مع تدهور عملتها وشروط "النقد الدولي".. كيف تكسب مصر ثقة الخليج؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

ما الذي تعانيه مصر؟

ديون كبيرة، وتراجع قيمة العملة المحلية.

كيف تكسب مصر الثقة لنيل الاستثمارات؟

مراقبون: إزالة كافة المعوقات.

ماذا بشأن الاستثمارات الخليجية؟

يبدو أن على مصر العمل بجدية من أجل كسب ثقة دول الخليج؛ لكي تنال نصيباً كبيراً من الاستثمارات سعياً لإنقاذ اقتصادها وإعادة النشاط لعملتها المحلية التي سجلت تراجعاً غير مسبوق مؤخراً.

ويتعرض الاقتصاد المصري البالغ حجمه 400 مليار دولار لضغوط متزايدة، فيما يسجل الجنيه المصري هبوطاً مستمراً، ويتداول حالياً عند مستوى 30.63 جنيهاً مقابل الدولار الواحد.

تلك يبدو أنها تبعث المخاوف لدى دول الخليج لمواصلة ضخ الاستثمارات في مصر؛ وأحدث ما يمكن الحديث عنه في هذا الشأن التقرير الذي صدر عن وكالة 'بلومبيرغ' الأمريكية، الجمعة (24 فبراير 2023)، قالت فيه إن دول الخليج تتردد في ضخ استثمارات ضخمة بالاقتصاد المصري؛ وذلك نتيجة عدم استقرار العملة المصرية.

وفق التقرير، تعهد الحلفاء الأثرياء بالطاقة، ومن ضمنهم المملكة العربية السعودية وقطر، بضخ أكثر من 10 مليارات دولار في اقتصاد مصر التي تحتاج إلى النقد الأجنبي، وطرحت للبيع حصصاً في عدد من الشركات المملوكة للدولة، ومع ذلك لم تتلقَّ سوى جزء ضئيل من التمويل حتى الآن.

وأضافت الوكالة في تقريرها: 'يراقب المسؤولون الخليجيون من كثب تحركات الجنيه المصري في أعقاب ثلاثة تخفيضات لقيمة العملة، خلال العام الماضي'؛ حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.

وبحسب التقرير، قال الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لسرية الأمر: إن 'دول الخليج تريد أيضاً أن ترى أن الدولة الواقعة في شمال أفريقيا اتخذت خطوات جادة بشأن الإصلاحات التي وعدت بها صندوق النقد الدولي لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار'.

صندوق النقد الدولي بدوره قال، في يناير الماضي، إن تأمين الحصول على التمويل الخليجي أمر 'ضروري' بالنسبة إلى مصر لسد الفجوة التمويلية البالغة نحو 17 مليار دولار، في السنوات القليلة المقبلة.

وتشمل شروط الصندوق الحد من مشاركة الدولة والجيش في الاقتصاد، وضمان مزيد من الشفافية حول الأوضاع المالية للشركات المملوكة للدولة والشركات غير المدرجة في البورصة.

يرى الصندوق أن المميزات التي يحظى بها الجيش تعصف بمبدأ تكافؤ الفرص، وتجعل المنافسة بينه وبين المستثمرين المدنيين شبه معدومة.

عدم توفر بيانات رسمية دقيقة، وتضارب التصريحات الرسمية بشأن حجم أعماله في إطار الناتج القومي الإجمالي، يجعل التعرف على حجم أنشطة الجيش الاقتصادية بشكل دقيق أمراً صعباً.

وتشير تقارير صحفية دولية إلى أن نسبة أنشطة الجيش المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد المصري تزيد عن 50%.

بدورها فإن دول الخليج تقدم منذ سنوات دعماً للاقتصاد المصري؛ حيث تبلغ ودائع السعودية (5.3 مليارات)، والإمارات (5.66 مليارات)، والكويت (4 مليارات).

إلى جانب ذلك هناك 13 مليار دولار ودائع قصيرة الأجل أعلنها البنك المركزي المصري، في أغسطس 2022، وهي: 5 مليارات للرياض، ومثلها لأبوظبي، و3 مليارات للدوحة.

أما الاستثمارات فكان الدعم الخليجي كبيراً عن طريق الشراكات الاقتصادية مع مصر؛ ففي أغسطس 2022، تأسست 'الشركة السعودية المصرية للاستثمار'، وهي مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وقد استحوذت الشركة على حصص في عدد من الشركات المهمة في صفقات بلغت نحو مليار دولار.

واستحوذت الإمارات على عديد من الشركات المصرية المهمة، في 2022.

وتعهدت قطر بضخ ما يصل إلى 5 مليارات دولار في الاقتصاد المصري، وفي مارس 2022، حصلت 'قطر للطاقة' على 40% من حقوق الاستكشاف في منطقة 'مراقيا' على البحر المتوسط.

وأودع جهاز قطر للاستثمار، في نوفمبر الماضي، مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، بالتزامن مع مفاوضات متقدمة لحصوله على حصص في شركات مصرية كبرى.

ما على مصر فعله لكي يكسب الاقتصاد المصري ثقة الدول الخليجية هو إزالة المعوقات التي يواجهها، بحسب ما يرى المحلل السياسي د. ناصر مأمون، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'.

القاهرة بدورها تعلم جيداً ما تمر به من ضائقة، وضرورة التكفل بالتدابير التي تسهل ورود المال الخليجي عبر استثمارات ضخمة، بحسب ما يرى مأمون، الذي يقول إن مصر تسابق الزمن في تدبير أقساط وخدمات الدين المستحقة السداد خلال النصف الأول من العام الحالي، بتقديم كافة التيسيرات من جذب التدفق المالي كعملية ترحيل للأزمة.

وأوضح أن مصر 'قدمت بالفعل تيسيرات عديدة خاصة لدول الخليج، وقد تعاطت بعضها مع العروض التي قدمتها القاهرة، مثل بعض الشركات الإماراتية الكبرى، بسياسة الاستحواذ على بعض الشركات المصرية الرابحة'.

لكن مأمون يرى أن موقف السعودية 'لافت للنظر'؛ حيث يشير  إلى أن المملكة 'ترددت في الدفع بشركاتها للدخول ضمن حملة الإنقاذ، وكان آخرها تراجع الشركات السعودية عن صفقة شراء المصرف المتحد'.

وأضاف: 'أغلب الظن من وجهة نظرنا أن هذا التردد مرجعه سياسي وليس اقتصادياً؛ بسبب اختلاف وجهات النظر بين القاهرة والرياض في بعض القضايا، كالملف السوري مثلاً، وهو ما يراه بعض المحللين ورقة ضغط على الإدارة المصرية لجرها إلى المربع الخليجي من حيث تبني وجهة النظر التي تميل إليها الرياض خاصة'. 

لكن يتبقى على القاهرة -والحديث لمأمون- أن 'تزيل كافة المعوقات وإقرار حزمة من الإعفاءات الضريبية والجمركية، وعقد مؤتمرات تسويقية لعرض إمكاناتها الاقتصادية للمستثمرين، سواء بالشراكة أو عقود الانتفاع طويلة الأجل أو حتى بالبيع'.