اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٣ نيسان ٢٠٢٥
كمال صالح - الخليج أونلاين
أبرز الوساطات الخليجية خلال السنوات القليلة الماضية:
برزت دول مجلس التعاون الخليجي كمركز لحل النزاعات الدولية، التي احتلت اهتمام الرأي العام العالمي لعقود؛ وذلك بفضل سياستها القائمة على حل القضايا بالطرق الدبلوماسية.
ابتداءً بحرب أفغانستان وليس انتهاء بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني، لعبت العواصم الخليجية دوراً محورياً لجمع أشرس الخصوم الدوليين على مدى سنوات.
واليوم، تحتضن مسقط مفاوضات حاسمة بين الولايات المتحدة وإيران، في حين تحتضن الدوحة مفاوضات مماثلة بين 'إسرائيل' وحركة 'حماس' الفلسطينية، بعد لقاءات احتضنتها السعودية بين واشنطن وموسكو وكييف لإنهاء الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ 2022.
هذا الدور جعل دول الخليج حاضرة في صدارة اهتمام الإعلام العالمي، ومنحها مكانة متقدمة على المستوى السياسي والأمني، كما أصبحت فاعلاً لا يمكن تجاوزه خصوصاً ما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط.
أبرز الوساطات التي احتضنتها دول الخليج ونتائجها:
دور استراتيجي
الدور الذي تلعبه دول الخليج في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العالم، والتحولات الكبرى التي يرى فيها البعض انتقالاً من عالم القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب، منحت هذه الجغرافيا الواقعة في قلب العالم مكاناً في قلب السياسة الدولية.
كما تستقطب دول الخليج بأدوارها السياسية ومكانتها الاقتصادية اهتمام الولايات المتحدة وأوروبا، فإنها تجذب أيضاً اهتمام الصين وروسيا واليابان ودول الشرق والجنوب العالمي، وهذا يمنحها مكانة ونفوذاً سياسياً غير مسبوق.
يقول نيكولاي ملادينوف، في تقرير نشرهمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عام2024، إن 'وساطة دول الخليج نجحت في سد الفجوات التي تُخلفها القوى التقليدية وتقدّم منظوراً جديداً بشأن حل النزاعات في عالم متزايد التعقيد'.
ويشير ملادينوف إلى أن 'دول الخليج طورت أساليب مميزة للوساطة تتسم بالتكتم والتركيز على تكوين علاقات دائمة'، لافتاً إلى أن 'هذه الأساليب متجذرة في النسيج الاجتماعي الثقافي في المنطقة، حيث تمارَس الدبلوماسية في الكثير من الأحيان بعيداً عن الأضواء، وتفضَل التفاصيل الدقيقة للمفاوضات على مظاهر الخلافات العلنية'.
كما أوضح أن 'دول الخليج بناء على ذلك، أصبحت بارعة في توفير بيئة آمنة وجديرة بالثقة للأطراف المتنازعة التي قد تكون حذرة من التداعيات المحتملة للدبلوماسية العلنية رفيعة المستوى'.
واستطرد قائلاً: 'تتشارك دول الخليج، التي تتمتع كل منها بميزات فريدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، نهجاً أساسياً لحل النزاعات متجذراً بعمق في قيم الشرف والتوافق الثقافية، مع مراعات الاختلافات الدقيقة فيما بينها'.
القوة الناعمة
وإلى جانب ما تملكه دول مجلس التعاون الخليجي من إمكانات اقتصادية هائلة، فإنها تبدو حريصة على تعزيز ذلك بمكانة سياسية كبيرة، وهذا يتجلى من خلال الوساطات والجهود الدبلوماسية.
وحول ذلك يقول الدكتور لقاء مكي، الباحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، إن 'دول الخليج تحاول أن تبني لنفسها سردية تتعلق بقدراتها وبحجمها الاقتصادي والديمغرافي وحتى الجغرافي'.
ولفت مكي، في تصريح لـ'الخليج أونلاين'، إلى أن 'هذه الدول التي لها حجوم جغرافية وديمغرافية محدودة، باستثناء السعودية، تريد اليوم إلىجانب الإمكانات الاقتصادية الكبيرة أن يكونلها دور سياسي فاعل، على الصعيد الدولي، وهذا يتجلى من خلال القوة الناعمة، وأبرزها القوة الدبلوماسية'.
كما نوّه إلى أن 'دول الخليج أصبح لها دور بارز بشكل عام، على الصعيد الدولي، إذ تسعى إلى استكمال الجانب الاقتصادي بدور سياسي وإعلامي'، لافتاً إلى 'التطور الكبير في الإعلام العابر للغات كما هو حال الجزيرة'.
وأشار إلى أن 'هذا الدور الدبلوماسي والإعلامي والطموحات الخليجية الكبيرة، كل ذلك يهدف إلى أن يكون لدول الخليج، حضور دولي أعمق وأكبر يتجاوز بكثير قدراتها الديمغرافية والجغرافية'.
إلهام قطري
ويرى الباحث أول في مركز الجزيرة للدراسات أن 'نمط القوة الناعمة المتمثل في دبلوماسية الوساطات، يعود الفضل فيه لدولة قطر كونها أول من بدأ فيه'، مضيفاً:
لا ننسى أن أول من بدأ من هذا النمط من القوة الناعمةهي قطر، التي تمكنت من خلال دبلوماسية الوساطاتمن حل نزاعات مهمةمنذ عقد أو أكثر.
دخلت قطر في خضم العمل السياسي الدبلوماسي لحل النزاعات، فتمكنت من جمع الأطراف اللبنانية، وجمع أطراف مختلفة في أفريقيا في السودان ودارفور مثلاً، وتمكنت منحل إشكالية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
هناك الكثير من الملفات التي كانت عسيرة وصعبة ومعقدةتمكنت قطر من حلها، وحتى قضية غزة على مراحل مختلفة، وما يجري اليوم من دور قطري من أجل إنهاء الحرب في غزة، ليس الأول من نوعه.
دوماً كان لقطر دور مهم وأساسيفي التوسطليس فقط خلال الحروب، ولكنفي حل خلافات ربما كانت غير معلنة وغير منظورةلإبقاء الوضع هادئاً في فلسطين، بطلب أمريكيوبموافقة إسرائيلية، وربما رغبة إسرائيلية وفلسطينية بنفس الوقت.
هذا النجاح القطري في الوساطات الدوليةيبدو أنه شجع بالتأكيد دول الخليج الأخرى، كالإمارات التيدخلت في بعض الأمور، لا سيما ما يتعلق بالإفراج عن الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، وكذلك السعودية التيدخلت في وساطة لإنهاءالحرب الأوكرانية الروسية.
في الواقع ما تزال قطر تحظى بالريادة والتجربة العميقة أيضاً في اتخاذ التسويات أو الوساطات كخيار دبلوماسي أساسي، ليس فقط بمحاولاتبل نحن نتحدث عن حروب إقليمية وأهلية، مثل لبنان، ومنثم فالأمر يتعدى الجانب المتعلق بالنزاعات الدولية الكبيرة.