اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
كشف عدد من التجار المحليين في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور عن صدور قرار مفاجئ يقضي بمنع بيع وشراء أنواع محددة من السجائر داخل أسواق المدينة، ما تسبب في جدل واسع بين التجار والمستهلكين، وسط اتهامات بتدخلات من عناصر تتبع لاستخبارات قوات الدعم السريع في سوق السجائر المحلي.
اجتماع استخباراتي وراء القرار
وأوضح أربعة من التجار في تصريحات لـ”دارفور24” أن اجتماعًا عُقد في مطلع سبتمبر الماضي بين عناصر من استخبارات مليشيا الدعم السريع وعدد من تجار السجائر بالجملة في مقر الاستخبارات بالسوق الكبير، تم خلاله إبلاغهم بقرار رسمي يقضي بإيقاف بيع وشراء سجائر “الشملان” و”البنّ” و”ماسشتر”.
وأكد التجار أن الاجتماع انتهى بتحديد الخامس من أكتوبر الجاري كآخر موعد لبيع وشراء هذه الأصناف، التي تُستورد عادةً من دولة جنوب السودان ومنطقة الطينة السودانية، مشيرين إلى أن القرار جاء لصالح أنواع أخرى من السجائر مثل “الريفرة” و”ترادشينال”، التي تُستورد من الإمارات وتُدخل إلى مدينة نيالا عبر مطارها الدولي.
سيطرة جديدة على سوق السجائر في نيالا
وأشار التجار إلى أن وكلاء وموردين جدد دخلوا سوق السجائر في الأسابيع الماضية، ولهم علاقات مباشرة مع ضباط نافذين في مليشيا الدعم السريع. هؤلاء الموردون، بحسب التجار، يستوردون السجائر من الإمارات مقابل تصدير منتجات محلية من نيالا تشمل اللحوم المجففة (الشرموط)، البصل، الزيوت، والبطيخ، وجميعها تُنقل عبر الطيران التجاري من مطار نيالا الدولي.
وأضاف التجار أن هذا التغيير المفاجئ في مسار تجارة السجائر خلق احتكارًا لصالح وكلاء محددين على حساب بقية التجار الذين كانوا يعتمدون على الاستيراد من جنوب السودان وليبيا بعد توقف حركة البضائع من الخرطوم بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
حملات اعتقال واسعة ضد التجار
وبحسب ما أكدته مصادر محلية، شنت استخبارات الدعم السريع حملة اعتقالات صباح يوم 5 أكتوبر الجاري استهدفت عددًا من تجار الجملة في سوق نيالا الكبير وسوق موقف الجنينة، من بينهم تاجر معروف يُدعى فضل، قبل أن يتم إطلاق سراحهم لاحقًا.
وأشار شهود عيان إلى أن الحملة الأمنية رافقها انتشار كثيف لمليشيا الدعم السريع في الأسواق، حيث تم تفتيش المتاجر ومصادرة كميات من السجائر المحظورة، فيما استمر بعض تجار التجزئة وسوق المواشي شمال المدينة في بيع تلك الأصناف رغم الحظر الرسمي المفروض عليها.
تساؤلات عن دوافع القرار
وأعرب عدد من التجار الذين تحدثوا لـ”دارفور24” عن دهشتهم من قرار الحظر، متسائلين عن السبب الحقيقي وراء منع تلك الأنواع من السجائر، رغم أنها تتمتع بجودة عالية وإقبال كبير من المستهلكين مقارنةً بالأصناف الجديدة التي فُرضت عليهم والتي وصفوها بأنها ضعيفة الجودة وغير مرغوبة في السوق.
وأشار التجار إلى أن القرار لم يُستند إلى مبررات صحية أو اقتصادية واضحة، مؤكدين أن الهدف الأساسي يبدو خدمة مصالح تجارية محددة مرتبطة بوكلاء السجائر الجديدة القادمين من الإمارات، ما تسبب في ارتباك كبير داخل سوق نيالا وتراجع حاد في مبيعات بعض المتاجر.
تأثير الحرب على تجارة السجائر
منذ اندلاع الحرب في السودان وتوقف حركة البضائع بين الخرطوم وولايات دارفور، اضطر التجار إلى فتح مسارات جديدة للاستيراد من دول الجوار مثل جنوب السودان وليبيا لتعويض النقص في الإمدادات، بما في ذلك تجارة السجائر التي تمثل أحد أهم السلع التجارية الرائجة في الأسواق المحلية.
ويؤكد مراقبون أن قرار الاستخبارات التابع لقوات الدعم السريع سيزيد من احتكار سوق السجائر لصالح فئات محددة، كما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتضييق الخناق على صغار التجار الذين يعانون أصلًا من تراجع حاد في النشاط التجاري بسبب الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
السوق بين الاحتكار والمخاطر الأمنية
ويرى محللون محليون أن إدارة سوق السجائر في دارفور أصبحت تخضع لاعتبارات سياسية وأمنية أكثر من كونها تجارية، مشيرين إلى أن التحكم في حركة السلع والتجارة أصبح وسيلة للنفوذ الاقتصادي لدى القوى المسلحة في الإقليم.
ويحذر خبراء من أن استمرار التدخلات الأمنية في السوق قد يدفع بعض التجار إلى التحول نحو السوق السوداء لتصريف بضائعهم، مما يفاقم الأوضاع الأمنية ويزيد من فقدان السيطرة الحكومية على النشاط التجاري في المنطقة.