اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الباحث والكاتب السياسي ياسر عبد العزيز:
قطر نجحت خلال العقدين الماضيين في بناء نفوذها عبر دعم الشعوب لا الأنظمة.
هذا النهج أكسب الدوحة مصداقية عالية في المنطقة والعالم.
تتجلى السياسة الخارجية لدولة قطر في التزامها العميق بمبادئ الحوار والوساطة، حيث تُعتبر 'الدبلوماسية الوقائية' حجر الزاوية في استراتيجيتها السلمية.
ذلك ما أكده المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء (21 أكتوبر 2025) في منتدى 'المرونة المستقبلية' بالعاصمة البريطانية لندن، لافتاً إلى أن الدوحة استطاعت بناء نموذج فريد في إدارة الأزمات وصون الاستقرار عبر التواصل والانفتاح على جميع الأطراف.
تُعرف 'الدبلوماسية الوقائية' بأنها الجهود الرامية إلى منع نشوء النزاعات بين الأطراف، ومنع أي خلافات قائمة من أن تتسع وتتحول إلى أزمات.
وتنص المادة السابعة من الدستور الدائم لدولة قطر على أن السياسة الخارجية تقوم على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين عن طريق تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون مع الأمم المتحدة للسلم.
عوامل القوة
الأنصاري خلال الجلسة الحوارية استعرض الرؤية القطرية القائمة على جعل الوساطة والدبلوماسية الوقائية محوراً رئيسياً في السياسة الخارجية للدولة.
وأشار إلى الدور الذي تؤديه قطر بصفتها وسيطاً موثوقاً في عدد من ملفات النزاعات الإقليمية والدولية، منوهاً بنجاحات الدبلوماسية القطرية في تسوية النزاعات وتسهيل سبل تحقيق الاستقرار.
وعدّ الأنصاري نجاح الوساطة القطرية، بأنه يستند إلى عدة عوامل رئيسية من بينها المشاركة الاستراتيجية، والحياد، والاستثمار طويل الأجل في السلام والاستدامة.
ويلفت إلى أن الدبلوماسية القطرية تنطلق من قناعة راسخة بأن الأمن لا يتحقق إلا بالحوار، وأن التنمية لا تزدهر إلا في بيئة يسودها السلام والثقة، على حدّ قوله.
وحول شراكات قطر مع الدول الحليفة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، قال إنها تقوم على الثقة المتبادلة والتنسيق الإنساني والأمني، ما يعزز الدور القطري كقوة ناعمة تسهم في الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي.
قطر -بحسب الأنصاري- ستواصل التزامها بدورها جسراً للحوار وشريكاً موثوقاً في بناء سلام مستدام، قائم على العدالة والتنمية والاحترام المتبادل بين الشعوب.
نجاحات كبيرة
ما حققته قطر خلال شهر أكتوبر الجاري، يؤكد أنها حققت نجاحاً كبيراً في سياستها المتجسدة بـ'الدبلوماسية الوقائية'، يعكس قدرة الدوحة على إيجاد حلول سلمية في ملفات حساسة ومعقدة، ويتمثل هذا في:
اتفاق وقف الحرب وتبادل الأسرى في قطاع غزة بين حركة 'حماس' و'إسرائيل'، الذي تم الإعلان عنه في 9 أكتوبر الجاري، بعد عامين من النزاع الدموي.
أدت دوراً محورياً في إنهاء الاشتباكات الحدودية بين باكستان وأفغانستان، من خلال إعلان وقف إطلاق النار في 16 أكتوبر الجاري.
وبحسب ما تذكر وزارة الخارجية القطرية:
دولة قطر تتمتع بسمعة عالمية كوسيط محايد وموثوق، يتم استدعاؤها من الأطراف المتنازعة عند موافقتهم على دور الوساطة.
الوساطة القطرية تُعد أداة فاعلة لمنع النزاعات وحفظ الأمن والسلم الدوليين، وتشمل التعامل مع الدول والجهات الحكومية وغير الحكومية.
في عام 2023، عززت قطر جهودها في هذا المجال عبر تعيين أدوار وزارية جديدة في وزارة الخارجية، بهدف إبراز أهمية الوساطة على المستويين السياسي والدبلوماسي، وتقوية فرق العمل بين كبار المسؤولين والدبلوماسيين والفنيين المتخصصين.
قطر عمّقت التعاون المؤسسي مع دول رائدة في الوساطة وتسوية المنازعات، من خلال توقيع مذكرات تفاهم للسلام والمصالحة مع كل من السويد، والنرويج، وفنلندا.
الاستراتيجية القطرية لصنع السلام تعتمد على الشمولية، مع إنشاء قنوات تواصل مع الجهات الفاعلة ما دون الدولة، والفئات الأقلية والمهمشة، ومن ضمنهم النازحون والنساء.
دعم مسارات الحوار في قطر يشمل كل المستويات، الرسمية وغير الرسمية؛لتعزيز بناء السلام وحل النزاعات.
منذ عام 2004، تصاعدت جهود قطر في الوساطة والمساعي الحميدة، وشملت مجالات متعددة مثل:
- وقف إطلاق النار.
- استعادة العلاقات الدبلوماسية.
- الإفراج عن الرهائن وتبادل الأسرى.
- دعم الحوارات الوطنية.
- إنهاء النزاعات الحدودية.
- تعزيز الجهود الإنسانية.
- الوصول إلى اتفاقيات السلام في صراعات إقليمية ودولية.
سلاح قطر
الكاتب والباحث السياسي ياسر عبد العزيز، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، يصف الدبلوماسية التي تنتهجها الدوحة بأنها 'أصبحت سلاح قطر'.
امتلاك قطر للقوة الدبلوماسية -بحسب عبد العزيز- جاء بعد أن وجدت في هذا النهج وسيلة للدفاع عن نفسها، عقب تعرضها في مراحل تاريخية لتهديدات متكررة.
وأوضح أن 'صِغر حجم الدولة جعلها تبحث عن قوة بديلة، فاختارت القوة الناعمة عبر الدبلوماسية الإنسانية، مستلهمة التجربة الكويتية في العمل الإغاثي والإنساني، لتبدأ قطر من هناك ترسيخ حضورها الخارجي'.
يرى عبد العزيز أن قطر نجحت خلال العقدين الماضيين في بناء نفوذها عبر دعم الشعوب لا الأنظمة، مشيراً إلى أن هذا النهج أكسبها مصداقية عالية في المنطقة والعالم.
وأشار إلى أن الدوحة لعبت أدواراً حاسمة في ملفات إقليمية معقدة، من بينها اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين عام 2008، وجهود الوساطة في السودان، ودعمها المتواصل للقضية الفلسطينية، إضافة إلى دورها المحوري في الأزمة الأفغانية واستضافتها حركة طالبان، مبيناً أنها 'أراحت الولايات المتحدة من أزمة أفغانستان'.
ويؤكد أن قطر تمكنت من تقديم نفسها وسيطاً اًموثوقاً في الشرق الأوسط الذي يعدّ أكثر مناطق العالم توتراً، معتبراً أن تجربتها تمثل نموذجاً ناجحاً للدبلوماسية الهادئة القادرة على تحقيق السلم والأمن عبر الحوار لا الصراع.























