اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما أبرز التحولات التي شهدتها العلاقات الخليجية الأوروبية؟
انتقلت من التعاون المؤسسي إلى شراكة تكاملية تقوم على المصالح المشتركة.
- ما القطاعات التي تشكل ركائز الشراكة المستقبلية بين الجانبين؟
الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأمن والتكنولوجيا.
تواصل دول مجلس التعاون الخليجي ترسيخ حضورها على الخريطة الدولية عبر بناء شراكات اقتصادية وسياسية متينة، من أبرزها الشراكة الخليجية الأوروبية التي شهدت تحولات عميقة خلال العقود الأربعة الماضية، انتقلت فيها من التعاون المؤسسي إلى مسار أكثر تكاملاً يقوم على المصالح المشتركة.
وتأتي اللقاءات الدورية بين الجانبين لتأكيد هذا المسار، وفي مقدمتها منتدى الأعمال الخليجي الأوروبي التاسع الذي استضافته دولة الكويت في 5 نوفمبر 2025 تحت شعار 'معاً من أجل الازدهار المشترك'، بتنظيم من وزارة الخارجية الكويتية وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، وبشراكة مع الأمانة العامة لمجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.
شراكة متنامية
وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، خلال افتتاح المنتدى، أن العلاقات الخليجية الأوروبية تمثل نموذجاً راسخاً لشراكة استراتيجية ممتدة منذ توقيع اتفاقية التعاون عام 1988.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية، في 6 نوفمبر 2025، عن البديوي قوله، أن هذه العلاقة شهدت تطوراً نوعياً في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبيئة، وهو ما تُوج بإطلاق برنامج العمل المشترك 2022 – 2027 الذي أسّس لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي والأمني والتنموي.
وأوضح البديوي أن القمة الخليجية الأوروبية في بروكسل عام 2024 عززت هذا التوجه عبر التأكيد على المضي نحو اتفاقية تجارة حرة، مشيراً إلى أن الاجتماعات الوزارية اللاحقة أسفرت عن خطوات عملية لتقوية الشراكة في مجالات التنمية المستدامة وحقوق الملكية الفكرية وتنويع سلاسل الإمداد.
وفي عرضه للمؤشرات الاقتصادية، أوضح أن الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون بلغ 2.3 تريليون دولار أمريكي عام 2024، لتحتل المنطقة المرتبة التاسعة عالمياً، فيما تجاوزت أصول صناديق الثروة السيادية الخليجية 4.8 تريليونات دولار أمريكي، ما يعزز مكانة دول المجلس كقوة اقتصادية عالمية في إنتاج النفط والغاز الطبيعي وتنويع مصادر الدخل.
كما لفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي بلغ 197 مليار دولار في 2024، ليبقى الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء التجاريين للمنطقة، فيما بلغ رصيد الاستثمارات الأوروبية المباشرة في دول المجلس 285 مليار دولار، في دلالة على الثقة المتنامية ببيئة الأعمال الخليجية.
وختم الأمين العام كلمته بالدعوة إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر والتحول الرقمي والأمن السيبراني والابتكار، معتبراً أن الشراكة الخليجية الأوروبية تمثل رافعة حقيقية لتحقيق الازدهار المشترك.
وتُعدّ منطقة الخليج من أبرز الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي، حيث ترتكز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على اتفاقية التعاون الموقعة منذ قرابة 4 عقود، والتي أرست إطاراً منتظماً للحوار في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والبيئة وتغير المناخ.
ويحتل مجلس التعاون المرتبة السادسة بين الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي عالمياً، وتشير المفوضية الأوروبية إلى أن الحوار غير الرسمي بشأن التجارة والاستثمار بين الجانبين، الذي انطلق في مايو 2017، أسهم في تنشيط المفاوضات الجارية حول اتفاقية التجارة الحرة.
استراتيجية متكاملة
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم دشتي أن دول الخليج تمتلك مقومات اقتصادية ضخمة، تجعلها لاعباً محورياً في النظام المالي العالمي، موضحاً أن الصناديق السيادية الخليجية تمثل حصة مؤثرة عالمياً، فضلاً عن كون المنطقة شريان الطاقة العالمي بما تملكه من احتياطيات نفطية وغازية هائلة.
ويشير في حديثه مع 'الخليج أونلاين' إلى أن أوروبا تدرك تماماً أهمية دول الخليج في ضمان أمن الطاقة، خصوصاً في ظل الأزمات التي تمر بها القارة.
