اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٤
سجلت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، 'تراجعا هائلا' للتقدم الذي أحرزته تونس على صعيد حقوق الإنسان منذ ثورة عام 2011. مشيرة إلى أنه 'بعد مرور ثلاث سنوات على إقدام الرئيس قيس سعيد على تعليق عمل البرلمان وبدء السيطرة على الدولة، أصبحت الانتهاكات التي اعتقدنا أنها باتت جزءًا من ماضي تونس واضحة وممنهجة أكثر فأكثر'.
حاء ذلك في تصريح أدلت به عقب زيارة قامت بها إلى تونس مدتها أربعة أيام (من 16 إلى 19 يوليوز الجاري)، التقت خلالها بمدافعين عن حقوق الإنسان، وممثلين من المجتمع المدني، وجمعية القضاة التونسيين، ومحامين، وأحزاب سياسية، وصحفيين، وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وأسر أشخاص محتجزين تعسفيًا.
وقالت: “لقد جرى إخضاع مؤسسة القضاء، في حين أن الاعتقالات والملاحقات القضائية التعسفية تتضاعف، وتطال قادة المعارضة السياسية، والصحفيين، والنشطاء، والمحامين، والقضاة، والنقابيين، وأصحاب الأعمال، والموظفين العموميين، والقاضيات والناشطات، والمهاجرين، واللاجئين. وقد أخبرني الأشخاص الذين لم يتأثروا مباشرة حتى الآن بأنهم يخشون من إمكانية تقييد حريتهم في أي وقت”.
وأضافت أن زيارتها لتونس تزامنت مع الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية مباشرة،وقالا: 'وبدلًا من الحوارات النابضة بالحياة لمشهد سياسي تعددي، لاحظت وجود قمع حكومي يغذي الخوف والهلع مما سيأتي. فالعديد من قادة المعارضة السياسية ومنتقدي الحكومة هم قيد الاحتجاز التعسفي، ويواجه مرشحو الانتخابات الرئاسية قيودًا وملاحقات قضائية، وقد حُكم على العديد من الصحفيين والمعلّقين بالسجن، ويتعرّض المجتمع المدني لخطر مزيد من القمع”.
ولفتت الحقوقية ذاتها إلى احتجاز معظم قادة أحزاب المعارضة رهن الإيقاف التحفظي، ومنهم عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري، وغازي الشواشي الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، وجوهر بن مبارك أحد قادة جبهة الخلاص الوطني، وعبير موسي الأمينة العامة للحزب الدستوري الحر، والعديد من قادة حزب النهضة من أمثال راشد الغنوشي، ونور الدين البحيري، والصحبي عتيق وسواهم.
ويواجه جميعهم سلسلة من الاتهامات، من ضمنها بعض التهم المجرّمة بموجب قانون مكافحة الإرهاب في تونس، التي تحمل في طياتها عقوبات شديدة. وتوضح هذه الملاحقات القضائية، في إطار حملة قمع الحقوق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، عدم تسامح السلطات إزاء أي تحدٍ أو معارضة”.
وقالت أنياس كالامار إن منظمة العفو الدولية وثقت الخطوات الصارمة التي اتخذتها السلطات لتقويض استقلالية القضاء منذ 25 يوليوز 2021. ولقد شهدت طوال زيارتي كيف تأثرت الحقوق في محاكمة عادلة، وحرية التعبير، والتجمع السلمي بشكل مباشر، وفق تعبيرها.
وأشارت أيضا إلى ارتكاب السلطات التونسية انتهاكات مروعة ضد المهاجرين واللاجئين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى تتسم بخطاب عنصري يصدر عن أرفع مستويات الدولة، وتطبيع عمليات الترحيل الجماعي عند الحدود، وعمليات الاعتراض العنيفة في البحر، والاعتقالات المستندة إلى التصنيف العرقي. وفي الآونة الأخيرة، واجه أيضًا أولئك الذين يمدون يد العون للمهاجرين أو يدافعون عن حقوقهم عبر عملهم في منظمات المجتمع المدني تحقيقات تعسفية، وفي بعض الحالات، عمليات اعتقال واحتجاز.
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية إلى إسقاط التهم التي لا أساس لها الموجّهة إلى المعارضين والمنتقدين، والإفراج عن أولئك الذين احتُجزوا تعسفًا لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، وإلغاء كافة التدابير المتخذة لتقويض استقلالية القضاء، بما في ذلك إلغاء المرسوم عدد 35 لسنة 2022 الذي يمنح الرئيس سلطة إقالة القضاة بإجراءات موجزة؛ وتنفيذ قرار المحكمة الإدارية الصادر في 9 غشت 2022 وإعادة القضاة وأعضاء النيابة الـ 57 الذين أقالهم الرئيس تعسفيًا إلى المناصب التي كانوا يشغلونها؛ ووقف كافة تدخلات السلطة التنفيذية في المسائل المتعلقة باستقلالية القضاء؛ ووضع حد لجميع أشكال المضايقة أو الانتقام المتخذة ضد القضاة والمحامين التونسيين.
كما شددت المنظمة ذاتها على ضرورة إلغاء المرسوم الرئاسي عدد 54 لسنة 2022، وإطلاق سراح جميع الذين تعرّضوا للمقاضاة والاحتجاز لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير، والتجمع السلمي، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وينبغي للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إعادة تقييم شراكتهم مع السلطات التونسية بما يكفل ألا يُفضي التعاون إلى التواطؤ في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ضد المهاجرين، أو اللاجئين، أو خصوم الحكومة، بل إلى الإسهام في إحراز تقدم باتجاه واجبات تونس على صعيد حقوق الإنسان.