اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
شهدت مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور مأساة إنسانية مؤلمة بعد وفاة ثلاثة أشخاص من مرضى الكلى خلال الشهر المنصرم نتيجة نقص العلاج والمستهلكات الطبية اللازمة لعمليات الغسيل.
وأكد مصدر طبي وسكان محليون أن الأزمة تفاقمت في ظل غياب الدعم الحكومي وارتفاع أسعار الأدوية، مما أجبر المرضى على التوقف عن التردد إلى مراكز الغسيل.
تفاصيل الأزمة داخل مركز غسيل الكلى
وأوضح مصدر طبي ــ فضل حجب اسمه ــ في تصريح أن شح المستهلكات الطبية وارتفاع أسعارها أدى إلى تقليص خدمات مركز غسيل الكلى في نيالا، مشيرًا إلى أن المريض أصبح ملزمًا بشراء مستلزمات الغسيل بنفسه من الصيدليات الخارجية، والتي تشمل المحاليل الوريدية والإبر والمستلزمات الأخرى الضرورية. وأضاف أن إدارة المركز اضطرت إلى تقليص عدد جلسات الغسيل من مرتين إلى مرة واحدة أسبوعيًا بسبب النقص الحاد في الإمدادات، بينما يتحمل المريض تكلفة أي جلسة إضافية، بحسب ”دارفور24”.
ارتفاع تكلفة جلسات الغسيل
وشدد المصدر على أن جلسة الغسيل الواحدة تتطلب تسعة محاليل وريدية ومستلزمات طبية أخرى، وهو عبء مادي ثقيل لا يستطيع غالبية المرضى تحمله، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة. وأشار إلى أن الوضع الحالي أدى إلى توقف عدد كبير من المرضى عن تلقي العلاج المنتظم، مما تسبب في مضاعفات صحية خطيرة أدت إلى وفاة البعض.
شهادات من ذوي الضحايا
من جانبه، قال أحد أقارب المتوفين بسبب مضاعفات مرض الكلى إن قريبه كان يخضع لجلستين أسبوعيًا في السابق حينما كانت الأدوية متوفرة، لكنه اضطر إلى التوقف عن الغسيل خلال الشهرين الأخيرين بسبب عدم قدرته على شراء المستلزمات، مما أدى إلى وفاته. وأضاف أن تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية جعل الكثير من المرضى بين خيارين أحلاهما مر: إما تحمل تكاليف باهظة للعلاج أو مواجهة الموت البطيء.
انهيار الأجهزة الطبية بالمركز
وأكدت مصادر طبية أخرى أن مركز غسيل الكلى في نيالا يعاني من أعطال متكررة في الأجهزة، إذ لم يتبق سوى خمسة أجهزة عاملة من أصل 11، ما يعني أن الخدمة المتاحة لا تكفي سوى لـ40 إلى 50 مريضًا أسبوعيًا فقط. وأوضحت أن هذا النقص الحاد جعل المواعيد طويلة، وبعض المرضى ينتظرون أيامًا لإجراء جلسة غسيل واحدة.
الاعتماد على مراكز محدودة في دارفور
ويعتمد سكان إقليم دارفور، لا سيما بعد اندلاع الحرب، على مركز غسيل الكلى في مدينتي نيالا والضعين لتلقي العلاج، وسط تحديات متزايدة تتعلق بنقص الإمدادات الطبية وتوقف وصول الأدوية والمستهلكات من وزارة الصحة الاتحادية في بورتسودان منذ عدة أشهر. وأفادت المصادر أن توقف الإمدادات الحكومية جعل المراكز تعمل بجهود ذاتية وإمكانات محدودة للغاية.
جهود المتطوعين لدعم المرضى
وفي ظل غياب الدعم الرسمي، نشط عدد من المتطوعين بمدينة نيالا في توفير بعض المستهلكات الطبية ووقود تشغيل المولد الكهربائي لضمان استمرار الخدمة في مركز غسيل الكلى بمستشفى نيالا التخصصي. وأكد المتطوعون أن المساعدات التي يقدمونها ليست كافية لتغطية احتياجات المركز، لكنها تمنع انهياره الكامل مؤقتًا.
أزمة إنسانية تهدد مئات المرضى
ويحذر أطباء من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر في جنوب دارفور، خاصة وأن مئات المرضى مهددون بفقدان حياتهم إذا لم يتم تأمين الإمدادات الطبية اللازمة في أسرع وقت. وأوضحوا أن أمراض الكلى تتطلب انتظامًا في الغسيل، وأي تأخير يؤدي إلى تراكم السموم في الجسم وتدهور سريع في الحالة الصحية للمريض.
غياب الحلول الحكومية
حتى الآن، لم تصدر وزارة الصحة الاتحادية أي بيان رسمي يوضح خطتها لمعالجة الأزمة أو موعد استئناف إمداد المراكز الطبية بالأدوية والمستهلكات الحيوية. ويطالب الأطباء والمنظمات المحلية الحكومة بالتدخل العاجل لضمان استمرار خدمات الغسيل وإنقاذ أرواح المرضى الذين يواجهون مصيرًا مجهولًا.
دعوات لإنقاذ مراكز الغسيل
ودعت منظمات المجتمع المدني الجهات الدولية والمنظمات الصحية إلى تقديم الدعم العاجل لمراكز غسيل الكلى في دارفور، مشددة على أن الوضع تجاوز حدود الأزمة الصحية إلى مأساة إنسانية حقيقية تهدد حياة المرضى، في ظل الحرب التي أضعفت النظام الصحي في الإقليم بالكامل.
أزمة الكلى في دارفور.. صرخة استغاثة مفتوحة
تتزايد المطالب اليوم بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من نظام الرعاية الصحية في الإقليم، قبل أن تتحول أزمة الكلى إلى وباء صامت يفتك بالمرضى دون أن يجدوا فرصة للعلاج أو حتى جلسة غسيل واحدة.