اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
لماذا حظي الدور الخليجي بقبول دولي واسع؟
لاعتماده الحوار المتوازن والعمل الإنساني والحياد السياسي.
لماذا تُعد وساطات 2025 مختلفة عن السنوات السابقة؟
لأنها أفضت إلى اتفاقات ملموسة لا مجرد تهدئات مؤقتة.
شهد عام 2025، تصاعداً لافتاً في الحضور الخليجي على خط الوساطات الدولية، في ظل تعدد بؤر الصراع وتعقّد مسارات التسوية.
وبرزت دول مجلس التعاون الخليجي، كلٌّ وفق أدواته ونهجه الدبلوماسي، كوسيط موثوق في أزمات إقليمية ودولية كبرى، وصولاً إلى التوصل إلى اتفاق وقف حرب غزة، بما عزّز مكانة الخليج كفاعل مؤثر في صناعة السلام، قائم على الحوار والانخراط المتوازن مع مختلف الأطراف.
قطر.. الوسيط الخليجي الأبرز
برزت دولة قطر خلال عام 2025 كأحد أكثر الفاعلين تأثيراً في ملف الوساطات الدولية، مستندة إلى رصيد تراكمي من الثقة السياسية، وقدرة عالية على إدارة قنوات اتصال مفتوحة مع أطراف متباينة المصالح.
ولم تقتصر الوساطة القطرية على نزاع بعينه، بل امتدت عبر مسارات متوازية شملت أزمات إقليمية ودولية معقّدة، ما رسّخ مكانة الدوحة كوسيط مرجعي في ملفات شديدة الحساسية، مؤكدة انخراطها في 12 وساطة في وقت واحد.
وبدأ في 10 أكتوبر 2025 سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين 'إسرائيل' و'حماس'، وأعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، في 2 ديسمبر 2025، أن بلاده تعمل على تحويل هدنة غزة إلى مسار للوصول إلى المرحلة الثانية، مؤكداً أن جهود الوساطة فيما يتعلق باتفاق غزة مستمرة، وأن خروقات الاتفاق مثيرة للقلق.
وأفضت الوساطة الأولى التي قادتها قطر بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في 19 يناير 2025، متضمناً تبادل الأسرى وتيسير دخول المساعدات الإنسانية، قبل أن تنهار بسبب التعنت الإسرائيلي، وفق وكالة الأنباء القطرية (قنا).
وفي ملف آخر، أعلن متحدث باسم الحكومة الأفغانية في 12 أكتوبر 2025، وقف الاشتباكات مع الجانب الباكستاني على الحدود بين البلدين بعد وساطة قطرية سعودية.
ونقلت وسائل إعلام عن متحدث باسم الحكومة الأفغانية قوله إنه، استجابة لجهود من الوسطاء السعوديين والقطريين، جرى وقف إطلاق النار الذي اندلع خلال الساعات الماضية على الحدود.
وفي 9 سبتمبر 2025، تعرّضت قطر لهجوم إسرائيلي استهدف مباني سكنية لعائلات قيادات في حركة 'حماس'، وهو اعتداء قوبل بإدانة دولية واسعة، مع تأكيد احترام الدور القطري كوسيط.
كما أعلنت وزارة الخارجية القطرية في 19 سبتمبر 2025 تيسير الإفراج عن مواطنين بريطانيين محتجزين في أفغانستان، إضافة إلى آخر أمريكي بعدها بأيام.
وكان الملف الأوكراني – الروسي حاضراً أيضاً، إذ أعلنت الدوحة في 22 أغسطس 2025 لمّ شمل 7 أطفال مع ذويهم، ليرتفع عدد الأطفال الذين شملتهم الوساطة القطرية إلى 107 أطفال.
وعلى صعيد أفريقيا، استضافت قطر في 19 يوليو 2025 توقيع إعلان مبادئ بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو، عقب لقاء ثلاثي في 18 مارس 2025 بقصر لوسيل، مهّد لاتفاق السلام الموقّع في واشنطن خلال يونيو 2025، قبل توقيع 'إطار الدوحة للاتفاق الشامل للسلام' في نوفمبر.
