اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
يعاني البلد الواقع شمال أفريقيا من جفاف حاد منذ عام 2018
يجني عمال زراعيون جنوب المغرب حبات طماطم كرزية بعدما نضجت بفضل مياه المحيط الأطلسي المحلاة التي تشكل البديل الاستراتيجي لإنقاذ القطاع الزراعي الحيوي داخل المملكة في ظل جفاف بنيوي، على رغم كلفته المرتفعة وبصمته البيئية.
تمتد هذه المزرعة على مساحة 800 هكتار (ثمانية كيلومترات مربعة) في سهل شتوكة بولاية سوس ماسة على بعد نحو 60 كيلومتراً جنوب مدينة أكادير. وهي مروية بنسبة 100 في المئة بمياه البحر المحلاة في محطة تؤمن ري مزارع هذه المنطقة الأهم من حيث الإنتاج الزراعي في المغرب.
ويعاني هذا البلد الواقع شمال أفريقيا من جفاف حاد منذ عام 2018.
جفاف 2018
وتوضح عبير المسفر نائبة مدير شركة 'أزورا المغربية الفرنسية' التي تدير هذه المزرعة 'ما كنا لنستمر إلى اليوم بعد الجفاف الذي عاشه المغرب منذ 2018'، لولا محطة شتوكة لتحلية مياه البحر.
توفر هذه المحطة منذ عام 2022 نحو 125 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً لري 12 ألف هكتار (120 كيلومتراً مربعاً) من حقول الخضراوات والفاكهة، و150 ألف متر مكعب يومياً من مياه الشرب لنحو مليون و600 ألف من سكان أكادير وضواحيها، بحسب المسؤول المحلي في وزارة الزراعة أيوب رمدي.
ومن المتوقع أن تصل طاقتها الإنتاجية إلى 400 ألف متر مكعب سيخصص نصفها للزراعة، بحلول نهاية عام 2026.
ويمثل هذا الخيار رهاناً استراتيجياً لإنقاذ القطاع الزراعي الذي يشكل نحو 12 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، لكنه يظل معرضاً لتقلبات المناخ في بلد يعاني إجهاداً مائياً بنيوياً بسبب دورات جفاف متكررة، يستمر آخرها منذ سبعة أعوام.
وفي المغرب حالياً 16 محطة لتحلية المياه تنتج نحو 270 مليون متر مكعب، ويطمح للوصول إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
كذلك، يراهن على مدها بكهرباء من الطاقة الريحية لخفض الكلفة، وفق برنامج استثماري ضخم أعلن منتصف مايو (أيار) الماضي.
مسألة حياة أو موت
بالنظر لحدة الجفاف أصبح الرهان 'مسألة حياة أو موت، فإما أن نقبل التضحية بجزء من هامش الربح للاستفادة من المياه المحلاة أو نوقف العمل'، كما توضح المسفر.
لكن ثمنها يبقى مرتفعاً، إذ يبلغ سعر بيع ليتر واحد من المياه المحلاة خمسة دراهم (0.48 يورو) في مقابل درهم واحد للمياه الطبيعية (0.096 يورو).
إذا كان نحو 1500 مزارع في ولاية سوس ماسة يستطيعون تحمل هذه الكلفة، فإن آخرين غير قادرين على ذلك.
وهذه حال حسن الذي يزرع الكوسة والفلفل في حقل يمتد على نحو نصف هكتار (0.005 كيلومتر مربع) يسقيه بمياه بئر يتقاسمها مع نحو 60 مزارعاً. ويوضح 'لا أستطيع استعمال تلك المياه لأنها غالية الثمن'.
ويرى المهندس الزراعي علي حاتمي أن 'كلفة المياه المحلاة تقلل إلى حد كبير نطاق المحاصيل التي يمكن سقيها، لأنها لا تكون مربحة إلا بالنسبة إلى المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية جداً'.
وفضلاً عن الكلفة 'يتطلب إنتاج المياه المحلاة كثير من الكهرباء وإفراز محلول مالح له تأثير في البيئة البحرية'. وفي محطة شتوكة تستخدم 'مواد تمكن من تذويب هذا المحلول، ولم نلحظ أي تأثير في البيئة البحرية'، على ما يؤكد رمدي.
خسائر بالغة
وعلى رغم ذلك، تكتسي تحلية المياه أهمية كبرى في ولاية سوس ماسة إذ تتركز نحو 85 في المئة من صادرات المغرب من الخضراوات والفاكهة على امتداد نحو 29 ألف هكتار (290 كيلومتراً مربعاً)، بإنتاج إجمال يقدر بمليوني طن، وفق وزارة الزراعة. وهو ما يدر عائدات تقارب 940 مليون يورو (1.1 مليار دولار)، وفق المصدر نفسه.
وبفضل محطة شتوكة تجنب مزارعو المنطقة خسائر تقدر بأكثر من 860 مليون يورو (مليار دولار)، وأكثر من مليون وظيفة سنوياً، وفق رمدي.
وبفعل استنزاف الطبقات الجوفية وتوالي أعوام الجفاف، اضطر المزارع محمد بومارغ خلال الأعوام الأخيرة إلى تقليص المساحة التي يزرعها داخل قريته إلى خمسة هكتارات فقط 'نظراً إلى ما بقي متوافراً من مياه جوفية'.
لكنه اليوم يستغل نحو 20 هكتاراً (2 كيلومتر مربع)، كما يوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، بفضل مياه البحر المحلاة، ونحو 60 في المئة من الإنتاج موجه للتصدير.
ويلخص المزارع البالغ 38 سنة الوضع قائلاً 'لقد أنقذت تحلية المياه الزراعة في شتوكة'.