اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين
رئيس تحرير 'الوطن' القطرية: الدبلوماسية القطرية نموذج فاعل جمع الحيادية والمصداقية والاستجابة السريعة
المحاضر والأكاديمي د. فؤاد القيسي: سرعة التحرك القطري تعكس مزيجاً من الجاهزية الدبلوماسية ورصيد الثقة الدولية.
في أقل من أسبوع على اندلاع التوترات بين كابل وإسلام آباد، نجحت قطر بتحقيق تهدئة سريعة، في خطوة تؤكد مكانتها الراسخة على الساحة الدولية، عبر عملية وساطة وُصفت بأنها غير مسبوقة.
وكان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بهذه السرعة القياسية حدثاً لافتاً على المستوى السياسي الدولي، لا سيما بالمقارنة مع وساطات إقليمية ودولية أخرى غالباً ما تستغرق أسابيع أو شهوراً، ما يعكس قدرة الدوحة على قراءة الملفات الحساسة بسرعة فائقة والاستجابة بفعالية عالية.
وقد أسهم التوقيت المبكر للتحرك القطري المدروس في الحد من التصعيد وتهيئة أجواء إيجابية للحوار، وهو ما يعكس النضج الدبلوماسي للدوحة وكفاءتها في التعامل مع الأزمات الطارئة.
ويحمل نجاح قطر في تحقيق هذه النتائج الإيجابية عدة دلالات استراتيجية، أبرزها جاهزية مؤسساتها الدبلوماسية واستمرار قنوات الاتصال المفتوحة مع جميع الأطراف، إلى جانب مستوى الثقة الذي راكمته الدوحة عبر تجارب وساطاتها السابقة، ما منحها مصداقية عالية لدى الأطراف المعنية وقدرة فريدة على الجمع بينها.
كما تبرز الوساطة القطرية بين كابل وإسلام آباد قدرة الدوحة على إدارة ملفات متعددة في آن واحد، حيث كانت جزءاً من جهود إنهاء الحرب في غزة عامين كاملين، إلى مساعي التهدئة في لبنان والسودان وغيرها، دون أن يؤثر ذلك على جودة الوساطة أو سرعتها.
ويؤكد هذا الأداء المتوازن مرونة مؤسسات الدبلوماسية القطرية وموقع الدوحة كمحور تواصل دولي موثوق، إذ بات اعتماد أطراف النزاع المتكرر عليها كوسيط سريع وفعّال مؤشراً واضحاً على مكانتها الإقليمية واستراتيجيتها القائمة على التنوع والانفتاح على جميع الأطراف.
وتجسد هذه المعادلة الصعبة في إدارة الوساطة أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال المفتوحة وتراكم رصيد الثقة المكتسب من التجارب السابقة، إلى جانب القدرة على إدارة ملفات متعددة دون المساس بالفاعلية.
لاعب محوري
رئيس تحرير جريدة 'الوطن' القطرية، محمد حجي، يرى أن قطر برزت كلاعب محوري في إدارة الملفات الحساسة على المستويين الإقليمي والدولي، حتى أصبح دور الوساطة جزءاً لا يتجزأ من هويتها الدبلوماسية.
ويضيف حجي، في حديثه لـ 'الخليج أونلاين'، أن 'الدبلوماسية القطرية تمتلك تاريخاً حافلاً بالنجاحات، ما أظهر قدرتها على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وحل النزاعات، سواء في المنطقة أو على الساحة الدولية'.
وحول نجاح قطر في تحقيق تهدئة بين كابل وإسلام آباد، يوضح حجي أن 'العلاقات الجيدة التي تربط قطر بالطرفين منحتها موقعاً متميزاً لتسهيل الحوار وتخفيف حدة التوتر، ما جعلها منصة موثوقة لإجراء محادثات بناءة تركز على النتائج العملية'.
وتابع: 'قطر أثبتت قدرتها على التوفيق بين أطراف متنازعة دون انحياز، وهو ما أهلها للعب أدوار فاعلة في مناطق متعددة حول العالم، وليس فقط في المنطقة العربية'.
