اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
879 حادثة خلال 9 أشهر استهدفت مؤسسات عمومية ومراقبون يشيرون إلى تحديات تنظيم كأس العالم 2030
أظهرت معطيات رسمية حديثة للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، تنامي الهجمات السيبرانية التي تستهدف المغرب خلال الأشهر الأخيرة، إذ كشفت إحصاءات المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني عن الإبلاغ بـ879 حادثة سيبرانية في الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) من العام الحالي، استلزم 109 منها تدخلاً مباشراً من لدن مصالح المؤسسة الحكومية.
الوزير المكلف إدارة الدفاع الوطني عبداللطيف لوديي قال خلال تقديم مشروع موازنة الدفاع الوطني في مجلس النواب، إنه جرى خلال الفترة الزمنية نفسها تقييم وفحص 76 تطبيقاً إلكترونياً تابعاً للمؤسسات العمومية والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية.
وتبعاً للمسؤول نفسه، رصدت هذه العمليات ثغرات أمنية حرجة في 20 تطبيقاً، كما أن مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية أصدر خلال عام 2025، ما يناهز 511 نشرة أمنية، من ضمنها 248 نشرة ذات طبيعة حرجة.
وفي سياق ذي صلة سبق لـ'نتسكاوت سيستمز' NETSCOUT SYSTEMS، وهي شركة أميركية متخصصة في حلول مراقبة أداء الشبكة والأمن السيبراني في مواجهة التهديدات الإلكترونية، أن صنفت المغرب كثاني دولة في القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا، ضمن قائمة الدول الأكثر استهدافاً للتهديدات السيبرانية.
وجاء في بيانات هذه الشركة أن المغرب تعرض خلال نصف عام فقط لأزيد من 75 ألف هجوم سيبراني DDoS، وهو هجوم إلكتروني يروم حجب موقع ويب أو خدمة عبر الإنترنت وجعلها غير متاحة، بينما تعرضت جنوب أفريقيا لأكثر من 213 ألف هجوم سيبراني.
وأوردت بيانات الشركة الأميركية المتخصصة في الأمن السيبراني أن 'قطاعي الاتصالات السلكية واللاسلكية والبحث والتطوير هما أكثر القطاعات التي تعرضت للهجمات السيبرانية في المغرب'.
يرى مراقبون أن تصاعد منحى الهجمات السيبرانية باستهداف بعض المؤسسات العمومية والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية، يروم إلى التشكيك في نجاعة الأمن السيبراني لهذه المؤسسات، وأيضاً النفخ في مظاهر السخط الاجتماعي، كما تظل المعطيات الصحية الهدف الأكثر تفضيلاً لدى مدبري تلك الهجمات.
في هذا الصدد يقول الباحث في الأمن الرقمي سمير بوقرحة إن الهجمات السيبرانية التي باتت تستهدف بصورة لافتة ومكثفة المغرب ومواقع مؤسساته الحكومية والرسمية وغيرها، تأتي غالباً من جهات لا يروقها التطور الذي تشهده المملكة على كثير من الأصعدة، أو من جهات تبحث عن بث البلبلة داخل المجتمع.
وأكمل أن هذه الهجمات السيبرانية كانت تستهدف المغرب منذ مدة طويلة، سواء ضد الكيانات والمؤسسات أو الأشخاص، لكنها تنامت في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد إعلان احتضان البلاد لكأس العالم 2030، وهو حدث عالمي جعل الأعين مسلطة على المملكة.
من جانبه أفاد الباحث المغربي محمد شقير بأن 'هذه الهجمات تدخل في إطار حرب سيبرانية خاصة مع دول تعيش توتراً سياسياً مع المملكة'، وأوضح أن 'الهجمات التي استهدفت بالأخص مؤسسات عمومية وبيانات شخصيات سياسية بارزة، كان الغرض منها، ليس فقط التشكيك في فاعلية الأمن السيبراني لهذه المؤسسات، بل خلق بلبلة داخل المملكة والنفخ في مظاهر السخط الاجتماعي'.
وتابع أنه 'إضافة إلى ذلك، فإن هذه الهجمات تهدف إلى المس بسمعة المغرب، بخاصة أن المملكة تعرف صعوداً مطّرداً على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال إظهار قصور أجهزة الحماية الرقمية والسيبرانية للمؤسسات العمومية والاقتصادية الحساسة'.
بدورها ترى السلطات الحكومية المغربية، ممثلة بالوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة إدارة الدفاع، أن 'أكثر القطاعات تعرضاً للهجمات السيبرانية هو القطاع الصحي'، وشدد رئيس الحكومة عزيز أخنوش في تصريحات له على أن 'التصعيد غير الأخلاقي للهجمات الإلكترونية يدفع المغرب إلى التفكير الجدي في آليات أكثر صلابة لحماية المنظومة المعلوماتية'.
ويقول المتخصص في الرقمنة ومؤلف كتاب 'في السيادة الرقمية' يحيى اليحياوي إن الحروب المقبلة ستكون سيبرانية بامتياز، فالاقتصاد الجديد اقتصاد رقمي في كل مفاصله، والمعطيات الضخمة هي مادته الأولية، موضحاً أن كل بلدان العالم تتجه إلى الاندماج في هذا الاقتصاد من خلال إقامة اقتصاد شبكي وأفقي وتفاعلي ومهيكل لكل القطاعات، لذلك فكلما كانت ثمة نزاعات صارت الاستهدافات السيبرانية جزءاً أساساً فيها.
وشرح أن المغرب بحكم موقعه الجغرافي عرضة لهذه الضربات، وستزداد في أفق تنظيمه لكأس أفريقيا بعد شهر من الآن، ثم كأس العالم عام 2030، فخلال أقل من نصف عام تعرض البلد لأكثر من 75 ألف هجمة سيبرانية من جهات مختلفة، وكان القصد منها اختراق مواقع ومنصات بغرض الحصول على معطيات حساسة.
وأكمل اليحياوي أن 'الجهة الموكل إليها أمر التصدي لهذه الهجمات هي المديرية العامة لأمن المعلومات التابعة للقوات المسلحة مباشرة، إذ أنشئت لحماية نظم المعلومات الوطنية والبنى التحتية، ولا سيما ذات الطبيعة الاستراتيجية'.
ولفت إلى أنها مؤسسة تتوافر على الإمكانات والكفاءات الكافية لعملية التصدي هذه، إذ تفحص التطبيقات وتعمل على تحليل أسماء النطاقات المرتبطة بالإنترنت، فتخبر الجهات المستهدفة بالثغرات وبنقاط ضعف بنيتها أو ما وضعته من تطبيقات، ثم تواكبها في ترصد الأخطار المحتملة.
ولاحظ اليحياوي أن 'دور هذه المؤسسة المركزية، وإن كان ضرورياً، فهو غير كافٍ، إذ لا يمكن ضمان مستوى معين من اليقظة إذا لم يكن ثمة إلمام بالحركية التكنولوجية الجارية والحيل المبتكرة التي يضعها الـ’هاكرز‘ أو المخترقون'، مردفاً أنها 'سياسة وضعت من باب رد الفعل وليس الفعل، ثم إنها لا تعالج الأمور بطريقة استباقية، بل بأدوات وقائية خالصة تركز على التداعيات'.



































