اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
كم قيمة عقد الامتياز بين سوريا وموانئ دبي؟
تقدر بـ 800 مليون دولار موزعة على ثلاث مراحل استثمارية.
ما أهمية هذا الاستثمار بالنسبة لسوريا؟
تسرّع الحكومة السورية خطواتها لاستعادة موقعها كمحور تجاري إقليمي، مستفيدة من التحولات السياسية والاقتصادية لجذب استثمارات كبرى في النقل والبنية التحتية، مع التركيز على تطوير الموانئ كمفتاح لدورها اللوجستي التاريخي.
كما تسعى من خلال اتفاقيات شراكة مع شركات دولية إلى تحديث قدراتها البحرية وربطها بطرق النقل البري، بما ينعكس على حركة التجارة الإقليمية ويدعم جهود إعادة الإعمار وتحريك العجلة الاقتصادية المتوقفة منذ سنوات الحرب والعقوبات.
شراكة وتطور
وفي خطوة تعكس عودة سوريا التدريجية إلى خريطة الاستثمار الإقليمي، وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة 'موانئ دبي العالمية' بقيمة 800 مليون دولار، لتطوير البنية التحتية للموانئ السورية وتعزيز قدراتها التشغيلية.
وتستهدف هذه الخطوة تحديث الأرصفة والمرافئ وتوسيع مرافق التخزين والتفريغ، إضافة إلى ربط الموانئ بشبكات النقل البري بأنظمة حديثة، بما يعيد إحياء موقع سوريا الجغرافي كممر لوجستي محوري.
كما تأتي هذه الاتفاقية، التي وُقّعت في 13 يوليو 2025 بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، امتداداً لمذكرة تفاهم سابقة وكمؤشر عملي على الانفتاح الاقتصادي بعد رفع العقوبات الأمريكية عن دمشق.
وتتضمن الاتفاقية الجديدة تنفيذ خطة تطوير شاملة تستهدف بشكل أساسي ميناء طرطوس غربي سوريا، من خلال أعمال تجديد وتوسعة وتطوير لزيادة كفاءة استقبال السفن ورفع القدرة التشغيلية للميناء.
وتشمل الخطة كذلك تحديث مرافق التخزين والتفريغ وتطوير البنية التحتية اللوجستية بما ينسجم مع المعايير الدولية، ويعزز دور الميناء كمركز إقليمي لحركة التجارة والبضائع.
كما يمتد المشروع ليشمل ربط الموانئ بشبكات النقل البري عبر إقامة موانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في نقاط استراتيجية داخل البلاد، لتسهيل تدفق الشحنات وتقليل التكاليف التشغيلية.
وستُعتمد في إطار ذلك أنظمة ذكية لتعقب حركة البضائع وتنظيم دخول وخروج الشاحنات، بما يسهم في تسريع عمليات المناولة وتقليص زمن دوران الحاويات، ويزيد من تنافسية الموانئ السورية مقارنةً بالموانئ المجاورة.
ووفق الهيئة العامة للمنافذ، يمثل المشروع إحدى الخطوات المحورية ضمن رؤية الحكومة السورية لإعادة بناء قطاع النقل البحري واستعادة مكانة سوريا كمركز عبور وتجارة، إلى جانب تحفيز الاقتصاد المحلي عبر فرص العمل والنمو المتنوع.
امتياز طويل الأمد
بعد إعلان الاتفاقية مع شركة 'موانئ دبي العالمية'، بدأت تتضح تفاصيل عقد الامتياز الذي يمنح الشركة حق إدارة وتشغيل مرفأ طرطوس لعقود مقبلة، بهدف إعادة تأهيل المرفأ ليواكب المتطلبات الحديثة ويستعيد مكانته كحلقة وصل محورية لحركة التجارة البحرية.
وقال مدير عام الموانئ في سوريا عدنان حاج عمر، إن توقيع عقد الامتياز مع شركة 'موانئ دبي العالمية' لتشغيل وإدارة مرفأ طرطوس لمدة 30 عاماً يمثل 'رؤية استراتيجية لإعادة تموضع سوريا على خريطة التجارة البحرية الإقليمية والدولية'.
وأوضح حاج عمر في تصريحات خاصة لـ'إرم بزنس' أن الاتفاق هو عقد امتياز (Concession Agreement) يمنح الشركة حق إدارة وتشغيل المرفأ بالكامل، مع التزامها بتقديم نظام تشغيل حديث خلال ستة أشهر من استلام المشروع وبموافقة الهيئة العامة للموانئ البحرية.
كما بيّن أن 'موانئ دبي' ستكون مسؤولة عن الإدارة والتشغيل والمناولة والتزويد والتخزين والحركة البحرية، بينما تظل الجوانب الأمنية والسيادية والجمارك تحت إشراف الدولة السورية وسلطات الموانئ.
وأكد أن الحكومة السورية 'تحتفظ بكامل صلاحياتها وسيادتها داخل المرفأ'، في حين يقتصر دور الشركة على التشغيل دون أي تدخل في القرارات السيادية.
وأشار حاج عمر إلى أن تنفيذ المشروع سيمر بثلاث مراحل، تبدأ بأربع سنوات استثمارية بقيمة 200 مليون دولار، بمعدل 50 مليون دولار سنوياً، ثم مرحلة ثانية بنفس القيمة، تليها مرحلة ثالثة بقيمة 400 مليون دولار.
وستُشرف لجنة توجيهية مشتركة بين الجانبين على الالتزام بتنفيذ العقد وفق الجدول الزمني، مع رقابة صارمة على الأداء والجودة والتوظيف، كما ستحصل الدولة السورية على نسبة 45% من إجمالي الإيرادات الشهرية، تُحصَّل بالليرة السورية أو العملات الأجنبية.
كما يلزم العقد الشركة باستخدام عمالة سورية بنسبة لا تقل عن 90% من إجمالي القوى العاملة، مع تدريب الكوادر محلياً وخارجياً، وألا تتجاوز نسبة العمالة الأجنبية 10%.
ولفت حاج عمر إلى أن مرفأ طرطوس سيرتبط مباشرة بشبكة 'موانئ دبي' العالمية، التي تدير أكثر من 78 محطة بحرية وبرية في أكثر من 60 دولة، ما يوفر ربطاً مع موانئ استراتيجية مثل جبل علي وجدة والعقبة والعين السخنة.
ازدهار إقليمي
تكتسب الموانئ السورية أهمية مضاعفة من الناحية الاقتصادية باعتبارها شرياناً رئيسياً لحركة التجارة والاستيراد والتصدير، وركيزة أساسية لخطط إعادة الإعمار والتنمية.
كما يُنظر إلى هذه الموانئ، خاصة ميناءي اللاذقية وطرطوس على الساحل الشرقي للمتوسط، كبوابات محورية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يمنح سوريا موقعاً استراتيجياً نادراً لتكون مركز عبور وترانزيت للتجارة الإقليمية والدولية.
يؤكد المحلل السياسي السوري هشام إسكيف، أن موقع سوريا على شرق المتوسط يضعها كحلقة وصل أساسية بين الإقليم والعالم في الملاحة البحرية، مشيراً إلى أن الملاحة العالمية تحتاج دائماً طرقاً قصيرة وآمنة، مما يبرز أهمية إعادة تنشيط الملاحة في الموانئ السورية.
ويوضح لـ'الخليج أونلاين':
- دبي استطاعت، خلال العقدين الماضيين، النهوض بالتجارة العالمية عبر موانئها وإدخال التقنيات الرقمية، مما جعلها في صدارة هذه الصناعة.
- الربط بين الموقع السوري الاستراتيجي والخبرة الإماراتية في هذا المجال عبر موانئ دبي سيجعل المنطقة مزدهرة بشكل متزايد وبسرعة غير متوقعة.
- من المبكر التكهن بمدى تأثير الموانئ السورية على إعادة رسم موقع سوريا على خريطة التجارة الإقليمية والدولية، لكن البدايات مبشرة وواعدة.
- الاستثمار في الملاحة والتجارة البحرية، مع توظيف التقانة الرقمية، سينتج عنه نتائج مرضية للجميع.
- الشراكة مع موانئ دبي يمكن أن تفتح المجال أمام اتفاقيات أوسع بين دمشق ودول الخليج في قطاعات أخرى، وهذا يتطلب المساعدة في خلق بيئة مستقرة وآمنة، لتصبح سوريا مستقراً لصناعات عديدة.