اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين
- قطر تسير نحو تحويل منظومة النقل إلى كهربائية بالكامل بحلول 2030، في إطار رؤية وطنية تجعل الاستدامة البيئية ركيزة أساسية للنمو والتقدم.
- المهندس أحمد الجلو: استراتيجية النقل الكهربائي في قطر تجسيد عملي لرؤية 2030
- رجل الأعمال خالد جبر الكواري: النقل الكهربائي في قطر ضرورة وطنية واستثمار في المستقبل
تخوض دولة قطر مساراً استراتيجياً نحو مستقبل أكثر استدامة في قطاع النقل، مدفوعة برؤية وطنية طموحة تستهدف تحويل منظومة المواصلات العامة والخاصة إلى كهربائية بالكامل بحلول عام 2030.
وهذا التحول لم يعد مجرد توجه بيئي، بل يمثل ركيزة من ركائز التنمية المستدامة التي نصّت عليها رؤية قطر 2030، ويُجسّد التزام الدولة الفعلي بتقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز جودة الحياة.
وقد بدأت ملامح هذا التحول تتجلى بوضوح في مشروعات واقعية، أبرزها التوسع في الحافلات الكهربائية، وتجارب السيارات الذاتية القيادة، وتطوير البنية التحتية الذكية، بما في ذلك اعتماد تقنيات الجيل الخامس في النقل، وكل ذلك يعكس فهماً عميقاً للتحديات البيئية، ويضع قطر في موقع متقدم إقليمياً وعالمياً ضمن سباق التحول إلى النقل الأخضر.
ذاتية القيادة
وأعلنت وزارة المواصلات القطرية (27 يونيو 2025) بدء تجربة تشغيلية لسيارات أجرة كهربائية ذاتية القيادة، بالاعتماد على تقنيات من 'المستوى الرابع'، وذلك في إطار مبادرات النقل الذكي المستقبلية في البلاد.
وتنقسم مراحل التجربة إلى مرحلتين، تبدأ الأولى بتشغيل المركبات من دون ركاب وتحت إشراف مباشر من فريق فني، تليها المرحلة الثانية التي تشمل تشغيل المركبات مع ركاب ومن دون وجود سائق.
وتستمر التجربة حتى الربع الأول من العام المقبل، وستتضمن مراقبة أداء التقنية، وتقييم الكفاءة التشغيلية، إلى جانب تطوير الأطر التنظيمية اللازمة، وتهيئة البنية التحتية الداعمة لهذا النمط من التنقل المستقبلي.
مشاريع واقعية وملموسة
المهندس أحمد الجلو، الخبير والمحكم الهندسي وعضو جمعية المهندسين القطريين، يؤكد أن استراتيجية الدوحة للتحول نحو النقل الكهربائي تنسجم بوضوح مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، وخاصة فيما يتعلق بركيزة التنمية المستدامة، التي باتت تمثل محورا أساسيا في جميع المشاريع الوطنية، بما في ذلك قطاع النقل.
ويضيف الجلو، الذي تحدث لـ 'الخليج أونلاين'، أن التنمية المستدامة في قطر لم تبق حبيسة الخطط النظرية أو التصورات التخطيطية، بل ترجمت إلى مشاريع واقعية وملموسة، مثل المترو، والحافلات العامة الكهربائية، وأنظمة النقل الصديقة للبيئة.
ويضيف: 'نشهد اليوم تحولات واضحة في السلوك العام، ومبادرات حكومية تعكس التزاما فعليا بحماية البيئة، لقد أصبحت العلاقة مع البيئة مسألة مركزية ضمن عملية التنمية، وهذا ما مكن قطر من تحقيق نجاحات ملموسة، تعكس عمق الرؤية، وتؤسس لاستمرارية واضحة في تحقيق الأهداف خلال السنوات القادمة'.
ويشير الجلو إلى أن التحديات لا تزال قائمة، وفي مقدمتها مستوى الوعي المجتمعي باستخدام وسائل النقل الكهربائية، مؤكدا أن قطر اليوم من بين أفضل دول العالم من حيث جاهزية البنية التحتية، سواء في مشاريع المترو أو الحافلات الكهربائية، إلا أن التحول الكامل لا يكتمل إلا بترسيخ ثقافة النقل المستدام لدى جميع فئات المجتمع من مواطنين ومقيمين.