وشهد نوفمبر الماضي توقيع الكونغو ورواندا اتفاق إطار التكامل الاقتصادي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر، وذلك خلال اجتماع لجنة الرقابة المشتركة لتقييم السلام بين البلدين.
ومطلع ديسمبر شهد إعلان مجموعة الدول الوسيطة – قطر والنرويج وإسبانيا وسويسرا – أن جولة الوساطة في الدوحة بين حكومة كولومبيا وجماعة EGC أسفرت عن اتفاق يمهّد لبدء مسار نزع سلاح الجماعة وتعزيز خطوات بناء السلام في المناطق المتضررة من النزاع.
ويعكس هذا الحضور القطري تحوّل الوساطة من أداة دبلوماسية ظرفية إلى سياسة دولة مؤسسية، تقوم على الجمع بين الشرعية الدولية والعمل الإنساني، والقدرة على تحمّل الضغوط السياسية والأمنية.
وأظهر عام 2025 مرونة دبلوماسية قطرية في الفصل بين الملفات، واستمرار الجهود حتى في ظل استهداف مباشر للدور القطري، دون التأثير على موقع الدوحة كقناة تواصل مقبولة دولياً.
السعودية.. وسيط بثقل دولي
رسّخت المملكة العربية السعودية خلال عام 2025 موقعها كمنصة حوار دولي في الأزمات الكبرى، مستفيدة من سياسة خارجية قائمة على التوازن والانفتاح، وعلاقات متشعبة مع القوى الإقليمية والدولية، ما منحها قدرة على جمع أطراف متعارضة حول طاولة واحدة.
واستضافت الرياض محادثات أمريكية – أوكرانية في 11 مارس 2025، عقب لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 10 مارس 2025.
كما لعبت السعودية دوراً في تسهيل تبادل أسرى بين روسيا والولايات المتحدة، واستضافت محادثات أمريكية – روسية في فبراير 2025.
وإقليمياً، قادت الرياض في أكتوبر وساطة لنزع فتيل التوتر بين الهند وباكستان بعد تصعيد عسكري في كشمير، تُوّج باتفاق وقف إطلاق النار، عقب زيارة الوزير عادل الجبير للبلدين، بحسب 'العربية.نت'.
ويعكس الدور السعودي انتقال المملكة من دعم مسارات التهدئة إلى إدارة حوارات سياسية عالية المستوى، مدعومة بثقل سياسي واقتصادي متنامٍ.
ويؤشر هذا النهج إلى تحوّل الرياض إلى فاعل دبلوماسي مركزي في إعادة ضبط التوازنات الدولية، لا سيما في القضايا ذات الطابع الجيوسياسي المعقّد.
وبالإضافة إلى الوساطات، كان للرياض دور دبلوماسي فاعل للدفع باتجاه الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وهو ما نتج عنه إقدام العديد من الدول على هذه الخطوة.
الإمارات.. وساطات إنسانية وسياسية
برزت دولة الإمارات خلال 2025 كفاعل نشط في الوساطات الدولية ذات الطابع الإنساني والسياسي، معتمدة نهجاً عملياً يركّز على تحقيق نتائج ملموسة وبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.
وفي 10 يوليو 2025، استضافت أبوظبي قمة أذربيجانية – أرمينية مهّدت لاتفاق سلام تاريخي وُقّع في 9 أغسطس 2025.
وفي الأزمة الأوكرانية، نجحت الإمارات خلال 2025 في إنجاز 7 وساطات لتبادل الأسرى، أُفرج بموجبها عن 2108 أسرى، وهو ما حظي بإشادة مباشرة من الرئيسين الروسي والأوكراني، وفق بيانات رسمية.
كما شاركت الإمارات ضمن الرباعية الدولية لإنهاء أزمة السودان، حيث رحّب البرلمان الأوروبي في 27 نوفمبر 2025 بخريطة الطريق التي تقودها الرباعية.
وتقوم المقاربة الإماراتية على تحركات متعددة المسارات، خصوصاً في تبادل الأسرى وخفض التصعيد المرحلي، مدعومة بشبكة علاقات دولية واسعة، ما عزّز مكانة أبوظبي كشريك موثوق في إدارة الأزمات.
