اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
- جاءت دورة مسقط عام 2025 لتؤكد رسوخ عودة مهرجان الخليج السينمائي
- انطلق مهرجان الخليج السينمائي لأول مرة في دبي عام 2008، بوصفه منصة مخصصة حصراً للأعمال الخليجية
شهد المشهد السينمائي الخليجي، خلال السنوات الأخيرة، عودة واحدة من أبرز التظاهرات الفنية الإقليمية، إذ استعاد 'مهرجان الخليج السينمائي' حضوره بعد سنوات من التوقف، ليظهر من جديد في الرياض عام 2024، ثم مسقط في 2025.
وشكلت الدورتان الأخيرتان دليلاً على أن التوقف الطويل لم يضعف حضور المهرجان، بل منحه مساحة لإعادة التأسيس، وجاءت هذه العودة وسط توسع واضح في صناعة السينما الخليجية وارتفاع حجم الإنتاجات المستقلة والرسمية.
وأعاد المهرجان إطلاق منصة إقليمية تجمع المخرجين والمنتجين الشباب، وتتيح للأعمال الخليجية فرصة للعرض أمام صناع قرار، وشركات التوزيع، ومؤسسات إنتاج باتت تنظر إلى الخليج كسوق سينمائية متنامية.
وتزامنت عودة المهرجان مع جهود خليجية واضحة لتعزيز البنية التحتية للإنتاج السينمائي، سواء عبر المدن الإعلامية الجديدة أو الحوافز الاستثمارية أو برامج دعم الشباب، ما منح المهرجان أهمية مضاعفة باعتباره منصة تستعرض ملامح هذا التحول، وتعكس قدرة الخليج على بناء مشهد سينمائي مستدام.
دورة مسقط 2025
جاءت دورة مسقط عام 2025 لتؤكد رسوخ عودة مهرجان الخليج السينمائي، حيث نظمت سلطنة عُمان النسخة الثانية بعد الاستئناف، في حدث شهد توسعاً ملحوظاً في عدد المشاركين والأعمال المعروضة (26 فيلماً)، وركزت على إبراز الهوية البصرية للسينما العمانية والخليجية معاً.
وقدمت دورة مسقط برامج موسعة للأفلام الوثائقية، إلى جانب مسابقات مخصصة للطلاب والناشئة، ما منح المهرجان بعداً تعليمياً إضافياً، كما شملت النقاشات موضوعات تتعلق بالمحافظة على التراث البصري الخليجي، وتطوير تقنيات التصوير في البيئات الصعبة، ودعم الإنتاجات الريفية.
وشهدت الدورة تعاوناً رسمياً بين مؤسسات ثقافية خليجية، ساعدت في رفع جودة الورش المهنية، وإدراج حلقات نقاش مع خبراء دوليين في مجال التوزيع السينمائي، وأسهم هذا التوجه في توسيع مستوى الحضور العربي والدولي للمهرجان، وتكريس دوره كمنصة تعليمية ومهنية.
كما تميزت دورة مسقط بإطلاق مبادرة أرشفة رقمية للأفلام الخليجية، وهي خطوة اعتبرت محورية في حماية ذاكرة الإنتاج السينمائي الخليجي، وتوفير قاعدة بيانات يمكن البناء عليها لتطوير مشاريع بحثية مستقبلية.
دورة الرياض 2024
مثلت دورة الرياض عام 2024 أول عودة رسمية للمهرجان بعد توقفه الطويل، واحتضنتها العاصمة السعودية ضمن استراتيجية متكاملة لدعم السينما المحلية والإقليمية، وبمشاركة29 فيلماً.
وقد تميزت الدورة ببرنامج واسع ضم أعمالاً قصيرة ووثائقية وروائية من السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عُمان واليمن، إضافة إلى عروض احتفائية بأفلام خليجية كلاسيكية.
وركزت دورة الرياض على إبراز المواهب الشابة عبر مسابقات جديدة ولقاءات مهنية ضمت مؤسسات إنتاج سعودية وإقليمية، إلى جانب شركات دولية تبحث عن شراكات مع الخليج، وأسهمت العروض التي قدمت في تجديد الاهتمام بالسينما الخليجية المستقلة، خصوصاً تلك التي تتناول قضايا اجتماعية محلية بأساليب سردية جديدة.
كما شهدت الدورة حضوراً عربياً ودولياً لافتاً، مع تنظيم ندوات حول تطوير النصوص وإدارة مواقع التصوير وتمويل الأفلام، في انسجام مع التحولات التي يشهدها القطاع السينمائي السعودي.
وشكلت هذه العودة محطة أساسية لإثبات أن المهرجان ما يزال قادراً على أداء دور مركزي في دعم الصناعة.
وتركزت أبرز ملامح الدورة في إعادة تقديم المهرجان كحدث إقليمي، وليس مناسبة محلية، مع فتح الباب أمام تعاون أوسع بين الجهات الخليجية المعنية بالسينما، وهو ما اعتُبر خطوة أولى نحو مرحلة جديدة من تطوير المشهد.
