اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
أورد تقرير صادر عن معهد أبحاث الهجرة، أن روسيا والصين، العضوين الدائمين في مجلس الأمن الدولي، تدرسان اتخاذ موقف داعم للمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي في الصحراء، وذلك أسوة بما قامت به الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة.
وأوضح التقرير المعنون بـ 'المغرب على مفترق الطرق'، أن المغرب يحظى بمتابعة دقيقة من القوى الكبرى، مشيرًا إلى أن التحركات القادمة في مجلس الأمن قد تشهد انضمام كل من بكين وموسكو إلى قائمة الدول التي عبرت عن تأييدها للمبادرة المغربية في الأقاليم الجنوبية.
مراجعة السياسات
وأشار التقرير إلى أن هذا الموقف المحتمل يتزامن مع تحولات اقتصادية وجيوسياسية في المنطقة، حيث أصبح المغرب مركزًا ناشئًا لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، مستقطبًا استثمارات كبرى من شركات صينية مثل CNGR وHuayou Cobalt، بالإضافة إلى تعاون مع شركاء من كوريا الجنوبية.
وأضاف التقرير أن الصين تعتبر المغرب نقطة عبور مناسبة نحو الأسواق الأوروبية والأمريكية، بفضل توفر البنية التحتية والمناطق الصناعية الحرة، رغم ما واجهته بعض الشركات الصينية من صعوبات تنظيمية تتعلق بالتعريفات الجمركية وشروط التوطين الصناعي.
كما أشار إلى أن علاقات روسيا التاريخية مع الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو، قد تجعل موسكو أكثر ترددًا في موقفها، إلا أن تطورات الأوضاع وتحولات التحالفات في المنطقة قد تدفعها إلى مراجعة سياستها تجاه ملف الصحراء، خاصة في ظل تنامي دور المغرب في قضايا إقليمية مرتبطة بالطاقة والهجرة.
وذكر التقرير أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب منذ عام 2007، والتي تمنح سكان الإقليم صلاحيات موسعة تحت السيادة المغربية، حظيت بدعم متزايد خلال السنوات الأخيرة من قوى دولية كبرى.
وأضاف المصدر ذاته، أن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء خلال إدارة الرئيس السابق في عام 2020، الذي تبعته فرنسا في صيف 2024، ثم المملكة المتحدة في مايو 2025، يجعل موقف روسيا والصين، في حال اتخاذه، استكمالًا لمسار الدعم الدولي المتصاعد للمبادرة المغربية.
وأكد التقرير أن هذا المسار يتزامن مع تقارب دبلوماسي واقتصادي بين الرباط وعدد من العواصم الغربية، في ظل استمرار إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي منذ عام 2021، ومحاولات الجزائر تنويع تحالفاتها نحو الصين وإيران.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الموقف المنتظر من روسيا والصين قد يترك أثرًا مباشرًا على التوازنات الإقليمية في شمال أفريقيا، وأن الأسابيع المقبلة قد تحمل مؤشرات حاسمة بشأن مواقف البلدين داخل مجلس الأمن تجاه ملف الصحراء.
حكم ذاتي
بعد مرور ما يقارب عشرين سنة على إعلان المغرب مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، لا تزال هذه المبادرة تحظى بترحيب واسع في الأوساط الدولية وتُطرح بإلحاح على طاولة النقاش الأممي باعتبارها الإطار الأوحد لحل سياسي نهائي لقضية الصحراء المغربية.جولات سياحية في المغرب
المبادرة، التي سلمها آنذاك مصطفى ساهل، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، إلى الأمين العام السابق بان كي مون، لم تكن مجرد ورقة دبلوماسية عابرة، بل تعبيرا عن تحوّل استراتيجي في تعاطي المغرب مع نزاع عمر لما يقرب خمسة عقود، وذلك عبر مقاربة تقوم على التفاوض والتوافق ضمن سقف السيادة الوطنية والوحدة الترابية.
الوثيقة، التي عكست إرادة سياسية واضحة لدى الرباط، وُصفت منذ البداية بأنها رد متقدم على نداءات مجلس الأمن المتكررة التي طالبت الأطراف المتنازعة بتقديم حلول جدية وواقعية تتجاوز الجمود السياسي، فيما اعتبر المغرب أن تقديم هذه المبادرة يدخل في صميم جهوده لبناء نموذج ديمقراطي متجذر في دولة القانون والحريات، يقوم على التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، مع ضمان مشاركة أبناء المناطق الصحراوية في تدبير شؤونهم بأنفسهم، من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية تمارس صلاحياتها في إطار مبدأ تكافؤ الفرص.جولات سياحية في المغرب
ومع توالي السنوات، تحول مشروع الحكم الذاتي من مجرد مبادرة سياسية إلى حجر زاوية في الخطاب الدبلوماسي المغربي، حيث بات يُقدَّم على أنه الأساس الوحيد الممكن لتسوية النزاع المفتعل، وهو ما أكد عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس في أكثر من خطاب رسمي، مشددا على أن لا حل خارج سيادة المملكة ولا تفاوض حول مغربية الصحراء.
بنود المقترح
المبادرة تنصّ على تمكين سكان الصحراء من إدارة شؤونهم المحلية بشكل ديمقراطي، في مجالات مثل التنمية الاقتصادية، والتخطيط الجهوي، والتعليم، والصحة، والثقافة، والبيئة، مع الاحتفاظ للدولة المركزية باختصاصاتها السيادية في مجالات الدفاع، الأمن، العلاقات الخارجية، والسلطات الدستورية والدينية للملك باعتباره أمير المؤمنين.
كما تلتزم الدولة بتخصيص الموارد المالية الكافية لتأهيل الجهة وتمكينها من الإسهام الفعلي في التنمية الوطنية، عبر نظام تمويلي متعدد المصادر يشمل الضرائب المحلية وعائدات الثروات الطبيعية، بالإضافة إلى الدعم المالي التضامني من الدولة.
وقد حرص المغرب من خلال هذا التصور على تأكيد رغبته في إدماج كافة أبناء أقاليمه النوبية، سواء المقيمين داخله أو أولئك المتواجدون بالخارج، في إطار عادل ومنصف، يضمن مشاركة الجميع في مؤسسات الجهة، ويكرس حقوقهم كاملة في إطار المساواة مع باقي المواطنين.
كما تقدم المشروع بتصور واضح بشأن كيفية تشكيل الهيئات التمثيلية، وعلى رأسها برلمان الجهة الذي يتشكل من تمثيلية قبلية واقتراع مباشر، إضافة إلى تمثيلية نسائية، بينما يتولى رئيس حكومة الجهة -المنتخب من قبل البرلمان الجهوي والمعين من قبل الملك– تسيير الجهاز التنفيذي المحلي.جولات سياحية في المغرب
القضاء المحلي بدوره يندرج ضمن رؤية شاملة لاستقلالية الهيئات الجهوية، من خلال إحداث محكمة عليا جهوية تُعنى بتأويل قوانين الجهة، على ألا تمس بصلاحيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو المحكمة الدستورية على المستوى الوطني. أما القوانين المحلية فتلزم بمقتضيات الدستور وميثاق الحكم الذاتي، ضمانًا للتناسق القانوني والوحدة التشريعية للدولة.