عُمان.. دبلوماسية وساطات هادئة
حافظت سلطنة عُمان في 2025 على نهجها القائم على الدبلوماسية الهادئة وعدم الاستقطاب، ما مكّنها من لعب أدوار محورية في ملفات شديدة الحساسية بعيداً عن الأضواء.
وفي هذا الإطار، أعلنت عُمان في 6 مايو 2025 نجاح وساطتها بين الولايات المتحدة والحوثيين، ما أفضى إلى اتفاق وقف إطلاق النار وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب.
ووصف البيت الأبيض الاتفاق بـ'الانتصار الكبير'، فيما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف القصف 'فوراً'، بحسب تصريحات رسمية.
وخلال ديسمبر الحالي، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية الإفراج عن 9 بحارة فلبينيين بوساطة عُمانية، بعد أن تم احتجازهم من سفينة في البحر الأحمر في يوليو الماضي.
واستمر التأثير العُماني في اليمن مع إعلان المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في البلاد، جولين هارنييس، في 11 أبريل 2025، أن وساطة عُمانية نجحت في إطلاق سراح أحد موظفي السفارة الهولندية لدى جماعة الحوثي.
وأكد وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، إطلاق سراح الأكحلي بعد 10 أشهر من الاعتقال في صنعاء، معرباً عن امتنانه لعُمان لدورها الحيوي في إطلاق سراحه.
كما برز الدور العُماني في الملف اللبناني، حيث تحدثت وسائل إعلام عن دور عُماني في ملف نزع سلاح 'حزب الله' لمنع التصعيد بين لبنان و'إسرائيل'، عقب زيارة الرئيس جوزيف عون في 10 ديسمبر 2025، وفق صحيفتي 'الديار' و'نداء الوطن'، مستفيدة من قنواتها المفتوحة مع طهران وواشنطن وتل أبيب، وهو ما لم يتم تأكيده رسمياً.
وتستمد مسقط فاعليتها من قدرتها على التواصل مع أطراف متخاصمة دون إثارة حساسيات سياسية، ما يجعل وساطتها أداة فعالة لاحتواء الأزمات ومنع توسعها.
نفوذ سياسي مستدام
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم دشتي، أن دول الخليج راكمت خبرة طويلة في الوساطة وحل النزاعات، مشيراً إلى الدور الريادي للكويت في هذا المجال، سواء عبر الوساطات السياسية أو من خلال دعم جهود إعادة الإعمار في دول متضررة من الأزمات.
ويضيفدشتي لـ'الخليج أونلاين'، أن قطر لعبت دوراً محورياً في إدارة ملف حرب غزة، كونها وسيطاً مقبولاً من أطراف النزاع، ما أتاح لها فتح قنوات دبلوماسية فاعلة بالتنسيق مع أطراف إقليمية أخرى، وعلى رأسها مصر، لإدارة الأزمة سياسياً.
ويشير إلى أن استمرار الدور القطري في الوساطة، رغم الضغوط والتحديات، أسهم في التوصل إلى تهدئة ميدانية، مع بقاء مسؤولية الضامنين الدوليين قائمة لضمان الالتزام بأي اتفاقات مستقبلية.
ولفت إلى أن هذه الأدوار عززت الحضور السياسي الخليجي على الساحة الدولية، مستشهداً بأدوار قطر في ملفات دولية أخرى، وبمساهمات السعودية في دعم الجهود السياسية، إضافة إلى الوساطات الإماراتية في قضايا دولية معقدة.
ويرى دشتي أن دول الخليج تمتلك اليوم فرصة لتحويل نجاحها في الوساطة إلى نفوذ سياسي مستدام، في ظل تصاعد الأزمات العالمية.
كما يؤكد أن استقرار المنطقة وعلاقاتها الدولية المتوازنة يمنحانها قدرة متزايدة على لعب دور فاعل يتجاوز ثقلها الاقتصادي التقليدي.
ويعكس عام 2025 تحوّل الخليج من داعم سياسي إلى صانع سلام فعلي، عبر وساطات متزامنة، أكدت أن الدبلوماسية الخليجية باتت عنصراً لا غنى عنه في إدارة الأزمات الدولية، ونموذجاً متقدماً في صناعة الاستقرار الإقليمي والدولي.
الاستقرار الإقليمي والدولي.























