اخبار المغرب
موقع كل يوم -الأيام ٢٤
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يوم 28 يوليوز الماضي، ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة، أول مجلس إدارة للمجموعة الصحية الترابية لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، في خطوة وصفها بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة بأنها 'الأولى من نوعها على المستوى الوطني، وتندرج ضمن تنزيل التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إصلاح شامل وعميق للقطاع الصحي، في إطار ورش تعميم الحماية الاجتماعية' حيث تم اختيار جهة طنجة نموذجا قبل تفعيل عمل هذه المجموعات بباقي الجهات.
هو الاجتماع الأول الذي يتم عقده منذ دخول القانون رقم 08.22 حيز التطبيق ونشر مرسوم تطبيقه بالجريدة الرسمية عدد 7393 بتاريخ 7 أبريل 2025، وذلك من أجل 'مناقشة مرتكزات الأسس التنظيمية والمالية للمجموعة، بما في ذلك برنامج العمل وميزانية سنة 2025، إضافة إلى المصادقة على الهيكل التنظيمي للمجموعة التي ستعمل على إعادة هيكلة العرض الصحي على مستوى الجهة، وتعزيز التكامل بين مختلف المؤسسات الصحية من مراكز الرعاية الأولية إلى المستشفيات الجامعية'.
ويأتي إنشاء المجموعات الصحية الترابية من أجل 'تقديم خدمات صحية متكاملة، عادلة وفعالة، والقطع مع التفاوتات المجالية، وتيسير مسار العلاج أمام المواطن، مع ضمان جودة الخدمة وقربها من المواطن'، كما أكدت على ذلك رئاسة الحكومة وكذا القانون رقم 08.22 والذي يؤكد على أنها تعتبر آلية من آلية مواجهة نقص الحكامة في المجال الصحي، وتأهيل البنيات الصحية وتثمين الموارد البشرية، علما أن اختيار جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، يأتي من أجل الاستئناس بتجربتها في أفق تعميم هذه المجموعات على كافة الجهات كما تنص على ذلك المادة الأولى المحدثة لها.
أعطاب صحية تتحدى المجموعات الترابية
قد يكون من السابق لأوانه، إعطاء أي تقييم لمستوى أداء هذه المجموعات الصحية، لكن في ظل الأعطاب التي يعاني منها القطاع، والتي دفعت إلى اندلاع الاحتجاجات في عدد من المدن من أجل المطالبة بتحسين العلاج، يطرح سؤال حول مدى قدرة هذه المجموعات الترابية، بما منح لها من استقلال في التدبير المالي والتنظيمي على مواجهة اختلالات الصحة، خاصة وأن الحكومة تعول عليها لجعلها رافعة لتنزيل الجانب الصحي في ما يتعلق بتعميم ورش الحماية الاجتماعية وجعل الحق في الصحة واقعا ملموسا لجميع المواطنين، في ظل الصلاحيات الكبرى التي منحت لها والتي تهدف إلى الحد من التفاوتات المجالية وتسهيل مسارات العلاج وتعزيز القرب والجودة، فضلا عن هدر الإمكانيات.
وهو ما يعني الانتقال الفعلي إلى التنزيل الملموس لإصلاح المنظومة الصحية، كما أكد على ذلك وزير الصحة، أمين التهراوي، في تصريح بعد أول اجتماع لمجلس إدارة المجموعة الصحية الترابية للجهة الشمالية عندما قال إن 'هذا الاجتماع يجسد الانتقال من الرؤية الاستراتيجية إلى التفعيل الملموس لإصلاح المنظومة الصحية، من خلال اعتماد بنية جديدة وحكامة ترابية جديدة، تسمح بتجميع كافة البنيات الصحية التحتية بالجهة ضمن هيكل موحد'، موضحا 'أن هذا النموذج الجديد في الحكامة سيمكن من تحسين العرض الصحي بشكل ملموس، والارتقاء بجودة الخدمات الصحية وتجويد استخدام كافة الموارد المتاحة بما فيها إدماج المراكز الصحية من المستوى الأول ضمن هذه الحكامة الجديدة، بما يضمن تدبيرا مندمجا لمسار العلاج على مستوى الجهة بكاملها'.
