اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
أم درمان- نبض السودان
في تطور ميداني بالغ الأهمية، واصلت القوات المسلحة السودانية تقدمها في جنوب أم درمان، مقتربة بشكل حاسم من منطقة 'الصالحة' والريف الجنوبي الذي يضم قرى الجموعية، والتي تعتبر من آخر المعاقل المتبقية لمليشيا الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، ما يُنذر باقتراب حسم عسكري شامل على مستوى العاصمة.
الجيش يقترب من الحسم في محيط الصالحة
وبحسب تقارير ميدانية مؤكدة، فقد تمكنت القوات المسلحة يوم السبت من السيطرة الكاملة على منطقة البنك العقاري في أقصى غرب أم درمان، في عملية عسكرية محكمة قادتها وحدات سلاح المهندسين 'تكساس'، بدعم من قوات مساندة. وأُنجز تطهير المربعات السكنية المجاورة للبنك، في خطوة تُمهِّد لإعلان قريب عن تحرير العاصمة بأكملها.
سيطرة استراتيجية على أحياء ومواقع حساسة
أكدت تنسيقية لجان مقاومة كرري أن الجيش تمكن من السيطرة على المربعات (26، 33، 34)، إلى جانب حي الصالحين، ومحطة البكاسي، والحارة 38 جنوب سوق ليبيا، إلى جانب مواقع حيوية قرب 'صينية أنغولا'، مما عزز من تماسك تمركزاته العسكرية في المحور الجنوبي من أم درمان.
كما سجل الجيش تقدمًا نوعيًا نحو منطقة 'الكسارات' التي لا تبعد كثيرًا عن مدينة الصالحة، في مؤشر واضح على قرب الالتقاء بالقوات القادمة من أمبدة، وبالتالي تطويق مليشيا الدعم السريع من عدة اتجاهات.
قصف مدفعي محكم من وادي سيدنا
نفذت القوات المسلحة قصفًا مدفعيًا كثيفًا من قواعدها في وادي سيدنا استهدف مواقع دعم سريع غرب أم درمان، ما أدى إلى قطع طريق (الفجر) الحيوي، أحد أبرز ممرات الإمداد للمليشيا، لاسيما في حي الجامعة شمال الصالحة.
ويمتد طريق (الفجر) من الفتيحاب مرورًا بالكسارات وجبل طورية وصولًا إلى الصالحة، ويشكّل ممرًا استراتيجيًا يربط وسط وغرب أم درمان، وقد كان يُستخدم من قبل المليشيا في تنقلاتها وتحركاتها اللوجستية. السيطرة عليه تمثل ضربة قاصمة لخطوط دعم المليشيا ومفتاحًا لعزلها تمامًا عن محيط أمبدة وجبل أولياء.
معركة الكرامة تدخل مرحلتها الأخيرة
المتغيرات الميدانية المتسارعة جاءت تتويجًا لسلسلة عمليات عسكرية بدأت في مارس 2024 من قواعد سلاح المهندسين، وتقدمت تدريجيًا في أحياء ذات كثافة سكانية مرتفعة، وصولًا إلى عمق المناطق المحصنة للمليشيا. ومع التقدم الحالي بات الجيش على مشارف حسم المعركة عسكريًا في الخرطوم.
مأساة إنسانية في صالحة تحت الاحتلال
في المقابل، تعيش منطقة الصالحة أوضاعًا إنسانية كارثية، نتيجة الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين. وتشير الشهادات المحلية إلى حالات قتل خارج القانون، واعتقالات تعسفية، وتعذيب ممنهج، كان أبرزها مجزرة 27 أبريل، التي راح ضحيتها 31 مدنيًا، بينهم عدد من الأطفال.
كما تواجه المنطقة انهيارًا كاملًا في النظام الصحي، حيث دُمّرت المرافق الطبية وتعرضت للنهب، مما أدى إلى تفشي الأمراض، وعلى رأسها الكوليرا. إلى جانب ذلك، يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي ونقص حاد في المياه بسبب الحصار.
الأمل يلوح من فوهة البندقية
في ظل هذه المأساة، يمثل التقدم العسكري الكبير للجيش في منطقة الصالحة بارقة أمل لأهلها، وبوابة نحو فك الحصار واستعادة الخدمات والحياة الكريمة. وإذا تمكنت القوات المسلحة من فرض سيطرتها الكاملة على هذه المواقع، فذلك يعني إحكام قبضة الدولة على العاصمة كليًا، ما يشكل نقطة تحول فاصلة في مسار معركة الكرامة ضد التمرد والجرائم المسلحة.