اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
تشمل منظومة التحول الصناعي استخدام تقنيات الروبوتات والتحكم الآلي لتحسين جودة المنتجات وتقليل التكلفة
تواصل سلطنة عُمان دفع مسار التحول الصناعي عبر مبادرات نوعية تستند إلى التكنولوجيا المتقدمة، في خطوة تهدف إلى تعزيز تنافسية المصانع الوطنية ورفع كفاءتها التشغيلية.
وفي العام 2024 أطلقتوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مشروع 'مصانع الإنتاج الذكي'، الممتد حتى عام 2026، ضمن مبادرة تمكين المصانع العُمانية نحو التقنيات الصناعية المتقدمة.
كما يأتي المشروع أيضاً في إطار توجه السلطنة نحو بناء منظومة صناعية متكاملة قادرة على مواكبة التطورات العالمية في الأتمتة والذكاء الاصطناعي، بهدفرفع جاهزية القطاع الصناعي لتبني الحلول الرقمية، بما يعزز الكفاءة التشغيلية ويخفض التكاليف الإنتاجية ويدعم استدامة النمو الصناعي.
الإنتاج الذكي
وشهدت المرحلة الأولى تنفيذ حزمة من المبادرات النوعية، شملت رفع الوعي الصناعي بالتقنيات الحديثة، وإعداد دليل 'مصانع الإنتاج الذكي' وفق المنهجية العالمية لتقييم النضج الصناعي (SIRI)، إلى جانب تنظيم حلقات تعريفية في عدد من محافظات السلطنة وتقييم 20 مصنعاً من مختلف القطاعات الصناعية.
كما جرى وضع خطط تحول رقمي مخصصة لكل مصنع، وتدريب وتأهيل مقيمين عُمانيين معتمدين، وبناء شراكات مع جهات دولية متخصصة، أبرزها المركز الدولي للتحول الصناعي، إلى جانب تدشين مشروع إنشاء مركز الأتمتة المتقدمة.
وفي أكتوبر الماضي، انطلقت المرحلة الثانية من المشروع التي تتضمن تقييم 60 مصنعاً عُمانياً خلال عام 2025، بالتعاون مع المركز الدولي للتحول الصناعي.
وشملت هذه المرحلة عقد اجتماعات تمهيدية مع المصانع، وتنفيذ زيارات ميدانية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الجاري، تمهيداً لإعداد تقارير شاملة حول نتائج التقييم وخطط التحول الصناعي المقترحة.
وأوضح رئيس قسم الصناعات القائمة على المعرفة بالمديرية العامة للصناعة العمانية إدريس بن حسن آل سنان، أن 'المرحلة الثانية من المشروع تأتي في إطار التزام الوزارة بتسريع التحول الرقمي في القطاع الصناعي، وتمكين المصانع العُمانية من تبني أحدث تقنيات الثورة الصناعية الرابعة'.
كما أشار آل سنان في حديثه لوكالة الأنباء العمانية، في 1 نوفمبر 2025، إلى أن 'المشروع يهدف كذلك إلى بناء قدرات وطنية متخصصة، وتهيئة بيئة محفزة لإنشاء شركات عُمانية تقدم حلولاً رقمية صناعية وتقييمات تقنية، بما يعزز الابتكار ويزيد من تنافسية الصناعات الوطنية في الأسواق الإقليمية والعالمية، تماشياً مع مستهدفات رؤية عُمان 2040'.
التحول الصناعي
ويمثل التحول نحو 'المصانع الذكية' نقلة نوعية في مسار التصنيع العُماني، إذ يعتمد هذا التوجه على دمج تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT) والتحليل البياني، بما يرفع كفاءة التشغيل ويقلل الهدر ويعزز جودة الإنتاج.
وسبق أن أشارتوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العمانية إلى أنها استهدفت في المرحلة الأولى منمشروع 'مصانع الإنتاج الذكي' تمكين أكثر من 10 مصانع من تبني التطبيقات الذكية والتحول الرقمي، فيما تسعى لتحويل 30% من المصانع العُمانية إلى نماذج إنتاج ذكية بحلول 2026.
ويتميّز التحول الذكي بكونه يسهم في تعزيز استدامة القطاع الصناعي عبر تقليل استهلاك الطاقة والمياه والموارد الطبيعية، والحد من الانبعاثات الضارة من خلال تقنيات الإنتاج النظيف.
كما تشمل منظومة التحول الصناعي استخدام تقنيات الروبوتات والتحكم الآلي لتحسين جودة المنتجات وتقليل التكلفة.
ومن المرجّح أن يسهم التحول الصناعي الذكي في زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد والانبعاثات، وتحسين الجودة ورفع مستوى الأتمتة، بما يعزز بيئة الصناعة العُمانية ويضعها في موقع أكثر تنافسية عالمياً.
وفي هذا الصدد يؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور أن مشروع 'الإنتاج الذكي' يمثل خطوة نوعية في مسار التحول الصناعي بعُمان، ليس فقط من حيث إدخال التكنولوجيا المتقدمة في خطوط الإنتاج، بل لأنه يعكس انتقالاً مدروساً نحو نموذج اقتصادي جديد قائم على الكفاءة والابتكار والمعرفة.
- هذا المشروع يمكن أن يشكل قاعدة صلبة لتحول حقيقي في بنية الاقتصاد الصناعي العُماني، عبر الربط بين التصنيع الذكي والتنمية البشرية والبحث العلمي، بما يتيح خلق قيمة مضافة حقيقية ومستدامة.
- الرؤية العُمانية القائمة على تنويع مصادر الدخل وتعزيز تنافسية القطاعات الصناعية تكتسب بعداً جديداً مع إطلاق المشروع، إذ لا يقتصر هدفه على تطوير المصانع أو الآلات، بل يمتد إلى إعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والتقنية.
- يعتمد نجاح المشروع على قدرة السلطنة في بناء بيئة متكاملة تجمع بين الكفاءات المحلية والبنية التحتية الرقمية المتطورة، مع الاستفادة من الشراكات الإقليمية والدولية، خصوصاً مع الدول الرائدة في مجال الذكاء الصناعي مثل الصين وكوريا الجنوبية.
- عُمان تمتلك فرصة حقيقية لتصبح مركزاً صناعياً ذكياً في الخليج بفضل موقعها الاستراتيجي ومرونتها الاقتصادية.
- لكن هذا مشروط في أن تستمر السلطنة بالاستثمار في التنمية البشرية الحقيقية، وتحويل التعليم إلى منظومة استراتيجية تبدأ من المدرسة وتستمر عبر التدريب والابتعاث وتبادل الخبرات.
- تطوير المنظومة القانونية والتشريعية يُعدّ ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات وضمان النزاهة وحماية حقوق العاملين والمبتكرين، بما يرسخ بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وعدالة.
- استدامة التحول الذكي بعد عام 2026 تتطلب سياسات واضحة تشجع البحث والتطوير داخل المصانع، وتربطها بمراكز المعرفة والجامعات، مع التركيز على نقل المعرفة وتوطينها لا الاكتفاء باستيرادها.
- معالجة فجوة المهارات المحلية تحتاج إلى نهج طويل المدى يبدأ من التعليم المهني والتقني، ويمر بإعادة تأهيل القوى العاملة لتتلاءم مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، بحيث تصبح الكفاءة التقنية جزءاً من الثقافة الإنتاجية للمجتمع.
- المشروع يشكل اختباراً لقدرة الدولة على تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والإنسان، وبين الطموح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وصولاً إلى مستقبل أكثر استدامة وكفاءة ومرونة.





















