اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة عن تفاصيل مثيرة كانت وراء تأجيل اجتماع مهم دعت إليه الإدارة الأمريكية في واشنطن بشأن الأزمة السودانية، حيث كان الاجتماع يهدف إلى استكشاف إمكانية التوصل إلى تسوية توقف الحرب التي دخلت عامها الثالث، وأوقعت آلاف الضحايا، وسط انقسامات إقليمية وتحذيرات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية والسياسية.
خلاف مصري إماراتي حول دور الجيش السوداني
وبحسب ما أوردته قناة 'فرانس 24″، فإن الخلافات الرئيسية التي تسببت في تأجيل الاجتماع نشبت بين مصر والإمارات حول مسودة البيان الختامي، وتركزت حول الدور المستقبلي للمؤسسة العسكرية السودانية، وتحديدًا القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في أي تسوية أو مرحلة انتقالية قادمة.
وأشار مصدران دبلوماسيان إلى أن القاهرة وأبوظبي، وهما أبرز قوتين إقليميتين تتدخلان في الصراع السوداني، لم تتفقا على تصور موحد بشأن مستقبل الجيش السوداني. ففي حين اقترحت الإمارات عدم مشاركة القوات النظامية في المرحلة الانتقالية، رفضت مصر هذا المقترح بشكل قاطع.
مصر تتمسك بالمؤسسات الوطنية السودانية
وأكدت القاهرة على لسان مصدر دبلوماسي عربي تمسكها الكامل بضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية، وعلى رأسها القوات المسلحة، كضمانة لوحدة واستقرار البلاد، معتبرة أن أي محاولة لاستبعاد الجيش من المشهد السياسي في هذه المرحلة الحساسة هو مخاطرة قد تقود إلى تفكك الدولة السودانية بالكامل.
تعديل إماراتي فجائي يفجر الأزمة
وكشف المصدر ذاته أن الإمارات أدخلت تعديلًا مفاجئًا في اللحظات الأخيرة على مسودة البيان الختامي، يتضمن دعوة صريحة إلى استبعاد الجيش والدعم السريع من المرحلة الانتقالية المقبلة. ورغم أن الولايات المتحدة كانت قد قدمت مسودة متوازنة نالت موافقة أغلب الأطراف، بما فيها الإمارات، إلا أن القاهرة اعترضت بقوة على هذا البند، معتبرة أنه يخل بالتوازن المطلوب ويهدد وحدة السودان.
واشنطن ترجئ الاجتماع إلى إشعار آخر
ونتيجة لهذه الخلافات التي وصفها المراقبون بـ'الجوهرية'، قررت واشنطن إرجاء الاجتماع إلى موعد لاحق لم يُحدَّد بعد، وسط حالة من الغموض حول مستقبل المساعي الدبلوماسية الأمريكية لحلحلة الأزمة السودانية.
وكان السفير المصري في واشنطن معتز زهران قد صرّح لصحيفة 'الشرق الأوسط' أن الاجتماع من المرجح أن يُعقد في سبتمبر المقبل، مشددًا على حرص المجموعة الرباعية الدولية على مواصلة الضغط على الأطراف السودانية للانخراط في عملية تفاوضية جادة تنهي الحرب.
خيبة أمل سودانية وتخوف من النسيان الدولي
قرار تأجيل الاجتماع أحدث صدمة وخيبة أمل كبيرة وسط قطاعات واسعة من السودانيين، خصوصًا القوى المدنية والسياسية التي تدعو لوقف الحرب، وعلى رأسها تحالف 'صمود'. وقال محللون إن هذا الاجتماع كان يُنظر إليه على أنه الفرصة الأخيرة لإحياء مسار سياسي دولي يضع حدًا للصراع الدموي في السودان.
وحذّر الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني في عموده الصحفي من أن تعثر الاجتماع يعيد الأزمة السودانية إلى طيّات النسيان الدولي، في ظل تزاحم القضايا العالمية، ما يزيد من تعقيد المشهد ويُضعف احتمالات الوصول إلى حل قريب.
سيناريوهات قاتمة تلوح في الأفق
وفي ظل انسداد الأفق السياسي، أكد ميرغني أن غياب الحلول السودانية الداخلية يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة، أبرزها استمرار الحرب لفترات طويلة، وربما بشكل متقطع في عدة ولايات، باستثناء الوسط السوداني الذي يشهد هدوءًا نسبيًا.
وأشار إلى أن استمرار النزاع المسلح دون تدخل خارجي فعّال قد يؤدي إلى 'تدحرج الأجندة' نحو أخطر السيناريوهات، وهو التقسيم الفعلي للبلاد، محذرًا من أن دارفور تبدو الآن على رأس قائمة المناطق المرشحة للانفصال بعد إعلان حكومة موازية في نيالا.
السودان على حافة الانقسام.. وتحذيرات من السيناريو الليبي
ويرى مراقبون أن فشل المجتمع الدولي في التوصل إلى مقاربة متوازنة بين الفاعلين الإقليميين حول السودان، قد يدفع بالبلاد إلى مستنقع يشبه السيناريو الليبي، حيث تتصارع حكومتان على السلطة، وسط تدخل خارجي كثيف، وانهيار تام لمؤسسات الدولة.
وفي ظل غياب استراتيجية موحدة بين القوى الكبرى والإقليمية، يبقى السودان رهينة للمصالح المتضاربة، ما يعمّق الأزمة ويهدد بتداعيات كارثية على استقرار المنطقة ككل.