اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٠ أذار ٢٠٢٥
أقرت وكالة التنمية الفلاحية بعجزها، حتى الآن، عن إيجاد حل نهائي لملف مئات العمال المتضررين من فشل الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في الضيعات التابعة للشركتين العموميتين 'صوديا' و'صوجيطا'، إذ يواجه هؤلاء العمال خطر التشرد، حيث لم يتلقَّ بعضهم أجورهم منذ سنوات، فضلا عن حرمانهم من التغطية الصحية والتعويضات العائلية.
واعترفت الوكالة، في توضيح لها بشأن مقال نشرته جريدة 'العمق' تحت عنوان 'تجويع عمال الضيعات واستغلال أملاك الدولة.. اختلالات تهز وكالة التنمية الفلاحية'، بوجود مشاكل اجتماعية عالقة، مشيرة إلى أنها تواصل الحوار مع النقابات الممثلة للعمال والمستثمرين، وأنها أنشأت مصلحة خاصة للتواصل بغية إيجاد حلول.
وأضافت الوكالة، في التوضيح الذي توصلت به جريدة 'العمق'، أنها تعقد اجتماعات دورية لحل الإشكالات الاجتماعية، إلى جانب اجتماعات اللجنة البين وزارية المكلفة بالشراكة، مؤكدة أنه تم حل بعض المشاكل، فيما لا تزال ملفات أخرى قيد المعالجة وفق المساطر المعمول بها.
تجدر الإشارة إلى أن الدولة أبرمت شراكات مع مستثمرين خواص عبر وكالة التنمية الفلاحية، من خلال عقود كراء طويلة الأمد (بين 17 و40 سنة حسب طبيعة المشروع)، بهدف تثمين تلك الأراضي الفلاحية والمساهمة في خلق فرص شغل بالعالم القروي.
رأي المحرر
حاولت الوكالة في توضيحها نفي ما ورد في مقال جريدة 'العمق'، لكنها لم تقدم تفنيدا واضحا للمعطيات، مكتفية بوصفها بـ'الخطيرة جدا' و'اتهامات' و'ادعاءات'، قبل أن تعود لتعترف بوجود مشاكل اجتماعية مرتبطة بعمال الضيعات، وهو ما يؤكد صحة جوهر المقال.
وإذا كانت المعلومات التي نشرتها جريدة 'العمق' غير دقيقة، كما تزعم الوكالة، فلماذا الحاجة إلى عقد اجتماعات اللجنة البين وزارية، وإنشاء مصلحة للوساطة والتنسيق مع النقابات والمستثمرين، والبحث عن حلول للمشاكل الاجتماعية التي تواجه هؤلاء العمال؟
وفي الوقت الذي تتهم فيه الوكالة المقال بـ'التلويح بادعاءات وتهم دون دليل ملموس'، فإنها لم تقدم في المقابل أي أدلة أو معطيات مضادة تفند ما نُشر، كما لم تحدد أي معلومة مغلوطة بشكل صريح، رغم أن الجريدة استندت إلى مصادر نقابية تمثل العمال المتضررين.
من جهة أخرى، حاول التوضيح إلقاء المسؤولية على اللجنة البين وزارية، التي تضم وكالة التنمية الفلاحية، ومديرية الشؤون القروية التابعة لوزارة الداخلية، ومديرية أملاك الدولة التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات التابعة لوزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي.
لكن بالعودة إلى القانون 42.08 المنظم لوكالة التنمية الفلاحية، نجد أن من بين مهامها 'تشجيع الاستثمار الفلاحي وتفعيل الشراكات مع المستثمرين'، وهو ما يطرح تساؤلا مشروعا: 'أليس من صميم مسؤولياتها أيضًا مراقبة سير هذه الشراكات وضمان التزام المستثمرين ببنود التعاقدات المبرمة مع الدولة؟'.
إن تهافت مدير وكالة التنمية الفلاحية على نفي ما ورد في مقال جريدة 'العمق' دون تقديم تفنيد دقيق أو معطيات مضادة، يكشف عن ارتباك واضح في التعامل مع هذا الملف الاجتماعي البسيط. فبدلا من تقديم توضيحات شفافة ومدعمة بالأدلة، اكتفت الوكالة باستخدام عبارات عامة مثل 'ادعاءات' و'اتهامات'، دون أن تحدد بشكل واضح أي معلومة غير صحيحة وردت في المقال.
هذا الأسلوب في التعاطي مع القضية يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى التزام الوكالة بواجبها في حماية حقوق العمال وضمان وفاء المستثمرين بالتزاماتهم التعاقدية. فالتقارير النقابية والشهادات الميدانية تؤكد استمرار معاناة هؤلاء العمال، مما يجعل نفي الوكالة أقرب إلى محاولة لاحتواء الجدل الإعلامي بدلا من البحث عن حلول فعلية.
وما يزيد من غرابة تصرفات الوكالة، أن مديرها اختار إرسال التوضيح عبر مفوض قضائي بواسطة محامي الوكالة، (الذي هو بالمناسبة رجل سياسية)، بدلا من توجيهه مباشرة إلى البريد الالكتروني للجريدة المعروف. وهو ما يُكبّد ميزانية الدولة تكاليف مالية غير مبررة، ما يثير شكوكا حول نوايا المدير، إذ يبدو أنه يسعى إلى ترهيب الجريدة والتضييق على حرية الصحافة، بدلا من فتح النقاش والمساءلة بشفافية.
وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال الأهم؛ 'هل ستتخذ الجهات الوصية، ونقصد هنا وزارة الفلاحة، إجراءات حازمة لضمان حقوق هؤلاء العمال، أم أن هذا الملف سيظل رهين التصريحات المتضاربة والتبريرات غير المقنعة؟'.