اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٦ نيسان ٢٠٢٥
سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في رأيه حول مشروع قانون المسطرة الجنائية قصورا في التدابير المقترحة لدعم وتعويض ضحايا الجرائم، رغم التنصيص على العناية بهم وحمايتهم كأحد مرتكزات القانون.
وأشار المجلس ضمن تقريره الذي اطلعت عليه 'العمق' إلى أن إحداث خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم وتعزيز دور مكاتب المساعدة الاجتماعية، وهي آليات إيجابية، تقتصر على فئة النساء والأطفال دون غيرهم من الضحايا.
كما عبر عن تساؤله حول مدى قدرة هذه الآليات على الاستجابة للتحديات الواقعية في ظل محدودية الموارد البشرية والمادية في المحاكم، خاصة مع تعدد المهام الموكلة لمكاتب المساعدة الاجتماعية وضعف التنزيل الفعلي لأدوارها على أرض الواقع.
واقترح المجلس، لسد هذا الخصاص، التنصيص على إمكانية الاستعانة بجمعيات متخصصة من المجتمع المدني في هذا المجال.
من جهة أخرى، انتقد المجلس اقتصار مشروع القانون على تمكين الضحايا من التعويض في إطار الدعوى المدنية، معتبرا أنه لا يقدم أي إجراء أو آلية واضحة لتمكينهم من مساعدات لتغطية نفقات العلاج والتأهيل الطبي، أو دعم لمواجهة التكاليف المتعلقة بإصلاح الضرر الناجم عن الجريمة، أو تعويض عن فقدان الدخل، على غرار ما هو معمول به في عدد من التجارب الدولية.
واستعرض المجلس نماذج من التجارب الدولية في مجال تعويض الضحايا، مشيراً إلى وجود صناديق تعويض في دول مثل فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تقدم مساعدة مالية للضحايا لتجاوز العواقب المادية أو الجسدية أو النفسية الناتجة عن تعرضهم للجريمة، وغالباً ما تكون إجراءات اللجوء إليها مستقلة عن الإجراءات القضائية.
ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى التفكير في إحداث آليات مماثلة في المغرب لضمان تعويض شامل وفعال لجميع ضحايا الجرائم، بما يساهم في جبر الضرر وتحقيق العدالة الشاملة.
في سياق آخر، نبّه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أن التدابير القانونية المتعلقة بعقل الأملاك في قانون المسطرة الجنائية، رغم أهميتها في سياق الجرائم الماسّة بحق الملكية العقارية، قد لا تراعي الآثار الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة الناجمة عن تجميد هذه الأملاك، خاصة إذا كانت تؤوي أنشطة اقتصادية وتوفر فرص عمل أو تمثل مصدر عيش لأفراد ليسوا طرفا في الجريمة.
وأوضح المجلس، أن القانون الحالي يسمح لوكيل الملك وقاضي التحقيق والمحكمة بإصدار أمر بعقل العقارات في الجرائم المتعلقة بالملكية العقارية، بينما يشترط على الوكيل العام للملك التقدم بطلب إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف لإصدار هذا الأمر.
كما يتيح القانون للمحكمة في المسطرة الغيابية عقل كافة أملاك المتهم (منقولة وغير منقولة) طيلة مدة التحقيق الغيابي، وتبقى هذه الأملاك تحت العقل في حال إدانة المتهم المتغيب، بغض النظر عن نوع الإدانة، مما يمنع التصرف في العقار طيلة سريان مفعول الأمر.
وعلى الرغم من أن مشروع القانون رقم 03.23 حافظ على سلطة قاضي التحقيق والمحكمة في إصدار أمر بعقل العقار في الجرائم الماسّة بالملكية العقارية، وقيد سلطة وكيل الملك بإلزامه بتقديم طلب لرئيس المحكمة الابتدائية لإصدار الأمر في إطار الأوامر المبنية على طلب، إلا أن المجلس الاقتصادي سجل غياب تدابير من شأنها صون الأنشطة الاقتصادية ومناصب الشغل التي قد تؤويها الأملاك المصادرة، حتى لو لم يكن لها دخل بالجريمة. كما انتقد عدم تنصيص القانون على إجراءات تضمن موارد عيش الأفراد الذين هم في دائرة المتهم والذين قد يتضررون من تجميد الأصول.
وأشار المجلس إلى أن العديد من التشريعات المقارنة (في فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وغيرها) تضع آليات تهدف إلى الحد من العواقب السلبية لعقل الأملاك على الأنشطة الاقتصادية القانونية. وتقوم هذه المقاربة على إعمال مبدأ التناسب والضرورة وتعزيز الضمانات الإجرائية لمنع تأثر الأصول الأساسية للنشاط الاقتصادي بالإجراءات الجنائية.
في هذا السياق، اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن ينص القانون، وفق شروط واضحة، على أن تتم إجراءات الحجز أو العقل بين يدي الشخص المعني بتدبير الوحدة الاقتصادية المعنية، أو بين يدي مؤسسة يمكن أن تسهر على تدبير النشاط بشكل يضمن استمراريته ويحمي حقوق الأطراف المعنية، بما يوازن بين متطلبات العدالة والحفاظ على النسيج الاقتصادي والاجتماعي.