ويضيف دشتي أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين لا يزال يميل لصالح أوروبا، ما يعكس الحاجة إلى مزيد من التوازن في العلاقات الاقتصادية، عبر تعزيز الصادرات الخليجية وتنويع مصادر الدخل.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن بعض الدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، بدأت فعلاً في هذا الاتجاه ضمن رؤاها التنموية الجديدة.
ويقول إن العلاقات السياسية بين أوروبا ودول الخليج متينة وتاريخية، وتشهد تعاوناً وثيقاً في ملفات متعددة، إلى جانب تقارب في وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية.
ويعتبر دشتي أن مجالات مثل الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والذكاء الاصطناعي تمثل فرصاً واعدة لتعميق الشراكة، حيث يمكن للخليج الاستفادة من الخبرة الأوروبية المتقدمة في هذه القطاعات.
ويلفت إلى أن أوروبا تعد وجهة سياحية واقتصادية رئيسية لمواطني دول الخليج، وهو ما يعزز الروابط الثقافية والاجتماعية بين الجانبين، ويهيئ بيئة مواتية لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري.
ويردف قائلاً إن المرحلة المقبلة تحمل تفاؤلاً كبيراً تجاه الشراكة الخليجية الأوروبية، خصوصاً في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والأمن، لافتاً إلى أن أوروبا باتت تعتمد بشكل أكبر على الخليج بعد الأزمة الأوكرانية الروسية، إذ يمثل الخليج بديلاً مستقراً وموثوقاً في مجال الطاقة.
ويختتم دشتي بالقول إن مفهوم الأمن أصبح أشمل من السابق، ولم يعد مقتصراً على الجانب العسكري، بل يشمل الأمن السيبراني والتقني والاستخباراتي، وهي مجالات يمكن أن تكون أساساً لتعاون أوسع بين الطرفين، بما يرسخ مستقبل شراكة استراتيجية متكاملة بين الخليج وأوروبا.
تحالف مؤسسي ناضج
وتشهد العلاقات الخليجية الأوروبية مرحلة مؤسسية أكثر نضجاً، وفق مبعوث الاتحاد الأوروبي لويجي دي مايو، الذي أوضح أن بروكسل تعتمد نهجاً مزدوجاً يجمع بين الاتفاقيات الثنائية والتنسيق الإقليمي في ملفات الطاقة والأمن، بما يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية الخليج في موازين الاقتصاد والاستقرار العالمي.
وأشار دي مايو في تصريحات قناة CNN الاقتصادية، في 30 أكتوبر 2025، إلى أن الاتحاد بدأ مفاوضات شراكة اقتصادية شاملة مع الإمارات، ومباحثات استراتيجية مع دول خليجية أخرى، إضافة إلى مذكرات تفاهم في مجال الطاقة مع السعودية، مع استمرار الجهود لإحياء المفاوضات مع مجلس التعاون بعد توقف دام سنوات.
وأكد أن الطاقة، خصوصاً المتجددة والهيدروجين الأخضر، تمثل الركيزة المستقبلية للعلاقة، وأن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وعُمان، ستصبح مورداً أساسياً لأوروبا خلال العقد المقبل، كما يجري التحضير لعقد مؤتمر مشترك لأمن الطاقة في بروكسل لتعزيز التعاون في هذا المجال.
وفيما يخص الغاز، أوضح أن الحرب الروسية الأوكرانية أعادت رسم خريطة الطاقة الأوروبية، ما جعل الخليج شريكاً موثوقاً لتأمين الإمدادات وتنويع المصادر، من خلال اتفاقيات ثنائية مع قطر والإمارات وعُمان.
أما في الجانب الأمني، فشدد دي مايو على أن أمن الخليج جزء من أمن أوروبا، مشيراً إلى التعاون في ملفات غزة والبحر الأحمر وإيران، ودور دول الخليج في الوساطات الإنسانية.
وأكد أن اجتماع وزراء الخارجية في الكويت عام 2025 مثّل خطوة مهمة في دعم خطة غزة وتنفيذها.
وختم بأن الهدف هو ترسيخ شراكة مؤسسية دائمة تشمل الاقتصاد والطاقة والأمن والتكنولوجيا، لافتاً إلى افتتاح غرفة التجارة الأوروبية في الرياض والإعداد لمنتدى الأعمال الخليجي الأوروبي، مؤكداً أن الجانبين يشكلان معاً نحو 20% من الاقتصاد العالمي.























