اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٠ حزيران ٢٠٢٥
أكد المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن مشاريع المراقبة الذكية في المغرب تعاني من تحديات بنيوية أبرزها محدودية التمويل وتفاوت الأولويات في أجندة التحول الرقمي.
وأفاد التقرير أن الدولة تركز في سياستها الرقمية على رقمنة الخدمات العمومية وتعزيز الاقتصاد الرقمي، مما يؤدي إلى توجيه الجزء الأكبر من الميزانيات إلى مشاريع تنموية أخرى، خصوصًا في الحواضر الكبرى، على حساب تعميم المراقبة الذكية في المدن الصغرى والمناطق الهامشية.
وأكد التقرير المنشور بموقع المعهد المغربي لتحليل السياسات أن الأولويات المالية والمجالية تلعب دورا حاسما في توزيع أنظمة المراقبة الذكية، حيث تستفيد المدن الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش والرباط من هذه الأنظمة، فيما تبقى المدن الصغيرة خارج نطاق التغطية نتيجة ضعف الإمكانيات الذاتية للجماعات المحلية، مشيرا إلى غياب آلية مركزية تُعنى بتنسيق وتدبير مشاريع المراقبة وضمان استمراريتها.
إقرأ أيضا: عيون الذكاء الاصطناعي تراقب عاصمة المملكة.. هل تهدد خصوصية الأفراد؟
وسجّل التقرير غياب مؤسسة متخصصة تجمع بين الفاعلين في مجالي الأمن والتنمية، مشيرا إلى أن النموذج الفرنسي، الذي يعتمد على صندوق مشترك بين وزارات لتمويل مشاريع المراقبة ومراكز القيادة، يمكن أن يشكل تجربة قابلة للتكيف مع السياق المغربي، خاصة في ظل غياب هيئة مركزية مشابهة.
كما أبرز التقرير محدودية الإطار التشريعي، موضحًا أن القوانين الحالية مثل القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، لا توفر ضمانات كافية ضد سوء استخدام تقنيات المراقبة الذكية، لاسيما مع استثناء العمل الأمني من رقابة اللجنة المختصة، وتُعزز هذه الثغرة القانونية غياب الرقابة المؤسساتية وتفتح الباب أمام ممارسات قد تمس بالحريات الفردية.
ورصد التقرير كذلك مشكلات في التنسيق بين المصالح الأمنية والقضائية، إضافة إلى صعوبات تشريعية مثل المادة 47 من قانون المسطرة الجنائية، التي تُقيّد استخدام تحليل الآثار الرقمية إلا في حالات استثنائية. مضيفا إلىأن اعتماد بعض الأجهزة الأمنية على الوجود الميداني التقليدي يعيق الانتقال إلى نماذج ذكية تعتمد على الكاميرات.
وذكر التقرير أن تجربة جنوب إفريقيا في توسيع استخدام المراقبة الذكية خلال تنظيم كأس العالم 2010 قد تمثل نموذجا ملهما للمغرب، خاصة وأنه مقبل على تنظيم تظاهرات دولية كبرى تستدعي تعزيز التغطية الأمنية، داعيا إلى إنشاء صندوق وطني خاص بتمويل مشاريع المراقبة، وتشكيل خلايا مشتركة بين الأجهزة الأمنية والقضائية، وإعادة النظر في القوانين المتعلقة بالخصوصية والرقابة على المعطيات.
واختتم التقرير بالتأكيد على ضرورة تبني مقاربة وطنية متكاملة تقوم على التنسيق بين الفاعلين وتعزيز العدالة المجالية، عبر إدماج أنظمة المراقبة في سياسات المدينة والتخطيط الحضري، بما يحقق التوازن بين أهداف الأمن وضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين.