اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
شهدت منطقة عروست التابعة لجماعة سبت آيت رحو بإقليم خنيفرة حادثا أثار جدلا واسعا في الرأي العام، عقب تداول مقاطع فيديو وشهادات محلية تتعلق بالواقعة التي جرت في مؤسسة 'دار التلميذ القروي'. وقد تباينت الروايات بشأن الحادث بين رواية أولية انتشرت سريعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأخرى كشفت معطيات جديدة أظهرت تفاصيل مغايرة للواقعة التي حدثت داخل مطبخ المؤسسة.
وحسب ما أظهرته المقاطع المصورة، دخول الأستاذة المعنية المؤسسة بشكل مفاجئ رفقة بعض أفراد أسرتها، دون تنسيق مسبق مع إدارة الجمعية المشرفة على المؤسسة. وبمجرد وصولها إلى المطبخ، وهو فضاء لا تربطها به صلة رسمية، نشب احتكاك بينها وبين العاملات، تطور إلى نقاش حاد ومشادات كلامية، وفقا لتصريح إدارة الجمعية.
وفي ظل تصاعد التوتر، تدخلت والدة الأستاذة لمحاولة تهدئة الموقف، غير أنها، كما تظهر المقاطع المصورة، فقدت توازنها وسقطت أرضا نتيجة انزلاقها فوق أرضية مبللة بسبب أعمال التنظيف. وقد تم توثيق السقوط بالصوت والصورة، دون أن تظهر التسجيلات أي مؤشرات على تعرضها لتعامل عنيف من طرف العاملات.
وفي مقاطع بالصوت والصورة على وسائل التواصل الاجتماعي أوضحت الأستاذة أنها كانت تعاني من مضايقات سابقة في سكنها الوظيفي، ما دفعها إلى تقديم شكاية إلى المصالح المعنية تحت إشراف النيابة العامة. وأضافت أن عائلتها انتقلت للعيش معها تفاديا لتلك المضايقات. أما بخصوص الحادث الأخير، فقد أكدت أنها كانت بحاجة إلى مياه صالحة للشرب، نظرا لعدم صلاحية المياه في سكنها. وعندما توجهت برفقة أسرتها إلى المؤسسة لطلب الماء، رفضت العاملة المتواجدة تلبية طلبها، مما أدى إلى وقوع الاشتباك. وأشارت إلى أنه تم نقلها وأفراد أسرتها إلى المستشفى الإقليمي بخنيفرة، حيث أصيبت والدتها بكسر في يدها استدعى تدخلا جراحيا عاجلا. واختتمت الأستاذة تصريحاتها بمناشدة السلطات للتدخل وإنصافها.
الصور التي وثقت الحادث أثارت تعاطفا واسعا لدى عدد من المتابعين، لا سيما بسبب المشهد المؤثر الذي أظهر سقوط الأستاذة ووالدتها وتلطخ ملابسهما بالماء والتراب، ما أضفى على الواقعة طابعا دراميا. غير أن البعض يرى أن دخول المؤسسة بشكل غير منظم ودون تنسيق مسبق يتنافى مع الضوابط التربوية وقواعد السلامة المهنية، مما يطرح تساؤلات حول كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف داخل المؤسسات التربوية.
من جهتها، أفادت مصادر تعليمية بأن الأستاذة تمر بظروف نفسية صعبة نتيجة توتر علاقاتها مع مختلف زملائها في العمل. وقد سبق لبعض الأطر التربوية أن وجهوا شكاية إلى المديرية الإقليمية للتعليم بخنيفرة، أشاروا فيها إلى تدهور الأجواء المهنية بالمؤسسة، ما قد يؤثر في سلوكها المهني وتفاعلها مع مواقف مشابهة.
أما في ما يتعلق بالتحقيقات، فقد أكدت مصادر أمنية أنها شرعت في الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية بخصوص مزاعم المضايقات التي تعرضت لها الأستاذة سابقا، غير أنها لم تعثر على أدلة مادية تثبت وجود تحريض أو اعتداء فعلي داخل سكنها الوظيفي. أما التحقيق في الحادث الأخير، الذي وقع يوم الأربعاء، فما زال متواصلا تحت إشراف مباشر من السيد وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر طبية أن الأستاذة تعاني من اضطرابات نفسية ومعرفية وسلوكية قد تؤثر على تفسيرها للأحداث من حولها. ووفقا لهذه المصادر، قد تكون هذه الاضطرابات سببا في اعتقادها بأنها تتعرض لمضايقات داخل سكنها، رغم وجود كاميرات مراقبة في المؤسسة التعليمية وسكنها الوظيفي المحاط بصور، فضلا عن وجود كاميرات في مكان وقوع الشجار، وحارس أمن خاص.
من جهتها، تعتزم المديرية الإقليمية للتعليم بخنيفرة إيفاد لجنة خاصة لتقصي الحقائق حول حيثيات هذا الحادث، والاطلاع عن كثب على ما جرى داخل مؤسسة دار التلميذ القروي. وتهدف هذه الخطوة إلى جمع المعطيات من مختلف الأطراف المعنية، وتقييم مدى احترام الضوابط التربوية والإدارية داخل المؤسسة، بما يسمح باتخاذ الإجراءات المناسبة وفقا للمسؤوليات والاختصاصات القانونية والتنظيمية المعمول بها في القطاع التربوي.
ليبقى هذا الحادث، الذي أثار نقاشات متعددة حول المسؤوليات والضوابط التربوية، محط اهتمام الجميع في انتظار نتائج التحقيقات الرسمية التي ستكشف عن تفاصيل إضافية وتحدد المساءلة القانونية. وفي الأثناء، يبقى من المهم التريث في إصدار الأحكام النهائية، والتأكيد على أن السلطات القضائية ستظل صاحبة الكلمة الأخيرة في تحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية لهذه الواقعة.