اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
شدد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على أن غاية المشرع من إحداث العقوبات البديلة تدعو إلى تخصيصها كبديل للعقوبات الحبسية، معتبرا أنه 'لا فائدة تُرجى منها إذا تم الحكم بها على أشخاص لم يكونوا معرضين أصلاً لعقوبة سالبة للحرية'.
وأكد عبد النباوي، في كلمة له خلال افتتاح اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة المنظمة من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا ، صباح الأربعاء بالرباط، أن 'غاية المشرع من إحداث العقوبات البديلة تدعو إلى تخصيصها كبديل للعقوبات الحبسية، معتبرا أنه 'لا فائدة تُرجى منها إذا تم الحكم بها على أشخاص لم يكونوا معرضين أصلاً لعقوبة سالبة للحرية'.
وقال المتحدث ذاته: 'إذ كان القضاة مطالبين وفقاً لمنظور النص الجديد، بالحكم بهذه العقوبات كبديل لعقوبة الحبس التي يرون ضرورة الحكم بها، فإنَّهُم مطالبون كذلك بتطبيق العقوبة البديلة المناسبة لكل حالة، حتى تحقق الردع المتوخى منها، كما أن نجاح تطبيق هذه العقوبات، يتطلب انخراط المجتمع في الموضوع عن طريق قبوله باستبدال العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة المستحدثة، ففلسفة المشرع من سَنِّ هذه العقوبات ترمي إلى إحلالها محل عقوبة الحبس، التي يجب أن تُتْرَكَ للحالات التي لا تنفع فيها عقوبة بديلة'.
وذكر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن 'تقييم التشريع الجديد يتطلب منح فترة من الزمن، تكون كافية بتجربة تطبيقه، واكتساب الخبرة اللازمة، وإجراء الدراسات الملائمة للإحاطة بمكامن القوة وجوانب الضعف في النص القانوني، وكذلك في كيفية تطبيقه'، ملفتا أنها 'مهمة سيكون المجلس الأعلى للسلطة القضائية من بين السلطات والجهات المعنية بتتبعها واستخلاص العبرة منها'.
وأبرز المتحدث ذاته أنه 'إذا كان دور السلطة القضائية في تنفيذ القانون الجديد سينطلق ابتداء من ثامن غشت القادم، فإن السلطة القضائية والقطاعات الحكومية المعنية مباشرة، وهي وزارة العدل والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تعمل في المرحلة الحالية على تهيئ القضاة وأطر كتابة الضبط والأطر السجنية لحسن تطبيق القانون الجديد'.
وأشار إلى أن 'العقوبة ظلت على مدار الزمن محل نقاش المجتمعات وتطور الغرض منها عبر الزمن ليصبح المراد منها في هذا العصر هو إصلاح سلوك المحكوم عليه، ليتلاءم مع السلوك العام للمجتمع'، مسجلا أن 'العقوبة السالبة للحرية، قد أضحت فرصة سانحة للمجتمع لإعادة تربية أفراده الجانحين. ولذلك اجتهدت الإنسانية خلال العقود السالفة، ولاسيما بعد الحرب الكونية الثانية، لأنسنة السجون وجعلها بمثابة مدارس لتقويم سلوك الأفراد الذين أخطأوا في حق مجتمعاتهم'.
'وإذا كانت السجون قد أفلحت إلى حد ما في الوفاء لهذه الفلسفة، يضيف عبد النباوي، فإن غلاء كلفتها، وازدياد إكراهاتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية، أدى إلى ضعف نتائجها، بحيث أصبحت إكراهات الاكتظاظ، ونقص التأطير وارتفاع كلفة العيش، وتعقد شروط الحراسة والمراقبة، عوامل تحد من نجاح المؤسسات السجنية في تحقيق الغاية الإصلاحية المرجوة منها'، وفق تعبيره.
ولفت الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن 'المجتمعات انتقلت للبحث عن حلول أخرى لتجاوز إكراهات العقوبة السالبة للحرية، وها هو التشريع المغربي يلتحق بركب التشريعات الحديثة التي تبنت نظام العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية. ويتعلق الأمر بعقوبات تنفذ خارج الفضاءات السجنية المغلقة، أي في فضاء مفتوح، وفي أجواء تحافظ إلى حد كبير على النمط العادي للحياة للفرد المحكوم عليه'.
وحسب عبد النباوي، فإن الدراسات والمتابعة المستمرة للنتائج المحصل عليها من تطبيق العقوبات البديلة، أكدت أن النتائج المحصل عليها من هذه الأخيرة أجود من النتائج التي حققها تطبيق العقوبات الحبسية، حيث تجلى ذلك في انخفاض نسبة العود إلى الإجرام بين الذين خضعوا لعقوبات بديلة، مقارنة مع الذين نفذوا عقوبات سالبة للحرية. كما تبين أن العقوبات الاجتماعية أكثر فائدة بالنسبة لبعض حالات الإجرام المرتبطة بقضايا الإدمان، حيث تبين بوضوح تَحرُّر نسب أكبر من الإدمان على المخدرات أو الكحول من بين الذين خضعوا لحلقات علاجية، مقارنة مع من طبقت في حقهم عقوبات سالبة للحرية، وفق تعبيره.
كما أكدت الدراسات المقارنة، وفق تعبيره، أن العقوبات البديلة أقل كلفة للمجتمع من العقوبات السالبة للحرية. وقد تنقص الكلفة بالنسبة لبعض الحالات لغاية عشرة أضعاف. بل إن بعض العقوبات البديلة تكون مربحة للمجتمع، ولا تكلف دافعي الضرائب نفقات مثل الغرامة اليومية'.