اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
نبض السودان – رحاب عبدالله
اقترح النائب الأول لمحافظ بنك السودان المركزي السابق د. بدرالدين قرشي، اعتماد نظام سعر صرف مرن مُدار يعتمد على آليات واقعية تعزز كفاءة السوق، وتحد من التلاعب، وتشجع تدفق النقد الأجنبي من خلال إجراءات واضحة وقابلة للتطبيق، تهدف إلى تعزيز ثقة المستثمرين، وتحفيز التحويلات المالية للمغتربين، وضمان توازن سوق العملات الأجنبية.
وأوضح قرشي، في حوار أجرته الصحيفة حول السياسات النقدية مع خبراء، أنه في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه السودان، تبرز أهمية إدارة سعر الصرف كأحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي. وأكد أن السياسات الناجحة تعتمد على مرونة التكيّف مع المتغيرات المحلية والعالمية، مع ضمان الشفافية والكفاءة في تنفيذ السياسة والإجراءات.
نقد لسياسة التدخل الوقتي في سوق النقد الأجنبي
من جانبه، قال الخبير المصرفي والمسؤول السابق بالبنك المركزي مالك الرشيد إن التجربة العملية أثبتت فشل سياسة التدخل الوقتي في سوق النقد الأجنبي بواسطة بنك السودان المركزي منذ انتهاجه سياسة السعر العائم المدار، للتأثير على جانبي العرض والطلب وإزالة الاختلالات التي تحدث بين حين وآخر.
وأوضح أن البنك كان يتدخل في السوق عندما يحصل على وديعة في حدود 500 مليون دولار أمريكي من أحد البنوك المركزية الصديقة، إلا أن هذا التدخل لا يخفض السعر إلا لفترة قصيرة، وسرعان ما يعود للصعود بوتيرة أسرع.
أسباب فشل التدخلات المؤقتة
وعزا الرشيد السبب إلى غياب احتساب حجم العرض والطلب الكلي وتوزيعه على المناطق النقدية داخل القطر، مضيفًا أن حجم الطلب الكلي للنقد الأجنبي في الواقع أكبر مما كان يتوقعه بنك السودان، خاصة فيما يتعلق بعمليات الاستيراد والتصدير، ما يعد السبب الرئيس لعدم صمود الوديعة طويلًا، وسرعان ما يزول أثرها ويعود سعر الصرف للارتفاع نتيجة الزيادة المتنامية في جانب الطلب الكلي على العملات الأجنبية، والتي لا تقابلها زيادة موازية في جانب العرض الكلي.
شروط استقرار سعر الصرف
ورهن الرشيد استقرار سعر الصرف بحدوث توازن بين جانبي العرض والطلب الكلي، والاعتماد على حصيلة صادرات منظورة ثابتة لسلع لها أسواق مستقرة، إضافة إلى ضرورة زيادة الحصيلة غير المنظورة من تحويلات المغتربين من خلال كسب ثقتهم في الجهاز المصرفي والسياسة النقدية المتبعة، وخاصة انتهاج سياسة 'الإقناع الأدبي' لإقناع هذه الشريحة بما يتم رسمه من سياسات استقرار سعر الصرف.
وأشار أيضًا إلى وجود ضعف هيكلي يتمثل في عدم ربط الجهاز المصرفي بنظام الدفع الدولي رغم رفع الحظر السابق، وهو ما كان يتوقع كثيرون أن يكون له أثر إيجابي فوري على سعر الصرف، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن لأسباب سيتم التطرق إليها لاحقًا.
الإصلاح الاقتصادي وحزمة السياسات المطلوبة
من جهته، رأى د. بدرالدين أن الإصلاح الاقتصادي يتطلب حزمة متكاملة من السياسات المالية والنقدية والتجارية تستهدف تحقيق معدل نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك باتباع سياسة نقدية توسعية تشجع وتحفز الإنتاج الزراعي والصناعي والصادر وإحلال الواردات.
وأوضح بدرالدين أن من أهم مقومات نجاح سياسة سعر الصرف المرن المدار هو بناء احتياطي قوي من النقد الأجنبي والذهب لدى بنك السودان المركزي، بالإضافة إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تحد من التلاعب في حصائل الصادرات، ومكافحة التهريب والمضاربات في تجارة العملة، وخفض فاتورة استيراد السلع الكمالية، مع مراقبة التحويلات الخارجية بشكل دقيق.