وفي حديثه عن المرحلة المقبلة، لفت الجلو إلى أن استراتيجية الدولة في قطاع النقل تسير بخطى ثابتة، مستندة إلى ما تحقق من إنجازات كبرى، خصوصا خلال مرحلة ما قبل كأس العالم 2022، التي شهدت بناء بنية تحتية ضخمة.
ويقول: 'نحن أمام امتداد حقيقي للاستراتيجية حتى عام 2030، وربما حتى 2050، قطاع النقل يمثل شريانا أساسيا للاقتصاد الوطني، وما نراه اليوم هو تنفيذ فعلي لمشاريع متقدمة في الطرق، السكك الحديدية، والمدن الذكية'.
ويضيف: 'في السنوات الأخيرة، أنجزنا الكثير، ونجحنا في بناء منظومة نقل متطورة، وما نراه الآن هو مواصلة لهذا الزخم، سواء من حيث إدخال التكنولوجيا أو تعزيز البنية التحتية'.
واعتبر أن التحول لا يقتصر فقط على الحافلات والمترو، بل يشمل أيضا تحديث الطرق والجسور والمحطات ومواقف السيارات، إلى جانب إدخال تقنيات الجيل الخامس في البنية التحتية للنقل.
واختتم المهندس الجلو حديثه بالقول: 'كل ما نقوم به اليوم في قطر هو تمهيد فعلي لمستقبل أكثر نظافة وكفاءة، الدولة مستمرة في بناء بنية تحتية ذكية، قادرة على استيعاب التطورات التكنولوجية في قطاع النقل، بما يخدم المواطن، والمقيم، والبيئة، ويعزز من قوة الاقتصاد الوطني'.
ضرورة وطنية
واتفق رجل الأعمال خالد جبر الكواري مع ما ذهب إليه المهندس الجلو، مؤكدا أن استراتيجية النقل الكهربائي في قطر تسير في انسجام واضح مع رؤية قطر الوطنية 2030، لا سيما فيما يتعلق بركيزة التنمية البيئية.
ويضيف الكواري في حديثه لـ 'الخليج أونلاين': 'التحول إلى النقل النظيف لم يعد خيارا قابلا للتأجيل، بل ضرورة وطنية في ظل التغيرات المناخية العالمية وتسارع التزامات الدول بخفض الانبعاثات'.
ويوضح: 'قطر، بصفتها دولة ذات ثقل في مجال الطاقة، تأخذ زمام المبادرة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ومن ضمنه النقل المستدام'.
وبين أن تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في وسائل النقل يسهم في تحسين الأمن البيئي وتعزيز كفاءة الطاقة، موضحا أن هذا التوجه يضع قطر في مصاف الدول المتقدمة من حيث الاستدامة واعتماد التكنولوجيا النظيفة.
وختم الكواري حديثه بالقول: 'التحول إلى النقل الكهربائي ليس فقط قرارا بيئيا، بل خيار استراتيجي يعزز مكانة قطر عالميا، ويدعم استقرارها الاقتصادي على المدى الطويل، نحن نؤسس اليوم لبنية تحتية ذكية ومستدامة، ستخدم أجيال الغد، وتضع قطر في صدارة دول العالم في التنقل الأخضر'.
وحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (مقره فنلندا) المنشورة في مارس الماضي، فإن قطاع النقل يمثل أحد أكبر مصادر الانبعاثات الكربونية عالمياً، حيث يسهم بأكثر من 20% من إجمالي الانبعاثات المرتبطة بالطاقة. ومن هنا، تُعد التحولات نحو اعتماد المركبات الكهربائية والنقل المستدام أولوية استراتيجية للعديد من الدول، خاصة في منطقة الخليج التي تسعى لتحقيق توازن بين استثمارها في مصادر الطاقة التقليدية والتزاماتها المناخية الحديثة.
وفي هذا السياق، تُعد قطر من الدول الخليجية السباقة في تبنّي سياسات نقل ذكية ومستدامة، مدفوعة بخطط واضحة تمتد حتى عام 2050، تشمل تطوير بنية تحتية متكاملة وتوطين التكنولوجيا المتقدمة في التنقل، مثل أنظمة القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي.
وهذا التوجه ينسجم مع تحولات عالمية أوسع، حيث تشير التوقعات إلى أن سوق المركبات الكهربائية قد يتجاوز تريليون دولار بحلول 2030، مع تزايد الطلب على حلول النقل منخفضة الانبعاثات.