يشير حجي كذلك إلى أن 'الوساطة القطرية، مثل اتفاق الصلح بين كابل وإسلام آباد، تعكس موثوقية قطر لدى أطراف النزاع'، لافتاً إلى أن الدوحة 'تصنف كوسيط نزيه ومحايد قادر على الاقتراب من جميع الفرقاء وتقديم تسويات مقبولة'.
ويعتبر أن سر نجاح الدبلوماسية القطرية يكمن في اختيار اللحظة المناسبة للتدخل التي يمكن خلالها التوصل إلى اتفاق وخفض حدة التوتر، والاستفادة من الأجواء المهيئة للتهدئة.
ويرى أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب الدور القطري في العديد من الملفات الحساسة، مؤكداً أن الدوحة أثبتت عبر السنوات الماضية قدرتها على لعب دور بناء وفعال في حل النزاعات وتعزيز السلام والاستقرار على المدى الطويل.
وختم رئيس تحرير جريدة 'الوطن' حديثه بالقول: 'التجربة القطرية تمثل نموذجاً عملياً للدبلوماسية الفاعلة، حيث تجمع بين الحيادية، والمصداقية، والاستجابة السريعة، مع تقديم حلول عملية تدعم مصالح جميع الأطراف، ما يعكس قدرة قطر على الجمع بين الكفاءة والعمق الاستراتيجي في إدارة الأزمات الدولية والإقليمية'.
دبلوماسية منفتحة
المحاضر والأكاديمي الدكتور فؤاد القيسي يؤكد، في حديثه لـ 'الخليج أونلاين'، أن سرعة دخول قطر على خط الأزمة بين كابل وإسلام آباد تعود إلى طبيعة العلاقات الوثيقة والمتينة التي بنتها الدوحة مع كل من أفغانستان وباكستان خلال السنوات الماضية.
ويوضح القيسي أن الطرف الأفغاني 'يعرف جدية الجانب القطري من خلال المفاوضات الأفغانية الأمريكية السابقة، وهو ما جعل ثقته بوساطة الدوحة عالية'.
ويتابع أن رصيد الموثوقية الذي راكمته دولة قطر في مجال الوساطة بات محل إجماع دولي، مشيراً إلى أن 'التمرس في إدارة النزاعات وتراكم الخبرات لدى ممثلي الدبلوماسية القطرية مكناها من التحرك بسرعة وكفاءة لاحتواء الأزمة'.
ويبين القيسي أن قطر نجحت في الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف المتنازعة، وهو ما مكنها من بلورة دبلوماسية منفتحة تراعي مصالح الجميع وتسهم في تعزيز فرص الوصول إلى تسويات سلمية عادلة.
وأضاف الأكاديمي أن سرعة التحرك القطري في هذه الأزمة 'تعكس مزيجاً من الجاهزية الدبلوماسية المتكاملة ورصيد الثقة الذي راكمته الدوحة عبر تجاربها السابقة'، موضحاً أنه 'لا يمكن فصل خبرة الوساطة القطرية عن قدرتها على قراءة المشهد والتنبؤ بتطوراته'.
وفيما يتعلق بتعدد الملفات التي تنخرط فيها الدوحة، ويوضح القيسي أن الدوحة تتعامل مع ملف الوساطة بمنهج مؤسسي قائم على منظومة عمل متكاملة لا تعتمد على أشخاص بعينهم.
ويستطرد بالقول: 'المنهجية تجعل من الوساطة القطرية مستقلة ومتجددة دوماً، قادرة على طرح حلول واقعية تلبي رغبات الأطراف دون فرضها عليهم، مما يمنحها مرونة عالية وكفاءة مستدامة في أدائها'.
ويؤكد القيسي في ختام حديثه أن الوساطة القطرية بين كابل وإسلام آباد شكلت نموذجاً ناجحاً لـ 'الاستجابة السريعة والتسوية المرنة'، معتبراً أن الدوحة رسخت مكانتها كقوة ناعمة مؤثرة في الأمن الإقليمي.