هل يتم تجاوز سلبيات الماضي؟
الأكيد أن إحداث المجموعات الصحية الترابية، يدخل ضمن سلسلة طويلة من الإصلاحات التي خضع لها القطاع منذ الاستقلال، ورغم أن القانون رقم 08.22 المحدث لها، يؤكد على تجاوز سلبيات الماضي، إلا أنه يطرح سؤالا مهما حول التمويلات التي ستمكن من تنزيل فلسفة هذا المشروع الذي لا يمكن أن يحقق أهدافه ما لم يتمكن من معالجة كل الإشكالات على رأسها مشكل الحكامة الذي يرتبط برقمنة العلاجات وتتبع مساراتها، من أجل بناء نظام صحي وطني قادر على الصمود وتحقيق السيادة الصحية على أرض الواقع، وليس فقط من خلال القوانين، كما أكدت على ذلك الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، في بلاغ لها أصدرته قبل عامين بمناسبة اليوم العالمي للصحة الذي يصادف 7 أبريل من كل عام.
بلاغ دقت من خلاله ناقوس الخطر بخصوص خطورة التفاوتات الجهوية المسجلة في قطاع الصحة، رغم النقلة النوعية التي عرفها المغرب على مستوى التشريع الصحي وإعداد بدائل لاختيارات سياسية جديدة لتدبير المنظومة الصحية الوطنية، والتي تواجه بما سمته الشبكة 'رواسب تراكم الاختلالات الهيكلية والبنيوية لعقود خلت، مازالت قائمة اليوم، خاصة على مستوى تمويل المنظومة الصحية، حيث ظل الإنفاق الصحي أقل من المعدل العالمي، إضافة إلى صعوبة الحصول على الأدوية بسبب ارتفاع أسعارها'، فضلا عن افتقار عدة جهات إلى الظروف المعيشية والبيئية اللازمة للحفاظ على صحة جيدة، بسبب الفقر والإقصاء الاجتماعي والظروف المعيشية الصعبة'، ما يتطلب من 'صانعي السياسات العمومية، وخاصة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، احترام الالتزام بالاستثمار العمومي في الصحة، وعدم الإفراط في خوصصة القطاع الصحي، ومراقبته وتنظيمه، من خلال الرفع من الميزانية السنوية لقطاع الصحة والمجموعات الصحية الترابية لتدارك الخصاص في البنيات التحتية والموارد البشرية المؤهلة والتجهيزات والمستلزمات الطبية والأدوية الأساسية'، حسب ذات الشبكة.
أدوار وتكوينات واستقلال القرار
لقد حدد القانون المحدث للمجموعات الصحية الترابية مجموعة من الأدوار التي قد تساهم في إحداث إصلاح جذري إذا ما تم احترام المهام المنوطة بها. فعروض العلاجات والصحة العامة والتكوين والبحث والابتكار و كلها من المهام المنوطة بها، حيث تم منحها مهام وضع الخريطة الصحية الجهوية وتحيينها، طبقا للتوجهات العامة المحددة في الخريطة الصحية، وإعداد وتنفيذ البرنامج الطبي الجهوي وإحداث مؤسسات صحية جديدة طبقا للخريطة الصحية الجهوية، وتنظيم مسلك العلاجات ومسارات التناسق داخل المؤسسات الصحية التابعة للجهة، فضلا عن ضمان عرض العلاجات على المستوى الجهوي، وإحداث منظومة معلوماتية صحية جهوية من أجل جمع المعطيات الصحية ومعالجتها واستغلالها، إلى جانب تقديم خدمات التشخيص والعلاج وإعادة التأهيل، والتكفل بالمرضى والجرحى والنساء الحوامل وتتبع حالات الصحية مع اتخاذ التدابير اللازمة لسلامة المرضى وجودة التكفل بهم، إلى جانب تكوين الأطر الطبية من خلال 'التكوين التطبيقي الأساسي لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان في القطاع العام وعند الاقتضاء في القطاع الخاص' و 'ضمان التكوين التطبيقي الأساسي لطلبة مؤسسات التكوين العمومية في مهن التمريض والقبالة والترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي'، و'الإسهام في البحث العلمي في مجال الصحة إلى جانب مؤسسات البحث في المجالات الصحية' مع ما يرافق ذلك من تسليم رخص مزاولة المهن والأنشطة الطبية في القطاع الخاص مثل مهن القابلات، والتمريض، والترويض وإعادة التأهيل الوظيفي، وإحداث واستغلال المصحات والمؤسسات المماثلة، وهي كلها تدخل ضمن مهام إدارة تسيير المجموعات الصحية الترابية التي يترأس مجلس إدارتها بقوة القانون، رئيس الحكومة، ويفوض لوزير الصحة أو من ينوب عنه رئاستها في ما يسيرها مدير عام يتم تعيينه طبقا للنصوص التشريعية التنظيمية المتعلق وبالتعيين في المناصب العليا والتي تتم المصادقة عليها في اجتماعات المجلس الحكومي.



































