اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن إصلاح نظام الصرف قرار لم تفرضه أية مؤسسة مالية دولية ولم يتخذ تحت ضغط أية أزمة صرف، مشددا على أن ليس للمغرب أية اتفاقية مشروطة مع هذه المؤسسات.
وأوضح الجواهري، في عرض قدمه أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس المستشارين، أمس الإثنين، أن 'إصلاح نظام الصرف قرار سيادي نابع من إرادة السلطات، تم الإعداد له بالتنسيق بين الحكومة منذ سنة 2007 ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية، وبنك المغرب؛ حيث ارتأت السلطات، وفق تعبيره، الانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة الذي يشكل رافعة لتقوية تنافسية اقتصادنا، ودعم للسياسات الهيكلية التي ينهجها المغرب، وفق تعبيره.
ومن شأن هذا الإصلاح، حسب والي بنك المغرب، أن يعزز قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات الخارجية والتي ما فتئت تزداد حدتها وصعوبة التنبؤ بها، كما سيساهم هذا الإصلاح في تخفيف الضغوطات على احتياطيات النقد الأجنبي ويحقق استقلالية أكبر في السياسة النقدية.
وذكر المتحدث ذاته أن 'صندوق النقد الدولي ما فتئ يثير باستمرار مسألة إصلاح نظام الصرف خلال المشاورات السنوية برسم المادة 4 منذ سنة 1998، كما أشار البنك الدولي إلى مسألة الإصلاح منذ منتصف التسعينات وكذا في مذكرته الاقتصادية حول المغرب لسنة 2006؛ غير أن المغرب، على حد قوله، أخذ الوقت اللازم لإنجاز الدراسات والتحاليل الضرورية والاطلاع على التجارب المرجعية وكذا تقييم تأثير الإصلاح على الاقتصاد والقدرة الشرائية للمواطنين، وذلك بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية؛ غير أن الشروع في التحضير لاعتماد نظام الصرف الجديد تم بعد التأكد من استيفاء كافة المتطلبات.
وجدد الجواهري التأكيد أن إصلاح نظام الصرف قرار لم تفرضه أية مؤسسة مالية دولية ولم يتخذ تحت ضغط أية أزمة صرف كما حدث، وفق تعبيره، في عدة بلدان كانت مجبرة على الانتقال مباشرة إلى التعويم مع تنفيذ برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي يفرض شروطا صارمة تهم على الخصوص تخفيض حاد لقيمة العملة وإصلاح وضعية المالية العمومية وتحرير الاقتصاد.
أما البلدان التي اختارت الانتقال طوعا وبطريقة تدريجية إلى نظام الصرف العائم، يضيف المتحدث ذاته، فيبقى عددها محدود جدا، واستمرت مدة الانتقال بين 5 و15سنة، حسب وضعية كل بلد.
أما بالنسبة للمغرب، فشدد الجواهري على أن 'القرار الذي اتخذته الحكومة يقضي بزيادة نطاق تقلب الدرهم مع الإبقاء على ربط قيمة الدرهم بسلة العملات المكونة من اليورو والدولار الأمريكي؛ مؤكدا أن المملكة لم توقع أية اتفاقية مشروطة مع المؤسسات المالية الدولية.
وأشار والي بنك المغرب إلى أن السلطات قررت بدء إصلاح نظام سعر الصرف بطريقة منظمة وسلسة، إلا بعد استيفاء مجموعة من الشروط من بينها التحكم في التضخم والحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي عند مستوى مناسب والحفاظ على توازن ميزانية الدولة وميزان المدفوعات مع نظام بنكي متين.
وأشار الجواهري إلى أن إصلاح نظام الصرف قرار سيادي ، تطوعي وتدريجي يمتد على عدة مراحل في إطار خريطة طريق واضحة، ولضمان نجاح هذا الإصلاح، يؤكد الجواهري، استعانت السلطات النقدية بمؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي ومجموعة من البنوك المركزية من أجل تقاسم التجارب والخبرات
مراحل إصلاح نظام الصرف وإجراءات المواكبة
بخصوص خطوات إصلاح نظام الصرف، فتم، حسب الجواهري، في 15 يناير 2018 كخطوة أولية، تم توسيع هامش نطاق تقلب الدرهم من %0,3± إلى %2,5± بالنسبة إلى سعر الصرف المركزي المحدد من طرف بنك المغرب على أساس سلة من العملات مكونة من اليورو والدولار الأمريكي بنسبتي60% و 40% على التوالي.
وفي 9 مارس 2020، جرت مواصلة إصلاح نظام سعر الصرف بتوسيع إضافي لهامش نطاق تقلب الدرهم من %2,5± إلى %5± بالنسبة إلى سعر الصرف المركزي مع الإبقاء على سلة العملات دون تغيير.
أما المرحلة الثانية، التي لم يدخلها المغرب بعد وفق تعبيره، تروم جعل نظام سعر الصرف أكثر مرونة مع اعتماد استهداف التضخم والتخلي عن سلة التثبيت، مع الإبقاء على تحديد حد أدنى وأقصى لنطاق التقلب اليومي، فيما سيتم الانتقال في المرحلة الثالثة والأخيرة إلى نظام التعويم الحر.
وبخصوص الإجراءات المواكبة للإصلاح، حسب الجواهري، مساهمة أكبر لقوى العرض والطلب في تحديد سعر صرف الدرهم عبر منح البنوك الراغبة صفة 'صانع السوق' مقابل التزامهم ببيع وشراء الدولار الأمريكي مقابل الدرهم بأسعار معلنة بشكل مستمر.
ومن أهم الوظائف التي يقوم بها صانع السوق هو توفير السيولة اللازمة في سوق الصرف مقابل الحصول على امتيازات أهمها الالتزام المتبادل لصناع السوق الآخرين بتوفير السيولة والحق الحصري في المشاركة في مناقصات بيع أو شراء العملات المنظمة من طرف بنك المغرب.
كما تم تطوير منصة إلكترونية لتداول الدرهم مقابل الدولار األمريكي بسهولة ويسر بين صناع السوق. تتيح المنصة الإلكترونية للبنوك شراء وبيع الدولار بسرعة وبأقل تكلفة مقارنة بالوسائل التقليدية، مع اختيار الدولار الأمريكي كعملة مرجعية نظرا لكونها العملة أكثر سيولة ودورها الرائد في التجارة الدولية والمعاملات المالية حول العالم .
وشدد الجواهري، على مراقبة دقيقة وفورية لعمليات البنوك في سوق الصرف وتأثيرها على تقلبات سعر صرف الدرهم مع التركيز على الشروط المطبقة على عمليات صرف العملاء، كما تجتمع اللجنة النقدية والمالية، برئاسة والي بنك المغرب، شهريا لتحليل ومراجعة تطورات سوق الصرف، بهدف ضمان حسن سيره وتحديد التدابير اللازمة لتطويره. كما تقر اللجنة استراتيجية وميزانية التدخل في سوق الصرف.