لا تُمحى بسهولة، من بينها سجلات الدخول (LOG FILES) التي توثق كل محاولة اتصال بالنظام، والبيانات المحذوفة التي يمكن استعادتها عبر برمجيات متخصصة، إضافة إلى الأدلة المتوفرة في الأجهزة المحمولة وأجهزة إنترنت الأشياء (IoT) التي غالبًا ما تكشف دلائل إضافية غير متوقعة.
بروتوكولات صارمة لحفظ الأدلة وقبولها قضائيًا
يؤكد الخبير أن معالجة الأدلة الرقمية تتطلب الالتزام ببروتوكولات صارمة لضمان نزاهة التحقيق وسلامة سلاسل الحيازة القانونية، لأن أي خلل في جمعها أو تحليلها قد يؤدي إلى إسقاط القضية أمام المحاكم، ما يجعل التعاون مع شركات التقنية ومزودي الخدمات الرقمية عنصرًا محوريًا في نجاح الملاحقات القضائية.
الذكاء الاصطناعي: سيف ذو حدين
يشير رمضان إلى أن الذكاء الاصطناعي صار أداة مزدوجة الجانب؛ إذ يُستخدم من قبل المدافعين لتعزيز قدرات التحليل والكشف، وفي المقابل يوظفه المجرمون لتطوير برمجيات خبيثة تتعلم ذاتيًا، ولشن هجمات تصيّد موجهة (Spear Phishing) أكثر إقناعًا، فضلاً عن استخدام تقنيات التزييف العميق (Deepfake) في الابتزاز وخداع السلطات.
التحدي القانوني يتجاوز التقنية
يرى اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد أول وزير الداخلية المصري الأسبق، أن العقبة الأساسية ليست تقنية فحسب، بل تحويل الأدلة الرقمية إلى حجج قانونية مقبولة، مشيرًا إلى ضرورة احترام قواعد جمع الأدلة لضمان عدم الطعن فيها، وبيّن أن طابع الجرائم العابرة للحدود يثير إشكالية من يملك حق المحاكمة وكيفية التعاون القضائي الدولي.
حاجز الشركات التقنية وضرورة التعاون الدولي
أضاف عبدالكريم أن ثمة حالات تظل فيها بيانات مشفرة أو غير متاحة ما لم تتعاون الشركات التقنية، لافتًا إلى أن التطور السريع في أدوات الجريمة قد يتفوق على وتيرة تحديث التشريعات، مما يستدعي تطوير أطر قانونية عابرة للحدود تضمن مشاركة القطاع الخاص وشركات التكنولوجيا الكبرى في آليات التحقيق.
الحل: قانون وتدريب وتقنيات متقدمة
خلص الخبير إلى أن الحل لا يكمن في التكنولوجيا وحدها، بل في تطوير تشريعات دولية مرنة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، واعتماد الذكاء الاصطناعي كـ'حارس قانوني' يضمن نزاهة الإجراءات، مع تكثيف تدريب المحققين والقضاة لمواكبة أدوات الجريمة الرقمية حتى لا تتحول التكنولوجيا إلى ملاذ للمجرمين.