اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
أثارت دراسة علمية حديثة جدلًا واسعًا بعد أن كشفت عن علاقة مثيرة بين موسم الولادة وخطر الإصابة بالاكتئاب، إذ تبين أن الرجال المولودين في فصل الصيف معرضون بشكل أكبر للإصابة بالاكتئاب مقارنة بغيرهم من مواليد الفصول الأخرى.
الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كوانتلن البوليتكنيك الكندية، فتحت بابًا جديدًا للنقاش حول تأثيرات البيئة والموسم على الصحة النفسية.
تفاصيل العينة وأهداف الدراسة
ركزت الدراسة على عينة مكونة من 303 مشاركين، منهم 106 رجال و197 امرأة، بمتوسط أعمار بلغ 26 عامًا، وتم اختيارهم من خلفيات عرقية متنوعة في مدينة فانكوفر الكندية. و
وبلغت نسبة المشاركين من أصول جنوب آسيوية 31.7%، بينما مثل البيض 24.4%، والفلبينيين 15.2%.
وهدفت الدراسة إلى تحليل العلاقة بين موسم الميلاد واحتمال تعرض الشخص في مرحلة البلوغ لأعراض الاكتئاب أو القلق، اعتمادًا على استبيانات نفسية معيارية تُستخدم عالميًا، مثل استبيان PHQ-9 لتقييم الاكتئاب وGAD-7 لتقييم القلق.
النتائج: نسبة مرتفعة من أعراض الاكتئاب
أظهرت نتائج الدراسة أن نحو 84% من المشاركين يعانون من أعراض اكتئابية بدرجات متفاوتة، فيما بلغت نسبة المصابين بأعراض القلق 66%.
وأوضحت الدراسة أن القلق لم يظهر ارتباطًا واضحًا بموسم الميلاد، بينما كان الاكتئاب مرتبطًا بشكل كبير بفصل الصيف، وخصوصًا لدى الرجال.
الرجال في الصيف تحت دائرة الخطر
لفت الباحثون إلى أن نسبة الرجال المولودين في فصل الصيف الذين سجلوا درجات عالية على مقياس الاكتئاب PHQ-9 كانت الأعلى مقارنة بالمولودين في الفصول الأخرى، وهو ما يشير إلى تأثير محتمل للعوامل الموسمية أثناء الحمل أو الأشهر الأولى من حياة الطفل.
وبحسب التحليل، فإن العوامل البيولوجية مثل التعرض للضوء الطبيعي، ودرجة الحرارة، وصحة الأم خلال فترة الحمل قد تلعب دورًا مهمًا في تشكيل الصحة النفسية لاحقًا، خصوصًا إذا اقترنت بالعوامل الجينية أو البيئية الأخرى.
الدراسة ليست قاطعة لكنها تفتح الباب لبحوث جديدة
أقر الباحثون بأن نتائج الدراسة تستند إلى عينة محدودة العدد والنطاق الجغرافي، وهو ما يحد من تعميم النتائج، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات مهمة تستحق الدراسة والتوسع. وقد أشاروا إلى الحاجة لإجراء بحوث أوسع تتضمن شرائح عمرية مختلفة ومواقع جغرافية متعددة، لبحث ما إذا كانت هذه العلاقة الموسمية تتكرر على نطاق عالمي.
الربط بين البيولوجيا والمواسم
أكدت الورقة البحثية أن الظروف البيئية في المراحل الأولى من الحياة، مثل كمية الضوء الطبيعي خلال فترة الحمل أو الولادة، قد تؤثر على تنظيم هرمونات مثل الميلاتونين والسيروتونين المرتبطين بالمزاج. كما أن التغيرات الموسمية قد تؤثر على صحة الأم، ما ينعكس لاحقًا على الطفل في مراحل النمو.
الدراسة تضع أسسًا لفهم جديد للصحة النفسية
واعتبر عدد من الأطباء النفسيين أن الدراسة تُعد خطوة أولى نحو فهم أوسع للصلة بين البيئة والصحة النفسية، خاصة في ظل ازدياد معدلات الاكتئاب والقلق عالميًا، حيث باتت هذه الاضطرابات تشكل تحديًا للصحة العامة. كما أن ربط مزاج الإنسان بموسم ميلاده قد يسهم مستقبلًا في استراتيجيات وقائية خاصة بالفئات الأكثر عرضة للخطر.
أعراض الاكتئاب لا تزال موضع اهتمام علمي كبير
يشير الأطباء إلى أن الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا، ويُقدر عدد المصابين به حول العالم بمئات الملايين، مما يجعل كل دراسة تكشف عن عامل جديد مساهم في ظهوره تستحق الاهتمام، وخاصة إذا تعلق الأمر بعوامل يصعب تعديلها مثل موسم الولادة.
دعوة لمزيد من البحث والتوسع
دعت الدراسة إلى إجراء أبحاث أكثر شمولًا تأخذ في الحسبان تأثيرات أخرى مثل الجنس، والجينات، وأنماط النوم، وظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لتحديد الأسباب المعقدة التي تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للاكتئاب بناءً على توقيت ولادتهم فقط.
خلاصة الدراسة
رغم أن الدراسة لا تؤكد بشكل قاطع أن الولادة في الصيف تسبب الاكتئاب، فإنها تلفت الانتباه إلى أن المولودين في هذا الفصل، وخاصة الرجال، قد يحتاجون إلى مراقبة صحية نفسية أكثر حذرًا، مما يجعل النتائج ذات أهمية كبيرة للعلماء والممارسين في مجال الطب النفسي.