اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ شباط ٢٠٢٥
توقعت ورقة اقتصادية حول المبادلات الفلاحية بين المغرب وفرنسا أن مشاركة المغرب في المعرض الدولي للفلاحة بفرنسا أن تساهم هذه المشاركة في تعزيز المبادلات التجارية الفلاحية بين البلدين، حيث تشير التوقعات إلى أن الصادرات الفلاحية المغربية إلى فرنسا من المنتظر أن تشهد ارتفاعا بنسبة تتراوح بين 5% و10% خلال السنوات القليلة القادمة، مدفوعة بالطلب المتزايد على المنتجات المغربية في السوق الفرنسية والأوروبية عموما.
واعتبر المصدر ذاته أن مشاركة المغرب كضيف شرف في النسخة الحادية والستين من معرض باريس الدولي للفلاحة (من 22 فبراير إلى 2 مارس 2025) تأتي كفرصة مناسبة لترجمة هذا التعاون إلى إنجازات ملموسة، حيث يعد هذا الحدث، الذي يستقطب أكثر من 600 ألف زائر سنويا، منصة مثالية لعرض إمكانيات القطاع الفلاحي المغربي، سواء من حيث المنتجات التقليدية مثل زيت الأركان والحوامض، أو من خلال الابتكارات التي يقدمها في مواجهة التحديات البيئية.
وحسب الورقة المتعلقة بالمبادلات الفلاحية بين المغرب وفرنسا على ضوء مشاركة المغرب كضيف شرف بالمعرض الفلاحي الدولي في فرنسا، من إعداد رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، فإن قيمة المبادلات التجارية الإجمالية بين المغرب وفرنسا سنة 2023 بلغت حوالي 14 مليار يورو، وهو رقم يعكس الدينامية الاقتصادية بين البلدين.
وأوضح المصدر ذاته أن التقديرات تشير إلى تحقيق تحسن سنة 2024، تحسن بنسبة 0.9% في التجارة الخارجية، مع تركيز متزايد على القطاع الفلاحي، وفقا لتقارير اقتصادية متعددة، تظل فرنسا الشريك التجاري الأول في المجال الفلاحي للمغرب، حيث تستحوذ على حصة كبيرة من صادراته الفلاحية.
وأورد التقرير أن المغرب يعد موردا رئيسيا للمنتجات الفلاحية في السوق الفرنسية، خاصة الفواكه والخضروات، إذ تشير تقديرات نقابة المزارعين الفرنسيين إلى أن 69% من الطماطم المستهلكة في فرنسا خلال 2024 مصدرها المغرب، هذا الرقم يسلط الضوء على الاعتماد الكبير للسوق الفرنسية على الإنتاج المغربي.
وأضاف أن المغرب يصدر حوالي 600 ألف طن من الحوامض سنويا، وتستحوذ فرنسا على نسبة كبيرة من هذه الكمية تقدر بحوالي 20-25% من إجمالي الصادرات، وفقا لإحصائيات وزارة الفلاحة المغربية.
واعتبر الغنبوري ضمن ورقته، أن منتجات مثل زيت الأركان والزعفران تشهد طلبا متزايدا في فرنسا، حيث بلغت قيمة صادرات زيت الأركان وحده حوالي 50 مليون يورو في 2023، مع توقعات بارتفاعها في 2024-2025 بفضل الترويج في معارض مثل معرض باريس الدولي للفلاحة.
في المقابل، يستورد المغرب من فرنسا منتجات فلاحية وتجهيزات تساهم في تطوير القطاع الزراعي، ويعتمد المغرب في هذا السياق على فرنسا لتلبية جزء من احتياجاته من القمح اللين، حيث استورد حوالي 1.2 مليون طن في 2023، بقيمة تقارب 300 مليون يورو، وفقا لمكتب الصرف المغربي.
وأشار المصدر ذاته إلى أن فرنسا تزود المغرب بآلات وتكنولوجيا زراعية بقيمة تتجاوز 150 مليون يورو سنويا، مما يدعم تنفيذ استراتيجية 'الجيل الأخضر 2020-2030'.
وحسب رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، فإن فرنسا سجلت فائضا تجاريا مع المغرب في 2024 بقيمة تقدر بـ 2.5 مليار يورو على مستوى المبادلات الإجمالية، لكن في القطاع الفلاحي تحديدا، يميل التوازن لصالح المغرب بسبب حجم صادراته الكبير من المنتجات الطازجة، حيث يقدر العجز التجاري الفرنسي في قطاع الخضروات والفواكه مع المغرب بحوالي 500 مليون يورو سنويا.
وأكد التقرير ذاته أن التعاون الفلاحي بين المغرب وفرنسا يعد أحد أبرز محاور الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث يتجاوز التبادل التجاري التقليدي ليشمل مجالات الابتكار والاستدامة، وتعزز هذا التعاون خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب في أكتوبر 2024، والتي شهدت توقيع 22 اتفاقية، من بينها اتفاقيات تهم القطاع الفلاحي والغابوي، وتهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، وتحسين إدارة الموارد المائية، ودعم الزراعة المستدامة في مواجهة التغيرات المناخية.
وعلى الرغم من آفاقه الواعدة، يواجه التعاون الفلاحي المغربي الفرنسي تحديات تتطلب حلولا متوازنة، ومن أبرز هذه التحديات المنافسة المتزايدة بين المنتجات الفلاحية للبلدين، حيث تثير الصادرات المغربية، خاصة الطماطم والحوامض، قلق المزارعين الفرنسيين نظرا لأسعارها التنافسية، كما تفرض التغيرات المناخية تحديات مشتركة، إذ يواجه المغرب موجات جفاف متكررة، بينما تعاني فرنسا من تقلبات مناخية تؤثر على محاصيلها، مما يتطلب استراتيجيات تكيف مشترك.
وشددت الورقة الاقتصادية إلى إمكانية تحويل هذه التحديات إلى فرص عبر مشاريع مشتركة في التصنيع الغذائي، حيث يوفر المغرب المواد الخام، بينما تستفيد فرنسا من خبرتها في التحويل الصناعي لإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة، فيما يمكن للطرفين تطوير حلول مبتكرة في الزراعة المستدامة، مثل تحسين كفاءة استخدام المياه أو ابتكار تقنيات زراعية مقاومة للتغيرات المناخية.
وحسب رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، علاوة فإن المغرب يمكنه أن يصبح بوابة لتسويق المنتجات الفرنسية في إفريقيا، فيما تستفيد فرنسا من التجربة المغربية في الزراعة الصحراوية، وبهذا، لا يشكل التعاون الفلاحي بين البلدين مجرد شراكة اقتصادية، بل نموذجا لتكامل استراتيجي قادر على مواجهة تحديات الأمن الغذائي والتغيرات المناخية على نطاق أوسع.