خلفية تاريخية
انطلق مهرجان الخليج السينمائي لأول مرة في دبي عام 2008، بوصفه منصة مخصصة حصراً للأعمال الخليجية، واستهدف دعم المخرجات والمخرجين الشباب الذين كانوا يبحثون عن منابر عرض تتجاوز الإنتاجات التجارية السائدة.
وقد ميزت الدورات الأولى تقديم مسابقات أفلام قصيرة، وبرامج تدريبية، وورش كتابة، إلى جانب لقاءات بين منتجين خليجيين وعرب.
ومثل المهرجان منذ انطلاقه حدثاً ثقافياً مرجعياً يجمع صناع الأفلام من دول الخليج، واحتضن أعمالاً مبكرة لعدد من المخرجين الذين أصبحوا لاحقاً أسماء بارزة في المنطقة، كما كان نقطة عبور لعدد من الأفلام إلى مهرجانات دولية، خصوصاً في أوروبا وآسيا، ما عزز مكانته كمنصة إقليمية لها بصمة واضحة.
وشهدت الدورات المتتابعة توسعاً إضافياً، إذ بات البرنامج أكثر تنوعاً، وتضمن عروضاً خارج المسابقة وملتقيات إنتاج مشتركة، مع تشديد على دعم الأفلام ذات الطابع المحلي والقصص المستلهمة من المجتمعات الخليجية.
مستقبل واعد
يؤكد الفنان الكويتي سعد الفرج فخره واعتزازه بعودة هذا الحدث الثقافي الخليجي، معتبراً أن أي مهرجان خليجي يُقام 'يُمثل حراكاً فنياً يجمع الفنانين ويمنحهم فرصة حقيقية لتبادل الخبرات والاستفادة من تجارب بعضهم البعض'.
وفي حديثه لوكالة الأنباء العُمانية عن مستقبل السينما الخليجية، أشاد الفنان الفرج بالحضور الشبابي المتصاعد، الذي قال: إنه 'يُبشر بمستقبل سينمائي واعد'، متمنياً 'أن تواصل هذه المواهب مشوارها بدعم المؤسسات لتحقيق نقلة نوعية في الإنتاج والمضمون'.
من جهة أخرى نقلت الوكالة ذاتها عن الكاتب عبد الله حبيب: 'إن السينما ليست مجرد عروض تُقدم على الشاشة، بل هي منظومة متكاملة من الفكر والإبداع والمعرفة'.
وأشار إلى أن المهرجان السينمائي 'ليس مجرد مناسبة للاطلاع على إنتاجات خليجية متميزة، بل هو فضاء حيوي يُمكن أن يتحول إلى رافعة تعليمية وتدريبية وثقافية، من خلال حلقات العمل والمحاضرات والمساقات التي تُثري التجربة السينمائية وتُعمق فهمها'.
فيما نقلت صحيفة 'سبق' السعودية عن الممثل خالد البريكي تأكيده 'أهمية عودة المهرجان، وإقامته سنوياً، مطالباً باستمرار تنظيم المهرجان سنوياً؛ 'ليكون هناك الجديد على مستوى صناعة الأفلام والسينما'.
ولفت إلى أن ورش المهرجان ومحاضراته 'تثري تجربة الجمهور السينمائية وتمنح الشباب فرصة للاستفادة من الخبرات الفنية المشاركة'، مباركاً لكل الفائزين حصولهم على جوائز المهرجانات.
أسباب التوقف
مر مهرجان الخليج السينمائي بمحطات صعبة أدت إلى توقفه سنوات، إذ تداخلت عوامل تنظيمية وثقافية ومالية في تعطيل استمراره، فقد واجهت الجهة المنظمة الأولى تحديات إدارية انعكست على القدرة التشغيلية، إلى جانب تغييرات متتابعة في المشهد الثقافي دفعت نحو إعادة تقييم جدوى استمراره بصيغته السابقة.
كما أسهم ضعف البنية التحتية السينمائية الخليجية في ذلك الوقت في الحد من قدرة المهرجان على مواكبة التوسع العالمي بالوتيرة المطلوبة، ما جعل استمراره يحتاج إلى دعم مؤسسي أكبر لم يتوفر في تلك المرحلة.
وازدادت التحديات مع غياب منظومة إنتاج متكاملة تسمح للمهرجان بأن يكون منصة مركزية لصناعة ناشئة.
وتزامن التوقف أيضاً مع تحولات إقليمية في أولويات الفعاليات الثقافية، حيث اتجهت عدة دول إلى تأسيس مهرجانات وطنية خاصة بها، ما خلق تشتتاً في الاستثمارات الموجهة للمهرجانات، ووجد المهرجان نفسه في حاجة إلى إعادة هيكلة شاملة لضمان استمراريته، الأمر الذي لم يتحقق إلا بعد سنوات من توقفه.
وأدى غياب المهرجان إلى فراغ ملحوظ في مشهد الأفلام الخليجية المستقلة، ما أثار مطالبات واسعة بإحيائه، خصوصاً مع دخول دول الخليج في مرحلة جديدة من دعم الصناعات الإبداعية عبر استراتيجيات رسمية طويلة الأمد.





















