اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في ولاية شرق دارفور، وجد التاجر حسين سليمان نفسه عاجزًا عن بيع مخزونه من الصمغ العربي بعدما انهارت الأسعار نتيجة إغراق الأسواق المحلية بكميات منهوبة وسيطرة مشترين جدد مرتبطين بشبكات تهريب إلى دول الجوار.
ويؤكد حسين، الذي يدير متجرًا في سوق المحاصيل بمدينة الضعين، أنه متمسك بمخزونه رغم الظروف، بعد أن أصبحت الأسعار الحالية غير مجدية.
سيطرة الدعم السريع على مناطق الإنتاج
يمتد حزام الصمغ العربي في 13 ولاية سودانية، لكن الإنتاج يتركز في كردفان وأجزاء من دارفور، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق غابات الهشاب.
وفي أكتوبر 2024، منعت هذه القوات توريد المنتجات الزراعية والغابية، بما فيها الصمغ العربي، من مناطق سيطرتها إلى ولايات تحت سيطرة الجيش، ما أدى إلى تكدس السلعة محليًا وفتح المجال لظهور تجار يتحكمون في الأسعار ويديرون عمليات تهريب واسعة.
مسارات التهريب وشبكات النفوذ
تؤكد شهادات تجار ومصادر محلية أن عناصر من الدعم السريع يسوقون الصمغ العربي عبر تشاد وجنوب السودان.
كما تشير المعلومات إلى أن شاحنات مملوكة لأشخاص مقربين من قيادة الدعم السريع، مثل الأشقاء حامد وعمر العاص، تتولى نقل الصمغ من شرق دارفور إلى تشاد ومنها إلى النيجر. وتتم عمليات التهريب عبر منافذ مثل “أديكونق” و“الرقيبات” ومعابر حدودية أخرى نحو أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
أرباح ضخمة من الجبايات
يظهر تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة أن الدعم السريع يفرض رسومًا تصل إلى مليون جنيه على كل شاحنة بحمولة 20 طنًا، إضافة إلى زكاة قدرها 100 ألف جنيه، ما يدر عائدات شهرية قد تصل إلى 20.5 مليون دولار.
وتقدر كميات الصمغ العربي التي تعبر الحدود إلى تشاد من مناطق سيطرة الدعم السريع بما بين 50 و70 ألف طن سنويًا.
انهيار الأسعار وتراجع الطلب
يشير تجار ومزارعون إلى أن الحرب قللت الطلب من كبار المشترين، وأدت إلى خروج بورصة الأبيض من دائرة التسويق، ما انعكس على الأسعار التي تراوحت في أسواق شرق دارفور بين 100 و160 ألف جنيه للقنطار، مقارنة بمستويات أعلى قبل النزاع.
وأدى هذا الوضع إلى عزوف المزارعين عن جمع المحصول واتجاههم لأعمال أخرى، أبرزها التعدين الأهلي للذهب.
الأسواق التقليدية تفقد نشاطها
قبل الحرب، كانت (وكالات) برام والقوز الغربي تسوق ما بين 20 و30 شاحنة من الصمغ أسبوعيًا إلى الخرطوم ومنها للتصدير، لكن هذا الرقم انخفض إلى 10 شاحنات أسبوعيًا تتجه معظمها إلى تشاد. وفي نيالا، يتراوح سعر القنطار بين 270 و300 ألف جنيه مع ندرة في المعروض، فيما تخرج كميات كبيرة من الإنتاج عبر طرق تهريب من جنوب وشرق دارفور.
أثر الحرب على الإنتاج
تسببت المعارك بين الجيش والدعم السريع في تعطيل سلاسل إنتاج الصمغ العربي، وهو محصول نقدي يحتل السودان صدارة إنتاجه عالميًا بنسبة 80%. كما أدى النقص في الأيدي العاملة، والقطع الجائر للأشجار، وانخراط الشباب في القتال، إلى تقليص المساحات المنتجة.
ومع ذلك، سجلت بعض المناطق مثل كتيلا إنتاجية مرتفعة هذا الموسم.
رسوم إضافية تفرضها سلطات الدعم السريع
في كتيلا، يفرض على كل قنطار مبلغ 5 آلاف جنيه لصالح السلطات المدنية التابعة للدعم السريع، إضافة إلى رسوم عسكرية تصل إلى 200 ألف جنيه للشاحنة عند الخروج. وغالبية الإنتاج يهرّب إلى تشاد عبر بلدة فوربرنقا، بينما يصل جزء أقل إلى أسواق نيالا.
تهديد الحصة السوقية للسودان
يحذر نائب أمين غرفة المصدرين، إبراهيم أبو بكر الصديق، من أن نظام الاستيراد الجديد المعتمد في الصين منح تشاد ميزة إضافية في سوق الصمغ العربي، ما يهدد بفقدان السودان حصته السوقية نتيجة التهريب المتزايد.
وأكد أن جزءًا كبيرًا من الصمغ الذي تصدره تشاد هو في الأصل سوداني.
أزمة مركبة بين الاقتصاد والسياسة
الوضع الحالي للصمغ العربي في السودان يعكس أزمة مركبة تتشابك فيها الحرب مع الاقتصاد، إذ لم تعد المسألة مجرد انخفاض أسعار، بل أصبحت مرتبطة بجهات مسلحة تسيطر على الإنتاج والتسويق، وتستفيد ماليًا من استمرار النزاع، في وقت يخسر فيه السودان واحدًا من أهم موارده التصديرية