اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
رصد الخبير الأمني، محمد شقير، مختلف التحولات التي شهدتها السياسة الأمنية بالمغرب خلال القدين الماضيين، قائلا إن التفجيرات الإرهابية التي استهدفت المغرب يوم 16 ماي 2003 بالدار البيضاء شكلت منعطفا.
وأشار شقير، في حوار مع جريدة 'العمق'، إلى عدد من التحولات التي عرفتها المقاربة الأمنية بالبلاد، خصوصا في التعامل مع موضوع الإرهاب، وأبرز هذه التحولات تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية.
في ما يلي نص الحوار:
إلى أي حد شكلت تفجيرات 2003 منعطفا في المقاربة الأمنية بالمغرب؟
يمكن القول إن أحداث الدار البيضاء الإرهابية أحدثت صدمة سياسية لصانع القرار، جعلته يعيد النظر في مقاربه الأمنية من خلال التركيز على الاستباقية والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية، لملاحقة وتفكيك الخلايا الإرهابية، وكذا التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأجنبية لتتبع تحركات الناشطين، باعتبار أن الجريمة الإرهابية جريمة عابرة للقارات والحدود.
ما أبرز التحولات التي عرفتها المؤسسة الأمنية بالمغرب؟
من أبرز التحولات التي عرفتها المؤسسة الأمنية العمل على إدماج سلامة المواطن ضمن جوهر العقيدة الأمنية للمملكة، بخلاف العقيدة الأمنية في عهد الملك الحسن الثاني التي كانت تركز بالأساس على حماية النظام وتصفية أو تدجين مختلف مكونات المعارضة السياسية، بما كان لذلك من تجاوزات تنتهك حقوق الإنسان وتفلت من كل محاسبة.
وبالتالي، تم العمل على إرساء الضوابط القانونية داخل المؤسسة الأمنية، حيث مُنحت لعناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني صفة الشرطة القضائية. كما تم العمل على تحويل الشرطة إلى شرطة للقرب وتقريب الخدمة الأمنية من المواطن، إلى جانب إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية.
هذه الهيكلة لم تشمل فقط المستوى المركزي أو الإقليمي، بل اعتمدت أيضا على الرقمنة في تقديم الخدمات الأمنية، واللجوء إلى التكنولوجيا الحديثة، من خلال تثبيت كاميرات مراقبة في الشوارع الرئيسية بالمدن، وخلق شرطة متنقلة من الدراجين أو ما يسمى بالصقور، أو فرق متحركة لملاحقة العصابات، إلى جانب التنسيق بين مختلف المصالح الأمنية، بحكم أن المدير العام للمؤسسة يجمع بين رئاسة المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
أبانت المؤسسة الأمنية بالمغرب عن نجاعتها في التعامل مع الإرهاب والجريمة عموما، ما هي نقاط قوتها؟
ارتكزت المقاربة الأمنية في مواجهة الإرهاب على المركزية، من خلال تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي أسندت إليه مهمة ملاحقة وتفكيك الخلايا الإرهابية بشكل استباقي، عبر تتبع المعلومة وتجميعها حول المشتبه فيهم والنشطاء، ومتابعة الرسائل المشفرة التي يتم تبادلها عبر الفضاء الأزرق.
وقد شُكلت فرقة خاصة لهذا الغرض، تراقب وترصد مختلف التحركات المشبوهة التي تتم بين تنظيمات إرهابية بالخارج، سواء في الشرق العربي أو بدول الساحل أو حتى بالدول الأوروبية، وبين نشطاء بالداخل يعلنون ولاءهم لهذه التنظيمات، كما تتابع الأعمال المتعلقة باقتناء مواد لصنع متفجرات قد تُستعمل في عمليات إرهابية.
وكلما استُشعر اقتراب إمكانية الشروع في التنفيذ، تتحرك عناصر التدخل السريع التابعة للمكتب لشل أي تحرك وتفكيك الخلايا المشبوهة، للتحقيق معها وتقديمها للمحاكمة، ما جنب المملكة وقوع عدة عمليات إرهابية كانت تستهدف زعزعة الأمن بالبلاد. ويتم بعد ذلك تنظيم ندوات صحفية لإخبار الرأي العام وطمأنته بشأن مجريات أية عملية إرهابية وتفاصيل تفكيك الخلايا المتورطة فيها.
كثفت المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنوات الأخيرة تواصلها مع المواطنين، ما أثر هذه الخطة على الأمن بالبلاد؟
انتهجت المؤسسة، برئاسة عبد اللطيف الحموشي، سياسة تواصلية ركزت بالأساس على إنشاء 21 وحدة للتواصل، من بينها وحدة مركزية تابعة مباشرة للمدير العام للأمن الوطني، بالإضافة إلى تعيين ناطق رسمي باسم المؤسسة، وفتح صفحتين على منصتي 'إكس' و'فيسبوك' لتفنيد وتكذيب مختلف الإشاعات والصور الكاذبة، أو ما يسمى بـ'الفايك نيوز'.
كما اعتمدت المؤسسة، خلال السنوات الأخيرة، سياسة الأبواب المفتوحة، من خلال تنظيم معارض جهوية في مدن مثل الدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة، لاستقبال المواطنين وتعريفهم باختصاصات المؤسسة ومصالحها المختلفة والأدوار الأمنية التي تضطلع بها.
وعملت المؤسسة أيضا على الانفتاح على الفضاء المدرسي من خلال تنظيم زيارات للمؤسسات التعليمية، وإلقاء محاضرات لفائدة التلاميذ للتعريف بالدور المنوط بمصالحها، إلى جانب مشاركة أطرها في عدد من الندوات الوطنية التي تنظمها مؤسسات جامعية أو غيرها.