مفاوضات غزة.. أنباء غير سارة من شرم الشيخ

متابعات- نبض السودان

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، وسط توقعات بعدم الوصول إلى نتائج سريعة. فقد أكد مسؤول مطلع على سير المحادثات أن هذه الجولة قد تستمر لعدة أيام على الأقل، في ظل سعي الأطراف إلى التوصل لاتفاق شامل يتضمن كافة التفاصيل قبل تنفيذ وقف إطلاق النار.

تعقيدات وتباينات في المواقف

المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، أشار في حديثه إلى وكالة رويترز إلى أن التوصل لاتفاق نهائي في هذه المرحلة يبدو صعبًا، نظرًا لتعقيد الملفات المطروحة، وعلى رأسها قضية السلاح وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، والتي تمثل أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين. وأضاف أن الهدف من المفاوضات الحالية هو التوصل إلى تفاهم نهائي يضمن تنفيذ الاتفاق على مراحل دون العودة إلى جولات جديدة من التصعيد.

انعدام الثقة المتبادل

من جانبه، أعرب مسؤول فلسطيني مطلع على سير المحادثات عن تشككه في إمكانية حدوث انفراجة قريبة، مشيرًا إلى أن انعدام الثقة بين الطرفين يمثل أكبر عقبة أمام تحقيق تقدم ملموس. وقال إن حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى تخشى انسحاب إسرائيل من المفاوضات فور استعادة جميع الرهائن، دون الالتزام ببقية بنود الاتفاق.

عقدة السلاح.. وموقف حماس الثابت

وفي هذا السياق، أوضح مصدر في حركة حماس أن القضية الأكثر حساسية في المفاوضات هي المطلب الإسرائيلي بنزع سلاح الحركة، وهو بند مستمد من خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي دعت إلى إنهاء تسلح الفصائل الفلسطينية.

وأكد المصدر أن حماس ترفض بشكل قاطع هذا الطرح ما لم تنتهِ إسرائيل من احتلال قطاع غزة ويتم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، معتبرة أن أي تنازل في هذا الملف يعني التخلي عن حق المقاومة المشروع.

وفد إسرائيلي رفيع المستوى في شرم الشيخ

وفي وقت سابق من اليوم، وصل الوفد الإسرائيلي إلى مدينة شرم الشيخ للمشاركة في المفاوضات، وضم مسؤولين من جهازي المخابرات (الموساد) والأمن الداخلي (شين بيت)، إلى جانب مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية أوفير فالك، والمنسق الخاص بشؤون الرهائن غال هيرش.

بينما أشار ثلاثة مسؤولين إسرائيليين إلى أن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، كبير المفاوضين الإسرائيليين، قد ينضم إلى المحادثات لاحقًا هذا الأسبوع بحسب تطورات المفاوضات.

وفد حماس برئاسة خليل الحية

أما وفد حماس، فيرأسه خليل الحية، رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة وكبير مفاوضيها. وتعد زيارة الحية إلى مصر الأولى من نوعها منذ نجاته من غارة إسرائيلية استهدفته في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي.

ووفقًا لبيان رسمي أصدرته الحركة مساء الأحد، يسعى وفد حماس إلى الحصول على ضمانات واضحة بشأن آلية تنفيذ عملية تبادل الأسرى، التي تشمل الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة (أحياءً وأمواتًا) مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

ملفات التفاوض.. الأسرى والانسحاب ووقف النار

تتضمن المرحلة الأولى من الخطة التي كشف عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، والتي أبدت كل من إسرائيل وحماس موافقتها المبدئية عليها، إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين.

لكن المفاوضات الحالية تتناول أيضًا الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة وآلية وقف إطلاق النار الدائم، وهي ملفات شائكة تتطلب توافقات سياسية وأمنية دقيقة بين الجانبين.

أرقام متباينة حول الأسرى والرهائن

ووفقًا لتقديرات نقلتها وكالة رويترز، لا يزال 48 إسرائيليًا محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم نحو 20 على قيد الحياة فقط، فيما يقبع المئات من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية منذ سنوات طويلة، بعضهم دون محاكمة.

وتعتبر هذه الأرقام مؤشرًا على حساسية ملف التبادل، الذي يمثل إحدى النقاط الأساسية في المفاوضات الجارية.

آفاق غامضة ومخاوف من فشل المفاوضات

رغم الجهود المصرية المكثفة لاحتضان جولة المفاوضات الجديدة في شرم الشيخ، إلا أن المراقبين يرون أن الفجوة بين مطالب الطرفين لا تزال كبيرة، ما يجعل احتمالات التوصل لاتفاق شامل في المدى القريب ضئيلة للغاية.

ويرجح مراقبون أن القضيتين الأساسيتين – نزع السلاح والانسحاب الكامل من غزة – قد تستغرقان شهورًا من التفاوض، في حال تمسك كل طرف بموقفه دون تقديم تنازلات ملموسة.

مصر.. وسيط يسعى لتثبيت التهدئة

تسعى القيادة المصرية من خلال هذه الجولة إلى تثبيت الهدنة الإنسانية وتجنب انهيار التفاهمات القائمة، إضافة إلى ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتهيئة المناخ السياسي لاستئناف مسار التسوية السياسية الشاملة بين الجانبين.