البقالي: لم أحلم يوما بالصحافة.. والمرض نقلني من الهندسة لمهنة المتاعب

كشف مراسل قناة الجزيرة في أوروبا، محمد البقالي خلال استضافته في برنامج 'نبض العمق'، عن بداياته في عالم الصحافة ومساره المهني الذي اتسم بالعديد من المنعطفات غير المتوقعة، مؤكدا أن دخوله هذا الميدان لم يكن خيارا مخططا له في البداية، بل فرضته ظروف خاصة وتطورات غير متوقعة.

وأوضح البقالي خلال حلقة هذا السبوع التي بثت مساء اليوم السبت أنه قبل التحاقه بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط صحافة بالرباط ، لم يكن يمتلك أدنى فكرة عن طبيعة وهذه المهنة أو كيفية امتهانها، ولم يكن يحلم بأن يصبح صحفيا، بل كان تخصصه الدراسي هو العلوم الرياضية، وكان يتجه نحو مسارات أكاديمية ومهنية مرتبطة بهذا المجال العلمي.

وقال مراسل قناة الجزيرة القطرية بعدد من العواصم الأوروبية: 'علاقتي بالصحافة بدأت عندما دخلت المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، وقبل هذا التاريخ لم أكن أحلم بأن أصيرا صحافيا ولم أكن أعرف كيف يمكن أن يصبح الإنسان صحافيا ولم أكن أرغب في أن أكون صحافيا بالمرة'.

وتابع البقالي: 'بكل بساطة لم أكن أعرف أن هناك مهنة تدرس وبعد ذلك يصبح المرء صحافيا، خاصة أن تخصصي كان في العلوم الرياضية وطبعا يعني أن التوجه العام الذي كنت جزءا منه في تلك العقبة هو مرتبط بمسار الرياضيات والعلوم.'

التحول الكبير في مسار البقالي جاء في سنته الأولى المدرسة الوطنية للهندسة التطبيقية، أصيبت بمرض السل ما استدعى مكوثه لفترة في المستشفى. ورغم نجاحه في تلك السنة، إلا أن التجربة ألزمته نفسيا باتخاذ قرار بعدم العودة لتلك المدرسة، بناء على ما أشار إليه الأطباء بأن البيئة المحيطة قد تكون سببا في مرضه.

على إثر هذا القرار، بدأ البقالي البحث عن مؤسسة تعليمية أخرى، وتقدم للالتحاق بالمعهد العالي للإعلام والاتصال (ISIC) في الرباط. المفارقة، كما يروي البقالي، أنه لم يكن يعلم حينها أن المعهد مخصص لتكوين الصحفيين، وكان يعتقد أنه للإعلاميات، معترفا بأن هذا قد يبدو غريبا اليوم في عصر سهولة الوصول للمعلومة، لكنه كان واقع الحال في تلك الفترة.

ويشير البقالي إلى أنه بعد اكتشافه طبيعة المعهد وتخصصه في الصحافة، قرر في البداية عدم إكمال دراسته فيه. لكن التدريب الإجباري الذي خاضه في السنة الأولى، والذي كان في الإذاعة، شكل نقطة تحول حاسمة. وصف هذا التدريب بأنه كان 'جيدا جدا'، وشعر خلاله بتشجيع كبير من الصحفيين الذين بدأوا في استخدام وتحرير نصوصه وبثها. في هذه المرحلة، بدأت ممارسة المهنة نفسها تجذبه، ووصف الصحافة بأنها 'مهنة جيدة، لطيفة، جميلة وفيها شغف'.

رغم الإيجابية التي اكتشفها في مهنة المتعاب، أقر البقالي بأنه ظل مترددا وغير متأكد من صواب اختياره حتى سنته الأخيرة في المعهد، واصفا الانتقال من تخصصه العلمي السابق في العلوم الرياضية والهندسة إلى الصحافة بأنه كان 'تحولا قصريا' وشاقا بالنسبة له، لعدم جاهزيته الكاملة وعدم معرفته الدقيقة بمتطلبات المهنة في البداية.

ومع مرور السنوات واكتساب الخبرة والتدريب الميداني خاصة بالإذاعة الوطنية ، توصل إلى قناعة بأن الصحافة مهنة 'تستحق العيش وتحمل كرسالة'، بل إنه لو عاد به الزمن اليوم بعد مسيرة تقارب 25 عاما، قد يختارها كمسار مهني منذ البداية، معتبرا أن دخوله إليها كان في نهاية المطاف 'قدرا جميلا'.

كما تطرق البقالي إلى تجربته الطلابية في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، مسلطا الضوء على الجانب النضالي والسياسي الذي كان حاضرا بقوة لدى طلبة ذلك الجيل. وأكد أن تلك الفترة كانت مهمة لتكوين وصقل شخصيته، حيث شارك في تأسيس جمعية للطلاب، وذكر كيف كانوا يمارسون ضغطا على إدارة المعهد، مستذكرا اضراباتهم التي خاضوها وطلبهم لقاء وزير الثقافة آنذاك الراحل محمد العربي المساري مباشرة بدل المدير، في دلالة على جرأة الساحة الطلابية في تلك الفترة والأجواء النضالية التي شكلت جانبا مهما من تجربته التكوينية.

وأشارالبقالي وهو أستاذ زائر بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، إلى أن هذا التكوين المتنوع، بما في ذلك تخصصه اللاحق في السوسيولوجيا والعلاقات الدولية، ساهم في صقل رؤيته ومنطقه التفكيري.