اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
في ظل تصاعد الحضور الرقمي وانتشار فوضى المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، يبرز العنف الرقمي كظاهرة متفاقمة تثير قلق الرأي العام، وتمس جميع الفئات العمرية والاجتماعية، وخاصة الأطفال والمراهقين.
ورغم الفرص التي تتيحها الوسائط الرقمية في مجالات التواصل والتعلم، إلا أن هذه المنصات أصبحت أيضا فضاء محفوفا بالمخاطر، حيث قد يتعرض المستخدمون، خصوصا من الفئات الهشة، لأضرار نفسية واجتماعية بالغة الخطورة.
يرى مختصون في الصحة النفسية والاجتماعية أن العنف الرقمي، الذي يتخذ أشكالا متعددة كالتنمر والتحرش الإلكتروني والسب، يمثل تهديدا مباشرا للتوازن النفسي للأطفال والمراهقين، وقد يقود إلى اضطرابات خطيرة مثل الاكتئاب والعزلة وحتى التفكير في الانتحار.
في هذا السياق، أكد سامي دقاقي، باحث في علم النفس والنورو-تربية، أن الثورة الرقمية أطاحت بالكثير من الأسوار الواقية التي كانت تحيط بالأسر، وأحدثت خللا في وجدان الناشئة، إلى درجة أصبح معها الحديث عن 'الجيل الرقمي' و'المواطن الرقمي' يعكس صورة قاتمة عن دور الأسرة في التربية.
وأوضح دقاقي أن انغماس الأطفال في الشاشات يؤثر على قدراتهم التعليمية والإبداعية، مشيرا إلى أن الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية يُضعف مهارات القراءة والكتابة، ويعيق مراكمة المعارف. وأضاف أن الطفل لا يكتسب المهارات الأساسية من التطبيقات، بل من التفاعل الإنساني المباشر، وهو ما أصبح مفقودا في بيئة تغلب عليها الصور والمشاهد العنيفة.
وسجل الباحث أن المحتوى العنيف المتسلل عبر شاشات الأجهزة الذكية، خصوصا أثناء اللعب أو مشاهدة الفيديوهات على المنصات الرقمية، يعرض الأطفال لحالات من الغضب والتوتر والعدوانية. كما يتسبب في تسريع ضربات القلب واضطرابات النوم وضعف التركيز، مما يؤدي إلى سلوكيات مشوشة وغير متوازنة.
وأشار المتحدث نفسه، إلى أن تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام ساهمت، رغم إيجابياتها، في تقويض العلاقات الإنسانية داخل الأسرة، كما جعلت الأطفال والمراهقين أكثر ميلا إلى الانطواء والعزلة، وهروبا من التواصل الواقعي.
وتابع أن آثار العنف الرقمي لا تظهر فقط في العالم الافتراضي، بل تمتد إلى الواقع عبر سلوكيات مثل التعليقات المسيئة والردود العنيفة، مما يجعل من العنف اللفظي والمعنوي – وأحيانا البدني – جزءا من المعيش اليومي لهذه الفئة.
ولمواجهة هذا الواقع، شدد دقاقي على أهمية ترسيخ ثقافة القدوة داخل الأسرة، باعتبارها أحد أهم الأساليب التربوية الفعالة، حيث يتعلم الأبناء من السلوك العملي أكثر مما يتعلمون من التوجيه النظري.
وأكد الباحث في علم النفس والنورو-تربية، أن على الآباء أن يضطلعوا بدور استباقي لا يقتصر على التشجيع والدعم العاطفي، بل يشمل أيضا تنظيم علاقة الأبناء بالشاشات، من خلال وضع قواعد واضحة للاستخدام، وضبط أوقات التصفح والتحميل، بما يضمن التوازن بين المتعة والحماية.
كما دعا ذات المتحدث، إلى اعتماد أسلوب تربوي قائم على الحوار وتحمّل المسؤولية، بعيدا عن أساليب العنف والعقاب، مع ضرورة تشجيع التفاعلات الأسرية الإيجابية التي تعزز القيم والمشاعر والآمال، وتحد من التصرفات العنيفة وغير السوية لدى الأبناء.