اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٧ أيار ٢٠٢٥
صادق مجلس المستشارين، خلال جلسة تشريعية عقدها اليوم الثلاثاء، بالأغلبية على مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية في قراءة ثانية. وحظي المشروع بموافقة 34 مستشارا برلمانيا، فيما امتنع ثلاثة عن التصويت، ولم تسجل أي معارضة، وذلك بحضور عبد اللطيف وهبي وزير العدل.
وأوضح وزير العدل، في معرض تقديمه للمشروع، أن هذا النص التشريعي يأتي تجسيدا لاختيارات الدستور في بابه المتعلق بالسلطة القضائية، خاصة فيما يتصل بحماية حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة. وأضاف الوزير أن المشروع يواكب القوانين الإجرائية المقارنة ويتلاءم مع المواثيق الدولية ذات الصلة، كما ينسجم مع توصيات النموذج التنموي الجديد، لاسيما تلك الرامية إلى تحسين أداء المحاكم والتقليص من آجال البت عبر الانتقال نحو محكمة إلكترونية، بالإضافة إلى تحسين آليات التنسيق بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة.
وسجل وهبي أن مشروع القانون الجديد يمثل 'حجر الزاوية' لباقي القوانين الإجرائية و'المدخل الأساسي لاستيفاء الحق الموضوعي'، ليكون بذلك من 'أهم الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتحسين جودة الخدمة القضائية'. أكد أن المشروع يأتي في ضوء التحول الرقمي لمنظومة العدالة بهدف جعل القضاء في خدمة المواطن وتوفير شروط المحاكمة العادلة والمنصفة داخل آجال معقولة.
وبخصوص أبرز التعديلات الجوهرية التي أُدخلت على المشروع من قبل أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، أشار الوزير إلى حذف المقتضيات المتعلقة بالتغريم بهدف 'ضمان تمتع المتقاضين بحق الولوج إلى العدالة وكفالة اللجوء إلى القضاء' وفق إرادة المشرع الدستوري، وذلك في المواد المتصلة برفع الدعاوى وتقديم الدفوع ومسطرة تجريح القضاة.
واستعرض وهبي أيضا إعادة النظر في قواعد عدم الاختصاص النوعي، حيث تم التنصيص على وجوب بت المحكمة أو القسم المتخصص بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي، مع إمكانية استئنافه خلال أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ. أوضح أنه إذا بتت محكمة الدرجة الثانية في الاختصاص، أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، على أن قرار محكمة الدرجة الثانية لا يقبل أي طعن عادي أو غير عادي، مع عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
وفي سياق متصل، لفت الوزير إلى مراجعة معيار الاختصاص القيمي للمحاكم الابتدائية، حيث ستنظر ابتدائيا وانتهائيا في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف درهم، وابتدائيا، مع حفظ حق الاستئناف، في جميع الطلبات التي تتجاوز هذا المبلغ، وذلك 'حتى لا يتم حرمان فئات عريضة من المتقاضين من الحق في الطعن بالاستئناف'.
وفي ما يتعلق بتقوية الدور الإيجابي للقاضي في إدارة الدعوى المدنية وتسييرها، أكد عبداللطيف وهبي أن المشروع تضمن مقتضيات تمنح القاضي 'آليات إجرائية لإظهار الحقيقة وتسهيل مهمة الفصل في الدعوى'، مسجلا أن هذا الأمر لا يتنافى مع مبدأ حياد القاضي. من الأمثلة على ذلك، إلزام المحكمة بإنذار الأطراف بتصحيح المسطرة وتكليفهم بالإدلاء بالمستندات وتدارك البيانات غير التامة، إضافة إلى إجراء تحقيق والأمر بالحضور الشخصي للأطراف.
وللتكريس الفعال لمبدأ حق التقاضي، أشار المسؤول الحكومي ذاته إلى التنصيص على إمكانية تقديم مقال الطعن من قبل المتضرر من حكم قضائي بأي صندوق من صناديق المحاكم، على أن يتم إرساله فورا من طرف رئيس كتابة الضبط إلى المحكمة المختصة.
وبخصوص تعزيز حق الدفاع، سجل الوزير أن المشروع أكد على دور المحامي في تمثيل الأطراف أمام القضاء حتى في الدعاوى التي تطبق فيها المسطرة الشفوية، وعزز 'ضمانات الدفاع ومركز المحامي في الدعوى المدنية'.
من جانبهم، أبرز المستشارون البرلمانيون في مداخلاتهم أهمية مشروع قانون المسطرة المدنية بوصفه 'من أهم النصوص التشريعية الناظمة للعمل القضائي'، نظرا لارتباطه الوثيق بالحقوق الدستورية، خاصة الحق في التقاضي المضمون بالفصل 118 من الدستور.
وسجل المستشارون أيضا أن المشروع ينسجم مع الدور الفعال للعدالة ويعد أساسا في النسق المؤسساتي والحقوقي والتشريعي، ويمثل 'خطوة مهمة نحو مواكبة التحديات الجديدة وتعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي'. ثمنوا المراجعة التي همت مقتضياته، معتبرين أنها تقدم 'حلولا قانونية للإشكالات المرتبطة بالدعوى المدنية' وحلقة أساسية في مسلسل إصلاح منظومة العدالة الجاري منذ دستور 2011.
كما نوّهوا بأهمية التنصيص على رقمنة الإجراءات القضائية، التي اعتبروها 'تحديا حقيقيا لتعزيز فعالية الولوج إلى العدالة' والمرور نحو 'المحكمة الرقمية'. أشاروا إلى أن ذلك يتطلب مواصلة إنشاء المنصات والبوابات الإلكترونية، على غرار إحداث منصة للتبادل الرقمي مع هيئات المحامين والمهن المساعدة للقضاء.