اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في خطوة أثارت قلق الأسواق المالية العالمية، أعلنت وكالة 'موديز' للتصنيف الائتماني عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية درجة واحدة، من 'Aaa' الأعلى على مقياسها، إلى 'Aa1″، مشيرة إلى الضغوط المالية المتزايدة التي تواجهها الحكومة الأمريكية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وتضخم أعباء الدين.
أسباب التخفيض: تصاعد العجز وارتفاع مدفوعات الفائدة
وأكدت 'موديز' في بيان رسمي أن هذا القرار يأتي استنادًا إلى 'الزيادة المستمرة منذ أكثر من عقد في نسب الدين الحكومي الأمريكي ومدفوعات الفائدة'، التي بلغت مستويات تفوق بكثير ما تسجله الدول الأخرى التي لا تزال تحظى بنفس التصنيف السابق.
وأوضحت الوكالة أن عبء الديون وتكاليف الفائدة بلغ نقطة تؤثر سلبًا على الموثوقية المالية للحكومة الأمريكية، معتبرة أن العجز المتواصل في الميزانية هو مؤشر خطير على تدهور الإطار المالي الأمريكي، لا سيما في ظل غياب تدابير تقشفية فعالة أو خطط إصلاح جوهرية.
أرقام صادمة: تريليون دولار عجز في أقل من عام
بلغ إجمالي العجز المالي الأمريكي حتى الآن 1.05 تريليون دولار، بزيادة نسبتها 13% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويعود جزء من هذه الزيادة إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة على ديون الخزانة، والتي تأثرت بدورها بارتفاع أسعار الفائدة التي أقرتها الاحتياطي الفيدرالي في إطار سعيه للسيطرة على التضخم.
ورغم أن زيادة الرسوم الجمركية ساهمت نسبيًا في تقليص بعض جوانب الاختلال المالي، إلا أنها لم تكن كافية لمعادلة الأعباء المتصاعدة.
سندات الخزانة تتفاعل مع التخفيض
في أعقاب إعلان 'موديز'، ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.48% في تعاملات ما بعد الإغلاق، في إشارة إلى رد فعل السوق تجاه المخاوف من تراجع الجدارة الائتمانية للولايات المتحدة.
فشل سياسي مستمر في احتواء الأزمة
انتقدت 'موديز' في بيانها فشل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إلى جانب الكونغرس، في التوصل إلى توافق حول خطوات فعالة لكبح جماح العجز المالي الكبير، مؤكدة أن المقترحات الحالية لا ترتقي إلى مستوى التحدي، ولا تتضمن تخفيضات جوهرية متعددة السنوات في الإنفاق الإلزامي أو العجز العام.
وأشارت الوكالة إلى أن غياب الإرادة السياسية لمعالجة الخلل المالي الهيكلي في الولايات المتحدة يهدد بتقويض ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.
أزمة مالية متكررة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تخفض فيها (وكالات) التصنيف الائتماني تصنيف الولايات المتحدة، حيث خفضت وكالة 'ستاندرد آند بورز' تصنيف البلاد من AAA إلى AA+ في أغسطس 2011، تبعتها وكالة 'فيتش' في أغسطس 2023 بخفض مماثل. وتؤكد هذه التحركات أن الأزمة المالية الأمريكية لم تعد مؤقتة، بل تأخذ طابعًا بنيويًا.
ضربة سياسية لترامب في توقيت حساس
تأتي هذه التطورات في وقت حرج سياسيًا، حيث رفضت لجنة الميزانية بمجلس النواب، بقيادة الحزب الجمهوري، يوم الجمعة حزمة تشريعية شاملة تقدم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تضمنت تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها خلال ولايته الأولى في عام 2017.
ويُنظر إلى هذا الرفض باعتباره انتكاسة محتملة لأجندة ترامب الاقتصادية، التي كانت تعتمد على تعزيز النمو عبر تخفيض الضرائب، لكن يبدو أن العجز المتفاقم والضغوط المالية باتت تمثل حاجزًا كبيرًا أمام مواصلة هذه السياسات.
نظرة مستقبلية مستقرة ولكن حذرة
ورغم تخفيض التصنيف، غيرت 'موديز' نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، وهو ما فسرته بأنها لا تتوقع مزيدًا من التخفيضات في المستقبل القريب، لكن الاستقرار يبقى مشروطًا بعدم تدهور الأوضاع المالية بصورة أكبر.
واختتمت الوكالة بيانها بالتحذير من أن الاستمرار في تجاهل العجز المالي وتضخم الدين قد يؤدي إلى المزيد من التخفيضات مستقبلاً، ما سيؤثر على تكلفة الاقتراض الأمريكي ويقوض مكانته العالمية.