اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٧ أذار ٢٠٢٥
أكد البرلماني السابق وأستاذ المالية الإسلامية بجامعة محمد الخامس والرئيس السابق للجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، عبد السلام بلاجي، أن البنوك التشاركية تعتمد في معاملاتها على نظام المرابحة ولا تلتف حول الربا، مؤكدا أن المواطنين يطمئنون لها لأنها تقوم على ضوابط فقهية وشرعية إسلامية.
وقال بلاجي، خلال حلوله ضيفا على برنامج 'نبض العمق'، يبث مساء اليوم الجمعة على منصات 'العمق المغربي'، إن 'البنوك التقليدية لا تعتمد كليًا على الفوائد كمصدر للأموال بل تمتلك أصولا كثيرة ومتنوعة فضلا إلى جانب ودائع العملاء التي تعتبر المصدر الأول لمعاملاتها المالية حيث تمثل، وفق تعبيره، 90% من الموجودات المالية النقدية التي تتعامل بها البنوك سواء تقليدية أو تشاركية، مبرزا أن 'الإنسان يطمئن للبنوك التشاركية لأنه يبحث عن المعاملات المالية المنضبطة بضوابط الشرعية وأن تكون مسيجة ومحمية وهو أمر متوفر في هذه التجربة'، على حد قوله.
وردا على ارتهان البنوك التشاركية إلى الاستثمار الذي ليست فيه مخاطرة وبحثها عن الربح المضمون وسقوطها في الربا بطريقة مغايرة، أوضح المتحدث ذاته: 'في الفقه الإسلامي الثمن مرتبط بالزمن شريطة ألا يكون هناك بيع للمال أو للنقد، لذلك فالبنوك التشاركية تعتمد على البيع بثمن مؤجل وهو أمر جائز شرعا عند جميع المذاهب الفقهية فالقيم المالية القيم هي التي تمنع الشريعة من التداول فيها وبيعها فكل بيع لها بزيادة هو ربا، لأن هناك قاعدة فقهية تقول إن الزمن له مقابل في الثمن'.
وأضاف: 'البنوك التشاركية لا تبحث عن الربح السريع بل بالعكس فإن بطيء، وهذا الأمر ليس في المغرب فقط ولكن البنوك الإسلامية في العالم كلها تركز على المرابحة لأسباب عديدة منها أن نسبة المخاطرة فيها ضئيلة كما أن معظم الأطر العاملة في البنوك التشاركية في المغرب أو البنوك الإسلامية في العالم كانت تشتغل في البنوك التقليدية'.
وعن الفرق بين البنوك التشاركية والتقليدية، أوضح بلاجي: 'وفقًا للقانون البنكي المغربي، تقدم البنوك التشاركية والبنوك التقليدية خدمات ومنتجات مالية متشابهة في بعض الجوانب، فكلاهما يقدمان 17 خدمة مصرفية، مثل فتح الحسابات، تقديم دفاتر الشيكات، صرف العملات، وإصدار البطاقات البنكية. لكن الاختلاف الجوهري يكمن في طريقة تسعير هذه الخدمات.
وزاد موضحا: 'فبينما تحدد البنوك التقليدية أسعارها بشكل تقديري، تُلزم البنوك التشاركية بتحديد تكلفة الخدمات بناءً على السعر الفعلي والحقيقي، وفقًا لقرارات اللجنة الشرعية، وأي تجاوز للسعر الفعلي يعرض البنك التشاركي للمساءلة القانونية، أما المنتجات، فالبنوك التشاركية تتميز بتقديم منتجات رئيسية منصوص عليها في المادة 58 من القانون البنكي، من بينها المرابحة، الإجارة، المشاركة، المضاربة، إضافة إلى الودائع الاستثمارية، بالمقابل، تعتمد البنوك التقليدية على منتج رئيسي واحد وهو القرض بفائدة'.
عراقيل وتحديات
وبخصوص ضعف الإقبال على البنوك التشاركية في المغرب، أوضح بلاجي: 'البيئة غير مشجعة، لأن وجود إطار قانوني وتوجه اقتصادي ليبرالي رأسمالي يؤدي إلى ظهور عراقيل وصعوبات تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة بسهولة، ويمكن أن نلاحظ تأثير البيئة القانونية والمناخ الاقتصادي على معاملات البنوك التشاركية من خلال تجربة معرض السيارات الدولي بالدار البيضاء'.
وأضاف: 'جميع البنوك، بما في ذلك التشاركية، كانت حاضرة لتسهيل شراء السيارات، لكن البنوك التشاركية واجهت عائقًا قانونيًا يعود إلى مرسوم قديم من عشرينيات القرن الماضي. ينص المرسوم على أن السيارة تظل مملوكة للبنك حتى يسدد الزبون جميع الأقساط، وهو ما يتعارض مع الفقه الإسلامي الذي يعتبر السيارة ملكا للزبون حتى إذا لم يكمل السداد'.
وزاد قائلا: 'هذا الوضع استدعى تدخلا عاجلا لتعديل المرسوم خلال فترة قصيرة من عمر المعرض بالمجلس الحكومي، مما مكن البنوك التشاركية من الاستفادة لثلاثة أيام فقط، مقارنة بالبنوك الأخرى التي استفادت من كامل فترة المعرض'، كما تظهر عراقيل أخرى مثل حالة الفلاحين المغاربة الذين يتعاملون مع البنوك التشاركية، فبينما تعفي المراسيم الفلاحين من الضرائب عند تعاملهم مع البنوك التقليدية، يجد الفلاح الذي يتعامل مع البنوك التشاركية نفسه مضطرًا لدفع هذه الضرائب، مما يبرز وجود فجوات في المنظومة القانونية التي تعيق تكافؤ الفرص والمنافسة'.